نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أيّها العاطلون عن الحلم والحياة أما أتعبكم حملُ التوابيت؟ - هرم مصر, اليوم الخميس 11 سبتمبر 2025 10:06 صباحاً
هرم مصر - غادة المرّ
كصوت المغفرة في حقول سنابل القمح، كصلاة قيثارة في لحظات الصّمت، وكجنون الذنب في لحظات المغفرة. أيّ ذنب أقترفنا، أيّ خطيئة يالله؟ وكأنّه كتب علينا المعاناة وابتلينا ببشر، يشبهون كلّ شيء إلّا البشر. كيف يمكن أن نشرح للعالم أننّا ما عدنا نصلح لعيش المعاناة والمآسي وأننّا مستنزفون لدرجة البكاء والشفقة، ونحتاج لفسحة لا تنتهي من الأمان والسلام والحرّية لترميم ما دمّرته الحروب والوصايات المتخلّفة والمجرمة، في داخلنا، نحن شعب الحرف والازدهار والثقافة والحياة والموسيقى؟
لم يهزمنا لا احتلال ولا وصاية مقّنعُة لعقود، لقد أجبرونا على اعتياده وصبرنا على جروحنا على أمل…

بل هزمتنا المرَات التي حفرنا فيها الصخر وتقطّعت أوصالنا من التلويح للعالم الخارجيّ، أننّا تعبنا وعلى اليابسة نغرق، وعدنا من كفاحنا وحلمنا بالنجاة، عدنا مثقلين بالخيبة والانهيار.
لم نعد نصلح لتكرار هزائمنا المريرة والجلوس في زاوية الحلم، على قارعة الطريق، نبكي…
كلّت سواعدنا من حمل التوابيت وارتداء ثيابنا السّوداء.
كيف علّمونا أنّ الخير يغلب الشّر؟ وأن المجرم والإرهابيّ سيموت وينتصر البطل والوطن؟
تعبنا وتعبنا وتعبنا… وصلاتنا وصراخنا لامسا المجرّات والقمر، والشّر والأشرار ما زالوا على أعناق الوطن وصدورنا جاثمين لا يتزحزحون قيد أنملة. بئس هذه السلطة الفاسدة وبئس هذا الموقع الجغرافي اللّعين.
لم يعد هناك من حلّ سوى: أضرب عدّوك لا مفرّ وحاصر حصارك لا مفرّ. ونقطة على سطر هذه التّمثيليّةِ الهزليّة الفاقعة.
بعد انهيار نظام بشار الأسد في 2024 وسقوطه وزواله، بقي في لبنان صامداً وما زلنا نعاني ونعاني من فلوله وعملائه في الدّاخل كلعنة فرعونيّة لا تزول.
بعد رحيل النّظام في دمشق، زادت حدّة الصّراع التركيّ- الإسرائيلي حول من يهيمن على المنطقة ويفرض وجوده وشروطه. ما جعل، لبنان وسوريا في عين العاصفة وساحة تنافس على النّفوذ العسكريّ، السياسيّ و الاستراتيجيّ.
*الوضع في سوريا الشرع
١- أهداف تركيا:
تسعى أنقرة لتعزيز الاستقرار في سوريا وترسيخ السّيادة الوطنيّة تحت إشراف الحكومة الجديدة بقيادة أحمد الشّرع، عبر دعم المؤسسات العسكريّة وإعادة الإعمار، خصوصاً في الشمال السوريّ.
كما تهدف الى احتواء القوى الكرديّة التّي تعتبرها تهديداً داخليّاً (pkk /YPG).
تسعى تركيا لتوسيع نفوذها عبر وجود عسكريّ لها في سوريا، وعبر تنظيم إداريّ محليّ وحتّى لفرض اللّغة التركيّة وتوظيف عملتها في مناطق نفوذها.
٢-أهداف إسرائيل:
تسعى تل ابيب لخلق مناطق عازلة ( demilitarized zones)في جنوب سوريا، لحماية حدودها الشماليّة والمس بالواقع العسكريّ الَذي أنشأته أنقرة، خصوصاً ما يتعلّق ببناء قواعد جويّة او أي تواجد عسكريّ تركيّ قرب الجولان.
تحاول تل ابيب استغلال الانقسامات الطائفيّة والدينيّة، عبر تحالفات مع الأقليّات مثل الدروز والأكراد، لموازنة النفوذ التركيّ وتهديداته الأمنيّة.
تسعى أيضاً لإضعاف سوريا مركزيّاً بدلاً من أن تكون دولةً موحّدة وقويّة، ما قد يشكلّ تهديداً مباشراً لها، وتفضّل بقاء نفوذ السّلطة وسيادتها والدّولة المركزيّة محدودين.
٣- التصعيد والتّواصل:
شنّت إسرائيل غارات جوّية على مواقع عسكريّة سوريّة، وتلك التّي قد تستخدمها تركيا، موجهة رسالة صريحة برفضها السيطرة التركيّة العسكريّة القريبة من حدودها. ولعلّ الغارة الأخيرة شرق دمشق، كانت لمنع السلطة في سوريا من مصادرة معدّات متطورة للتجسس، مزروعة هناك ومموّهة، وكي لا تصادرها الحكومة.
كذلك أجرت إسرائيل محادثات تقنيّة في أذربيجان لتفادي وقوع اشتباكات عسكريَة، لكنّها لم تنجز اتّفاقاً نهائيّاً حتّى الآن. وقد حذّرت أنقرة من محاولات اسرائيليّة لتقويض سيطرة الحكومة السوريّة الجديدة وإضعاف نفوذها.
*الوضع في لبنان
تسعى تركيا لتعزيز علاقاتها مع لبنان للحدّ من نفوذ إيران و"حزب اللّه"، وتوسيع نفوذها في الدّاخل اللبنانيّ .
فيما تسعى إسرائيل، من جهة أخرى الضغط على لبنان لخفض سيطرة إيران، عبر سحب السّلاح من "حزب الله" وتقليص وجوده وسيطرته وتدمير ترسانته وبنيته العسكريّة وتجفيف منابع تمويله، والّذي تعتبره ملفاً أمنيّاً بالدرجة الأولى. كما تحاول عقد صفقة لقاء انسحابها من النقاط الخمس، في مقابل خطوات عمليّة وجادّة لنزع سلاح "حزب الله".
*تناقض الأهداف الجيو- سياسيّة:
لعلّ تناقض الأهداف الجيو- سياسيّة قد دفعت تركيا للسعي الحثيث، لاستعادة دورها الإقليميّ عبر دعم حكومة قويَة مركزيّاً في دمشق، والسعي لتأمين استثمارات إقتصاديّة- سياسيّة ونفوذ هناك.
فيما تفضّل إسرائيل أن تكون سوريا ضعيفة وحكمها لا يكون مركزيّاً، وتعمل على دعم فصائل وأقليّات مذهبيَة ودينيَة، مبقية البلاد مشلولة سياسياً. وقد أثبت هذه السياسة إضعافها للخصم.
ولعلّ الصراع هذا يشمل إيران وسعيها للعودة الى سوريا والاحتفاظ بأذرعها في لبنان والعراق واليمن.
*مخاطر عسكريّة وديبلوماسيّة:
أيقنت تل ابيب، أنّ الوجود التركيّ المتزايد في سوريا، يقلّص من حريَة المناورة الإسرائيليّة وينذر بتصادم عسكريّ مباشر. وقد لجأت لاعتماد طريقة الترهيب الجويّ لضمان أمنها، عبر الغارات الجويّة.
ورغم التوتر، يبدو أنّ كلا الطرفين يتجنّبان المواجهة المفتوحة، مستفيدين من وساطات أميركيّة وغربيّة لتجنّب التصعيد.
*الأبعاد الإضافيَة:
ناهيك بالصراع الشرس بين إيران وإسرائيل، و"حزب الله" هو طرف في النّزاع، فسقوط بشار ونظامه وانحسار نفوذ طهران، قطعت خطوط الإمداد للحزب، إذ بدأت الحكومة السوريّة بتفكيك معامل الكبتاغون وتلفها، ومصادرة مخازن السلاح وقطع طرق التهريب الى الحزب في لبنان، بفرضها رقابة مشدّدة على معابر التهريب والحدود.
ولا شك في أن الولايات المتّحدة الأميركيّة، تلعب دوراً أساسيّاً وفعّالاً كوسيط في المنطقة وخصوصاً بين لبنان وسوريا، وتل ابيب. وترعى خطّة نزع سلاح "حزب الله" وخفض التوتر اللبنانيّ - الإسرائيليّ.
الصراع التركيّ - الإسرائيليّ- الإيرانيّ من خلفه روسيا والصّين وواشنطن و دول الغرب ولاسيما منها فرنسا، هو صراع حول من يشكّل المشهد ويفرض نفوذه وإيقاعه ويحصل على الأرض والموارد.
إنّها الحرب الباردة والحامية واعادة تشكيل خارطة الشرق الأوسط ورسم الحدود وتشكيل الدّول.
وقد يكون القادم مرعباً ودمويّاً وصولاً لفرض السلام وعقد الاتفاقات الاقتصاديَة والسياسيَة لشرق أوسط جديد.
فأيّها العاطلون عن الحلم وعن الحياة والفرح ألم تتعبوا من السلاح والشّر والموت؟
ألم تتعبوا من حفر القبور والنحيب وحمل التوابيت؟ نريد أرضاً ووطناً نعيش فيهما بكرامة،
وتراباً نمشي عليه ولا ندفن تحته.
المقاربة الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الاعلامية
0 تعليق