نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الذكاء الاصطناعي واكتشاف الأدوية.. وعود ضخمة وإنجازات محدودة - هرم مصر, اليوم الخميس 11 سبتمبر 2025 01:35 صباحاً
هرم مصر - في منتصف العقد الماضي، اندفعت عشرات الشركات الناشئة واعدةً بإحداث ثورة في مجال اكتشاف الأدوية باستخدام الذكاء الاصطناعي، عبر تقليص الوقت المطلوب لتطوير العقاقير وخفض التكلفة التي تصل في المتوسط إلى نحو ملياري دولار لكل دواء جديد. هذه الوعود جذبت شركات الأدوية الكبرى مثل بريستول مايرز سكويب وسانوفي، التي وقّعت صفقات بمليارات الدولارات، على أمل الوصول إلى أدوية أكثر سرعة وفعالية.
لكن بعد أكثر من عشر سنوات، يتساءل الخبراء: أين الأدوية التي وعد بها الذكاء الاصطناعي؟ حتى الآن لم يحصل أي عقار اُكتشف عبر هذه التقنيات على موافقة تنظيمية، وأخفقت العديد من التجارب الأولى، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
وواجهت بعض الشركات التي روّجت لتلك الوعود أزمات مالية بسبب تراجع الاستثمارات في قطاع التكنولوجيا الحيوية، ومنها شركة BenevolentAI البريطانية، التي أثارت حماسًا واسعًا عند تأسيسها، لكنها خسرت أكثر من 99% من قيمتها السوقية قبل أن تُشطب من البورصة وتندمج في شركة يابانية في مارس الماضي.
ويقول أليكس جافورونكوف، الرئيس التنفيذي لشركة Insilico لاكتشاف الأدوية بالذكاء الاصطناعي: “لكي تدّعي أن لديك الدجاجة التي تبيض ذهبًا، عليك أن تقدم بعض البيض الذهبي فعلًا. وإذا لم تفعل، فإن قيمتك تتراجع بسرعة كبيرة”.
استثمارات ضخمة وآمال متجددة
لقد جذبت فكرة تطوير الأدوية بالذكاء الاصطناعي المستثمرين؛ لأن قطاع الأدوية بطيء ومكلف ويُعد مجالًا واعدًا للتغيير. وبحسب البيانات، فقد ارتفع تمويل شركات اكتشاف الأدوية بالذكاء الاصطناعي من 30 مليون دولار عام 2013 إلى 1.8 مليار دولار عام 2021.
وأعادت طفرة الذكاء الاصطناعي التوليدي منذ إطلاق ChatGPT في أواخر 2022 الأمل،وعاد المستثمرون للمراهنة على شركات جديدة، وتقنيات أكثر تطورًا، وطرق مبتكرة لجمع البيانات البيولوجية وتحليلها، إذ إن الأدوات الأولى لم تكن قوية بما يكفي، لكن الأجيال القادمة قادرة على تحقيق إنجازات.
ومع ذلك، ما زال التحدي قائمًا؛ لأننا نعرف القليل عن تفاعلات خلايانا، ونعجز عن قياس كثير من العمليات الحيوية الأساسية، مما يحرم النماذج من البيانات الكافية لتحقيق إنجازات ملموسة.
ويقول الكيميائي المخضرم دارين غرين، الذي عمل أكثر من 30 عامًا في شركة GSK الشهيرة للأدوية: “إن اكتشاف الأدوية ربما يكون أصعب ما يحاول الإنسان القيام به. كلما حصلنا على أدوات جديدة، نجد عقبات جديدة”، مضيفًا أن الفشل جزء متكرر في هذه الصناعة.
إخفاقات متكررة وتحديات علمية
منذ عقود، علّق قطاع تطوير الأدوية آماله على تقنيات مثل علم الأحياء البنيوي في الستينيات، والكيمياء الحسابية في الثمانينيات، ومشروع الجينوم البشري مطلع الألفية، لكن النتائج جاءت أبطأ من المتوقع. وفي عملية اكتشاف الأدوية، تبدأ الأبحاث بتحديد هدف بيولوجي مثل طفرة جينية أو مستقبل هرموني، ثم البحث عن جزيء يمكن أن يتفاعل معه لعلاج المرض. المشكلة أن نحو 90% من الأدوية المرشحة تفشل في التجارب السريرية رغم نجاحها على الورق.
هنا يبرز دور الذكاء الاصطناعي في تسريع البحث داخل قواعد بيانات ضخمة من الجزيئات. لكن خبراء يحذرون من المبالغة. ويقول بيتر كوفيني، أستاذ الكيمياء في كلية لندن الجامعية UCL: “إن من الخطأ الاعتقاد بأن أي تقنية حاسوبية ستتمكن فجأة من حل كل المشكلات. السمية مثلًا، أي الآثار الجانبية للعقاقير، من أصعب الأمور التي يمكن التنبؤ بها”.
بيانات أكبر وفرص جديدة
جاءت أحدث التحولات مع إطلاق نموذج AlphaFold2 من جوجل ديب مايند عام 2021، إذ تمكن من التنبؤ بشكل البروتينات بدقة غير مسبوقة، وقد تعيد هذه التطورات عقارب الساعة إلى الصفر، حتى تبدأ دورة جديدة من المحاولات الواعدة.
وتسعى اليوم شركات مثل Insitro و Recursion و Lila Sciences إلى بناء “مصانع علمية” لإنتاج بيانات بيولوجية هائلة الحجم عبر الأتمتة وتقنيات الرؤية الحاسوبية.
ويقول ماكس جادربرغ، رئيس الذكاء الاصطناعي في شركة Isomorphic Labs (التابعة لجوجل): “إننا نحتاج إلى نصف دستة من التطورات الكُبرى بحجم AlphaFold لكي نحقق قفزة حقيقية في اكتشاف الأدوية”.
المستقبل بيد الشركات الكُبرى
تكافح الشركات الناشئة في مجال تطوير الأدوية بالذكاء الاصطناعي لإثبات جدوى عملها، لكن يرى محللون أن الشركات التقنية العملاقة مثل جوجل وألفابت، بفضل مواردها الضخمة وحوسبتها الفائقة، قد تكون الأقدر على قيادة هذا التحول.
كما يلخص سانجيف باتيل، الرئيس التنفيذي لشركة Relay Therapeutics: “قد تستغرق هذه العملية سنوات طويلة دون نتائج، لكن الشركات الكبرى فقط تستطيع تحمّل هذا الانتظار حتى يأتي الإنجاز المنشود”.
وما زالت النتائج الحاسمة غائبة حتى الآن، لكن يتفق كثيرون على أن ما يجري اليوم قد يكون تمهيدًا لمرحلة مفصلية يتحول فيها الذكاء الاصطناعي من وعود نظرية إلى أدوات عملية قد تغيّر القواعد المُتعارف عليها في اكتشاف العلاجات وإنقاذ الأرواح.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
0 تعليق