"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان المُتصاعد على غزة - هرم مصر

جريدة الايام 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتب محمد الجمل:


شهدت الأيام القليلة الماضية تصاعداً ملحوظاً في العدوان على قطاع غزة بشكل عام، وجنوبه وشماله على وجه التحديد، مع استمرار تشديد الحصار، وتفشي المجاعة.
"الأيام" نقلت مشاهد جديدة من قلب العدوان الإسرائيلي المستمر والمتصاعد على قطاع غزة، منها مشهد تحت عنوان: "المُسيّرات تصطاد العائدين إلى بيوتهم"، ومشهد آخر يسلّط الضوء على تساؤلات المواطنين في قطاع غزة حول موعد نهاية الحرب على القطاع، ومشهد ثالث يرصد كيف تسهم سرقة المساعدات في تفشي وتعميق المجاعة في القطاع.

 

المُسيّرات تصطاد العائدين لبيوتهم
مع طول فترة العدوان على محافظة خان يونس، جنوب قطاع غزة، بات العديد من المواطنين يضطرون للعودة إلى بيوتهم، من أجل تفقدها، أو جلب بعض الحاجيات منها.
لكن في الغالب يُفقد الاتصال بغالبية العائدين إلى المنازل، خاصة في منطقة معن، وعبسان الجديدة، وبني سهيلة، وغيرها من المناطق، ويظل الأهل يحاولون معرفة مصير أبنائهم، حتى يعثروا عليهم جثثاً هامدة ومتحللة في محيط المنزل الذي كانوا ينوون التوجه إليه، أو في الشوارع المؤدية إليه.
وخلال الأيام الثلاثة الماضية تمكن شبان من الوصول إلى مناطق وسط وشرق خان يونس، غالبيتهم ذهبوا للبحث عن أحبة فقدوا في تلك المناطق، وقد عادوا بهم جثثاً، بعد أن عثروا عليهم، وغالباً ما يتم التعرف عليهم من خلال ملابسهم، أو بعض المقتنيات التي كانوا يحملونها، بعد تحلل كلي أو جزئي للجثامين.
وأشار مواطنون إلى أن العملية العسكرية شرق خان يونس لا تشارك فيها قوات كبيرة، والدبابات والجرافات تتمركز في بعض المناطق، وهناك مناطق خالية من تواجد آليات الاحتلال، لكن الاحتلال اعتمد سياسة الإطباق الجوي الكامل، من خلال تسيير عشرات المُسيّرات الصغيرة، التي تحلّق فوق كل منزل وشارع، وتستهدف بالرصاص والصواريخ كل مواطن يحاول الوصول إلى تلك المناطق.
وبيّن المواطن إبراهيم عرفات من سكان محافظة خان يونس، أن غالبية الشهداء الذين سقطوا في الفترة الماضية في محافظة خان يونس كانوا بسبب المُسيّرات، والأخيرة تحمل بنادق ورشاشات خفيفة، وباستطاعتها ملاحقة المواطنين وقتلهم حتى لو كانوا داخل المنازل.
وذكر أنه توجه مؤخراً إلى مناطق شرق خان يونس، للبحث عن أحد أقربائه وقد فقدت آثاره خلال محاولته الوصول إلى منزله لجلب بعض الحاجيات، ووجدوه جثة هامدة في الطريق المؤدي إلى المنزل.
ولفت إلى أن الجميع باتوا يخشون المُسيّرات أكثر من الدبابات، فهي مخصصة لاصطياد المواطنين خلال محاولتهم الوصول إلى بيوتهم.
بينما أكد شهود عيان أن المُسيّرات المذكورة لا تفرّق بين طفل أو رجل أو امرأة، وكل شخص يحاول الوصول إلى تلك المناطق يتم استهدافه وقتله على الفور.
ويمنع الاحتلال فرق الإسعاف والدفاع المدني من انتشال الضحايا من مناطق شرق خان يونس، حيث يعتقد مواطنون بوجود عشرات الجثامين في تلك المناطق، لم يتم انتشالها حتى الآن.

 

متى تقف الحرب؟
بات النازحون المُنهكون من الحرب وتبعاتها، ممن يعانون الإنهاك، والتهجير، والجوع، والخوف، يتساءلون باستمرار: متى ستنتهي الحرب على غزة؟، خاصة بعد أن توقفت جميع الحروب التي اندلعت بعد غزة، خاصة حربي لبنان وإيران، وحرب الهند والباكستان، ومازالت نار الحرب في غزة مشتعلة.
ولم يُخفِ مواطنون خيبة أملهم، جراء انتهاء الحرب بين إيران وإسرائيل دون أن تتضمن اتفاقاً شاملاً يوقف الحرب على غزة، حيث كانوا يأملون بأن تضع إيران وقف الحرب على غزة ضمن الإطار التفاوضي على وقف الحرب.
المواطن إبراهيم الملاحي أكد أنه بات يعتقد أن حرب غزة قد تصبح أبدية، ويبدو أنه لا أحد يرغب في وقفها، وأن جميع الأطراف المشاركة فيها مستفيدة من استمرارها، والشعب وحده هو من يدفع الثمن والفاتورة.
وأكد أن توالي توقف الحروب في المنطقة يشعره بخيبة أمل كبيرة، ففي السابق انطلقت حرب لبنان لمؤازرة غزة، وظن الكثيرون أنهما ملفان مترابطان، ولن تقف الحرب في منطقة على حساب أخرى، لكن هذا لم يحدث، ووقفت الحرب في لبنان وبقيت في غزة، ومن بعد ذلك جاءت حرب إسرائيل وإيران، وقد أعلنت الأخيرة في السابق دعمها المطلق لغزة، وظن الجميع أن إيران لن تنهي حربها مع إسرائيل دون غزة، لكن هذا لم يحدث، وتوقفت حرب إيران ومازالت حرب غزة لم تهدأ.
وأشار إلى أنه لا توجد رغبة حقيقية لدى الأطراف في وقف الحرب على غزة، فحرب إيران توقفت بعد "تغريدة"، للرئيس الأميركي دونالد ترامب، آملاً أن يحدث اختراق في المفاوضات في أسرع وقت، وتقف الحرب على القطاع.
بينما عبّر المواطن سامي فرج عن مخاوفه من أن يتسبب وقف الحرب على إيران بتفرد إسرائيل بغزة، وتكثيف العدوان والمجازر فيها، خاصة بعد أن قال وزير المالية الإسرائيلي المُتطرف بتسلئيل سموتريش مُعقباً على توقف الحرب مع إيران: "الآن سنتوجه لغزة بكل قوة"، وهذا أمر يثير المخاوف، ويُعد مؤشراً خطيراً على تعميق العدوان في القطاع.
وشدد فرج على وجوب تحرك دولي وعربي عاجل، لوقف الحرب على غزة كما توقفت على جبهات أخرى، فلم يعد لاستمرارها أية مبرر.

 

سرقة المساعدات تزيد المجاعة
بدأت عشرات العائلات الكبيرة في قطاع غزة بالتحرك، في محاولة لوقف عمليات السرقة الواسعة للمساعدات الغذائية، خاصة قرب "محور نتساريم"، ومناطق شمال غربي مدينة غزة.
وأسهمت هذه الظاهرة في تعميق المجاعة وزيادتها، نظراً لأن فئة قليلة من الأشخاص يُسيطرون على عشرات الشاحنات، وينهبون محتوياتها بشكل كامل، ويقومون ببيع ما سرقوه في الأسواق بأسعار مرتفعة جداً، لا يتمكن غالبية المواطنين في غزة من شرائها.
كما تسببت هذه الظاهرة في خوف التجار من جلب بضائع جديدة، خشية التعدي على الشاحنات وسرقة حمولتها.
ووفق عدة مصادر فإن عشائر وعائلات بدأت تتحرك على طرق تسلكها الشاحنات، في محاولة لتأمينها، ومنع سرقتها، ليتم لاحقاً توزيعها على النازحين.
وقال المواطن عبد الله الخطيب إنه ينتظر منذ أكثر من 100 يوم أن يتسلم أية مساعدة، رغم أنه يسمع عن وصول شاحنات تحمل مساعدات كل يوم، ويتم سرقتها.
وأوضح الخطيب أن المواطنين في غزة باتوا يعانون من حصارين، الأول حصار الاحتلال لهم، والثاني بسبب اللصوص، الذين يمنعون المساعدات من الوصول إلى وجهتها، وبالتالي حرمان الجائعين منها.
وبيّن الخطيب أنه تارة يتوجه إلى مراكز المساعدات الأميركية لجلب بعض الطعام رغم خطورة الأمر، وتارة يشتريه من السوق رغم ارتفاع أسعاره، ولو دخل الغذاء بشكل مؤمّن للمؤسسات الدولية، وتم توزيعه بشكل عادل لما حدث ذلك.
بينما شدد المواطن سامي أبو عودة على أهمية التحرك مجتمعياً من أجل حماية الشاحنات، وبما أن الاحتلال يستهدف عناصر الشرطة، ورجال التأمين، فيجب أن تتولى العشائر هذه المهمة الوطنية، من خلال تشكيل مجموعات تنتشر على الطرقات لمنع السرقة، والأهم من ذلك كله منع التجمعات للمواطنين الذين ينتظرون المساعدات، خاصة على "محور نتساريم".
ودعا أبو عودة وغيره من المواطنين إلى ملاحقة عصابات اللصوص، الذين يعيثون فساداً وخراباً في الأرض، ويمنعون الناس من الحصول على حقهم في الطعام.
كما طالب أبو عودة المؤسسات الإغاثية والدولية بعدم إبقاء المساعدات مكدسة في مخازنها، والعمل على توزيعها أولاً بأول، حتى يتم تقديم الطعام للجائعين أولاً، وثانياً خوفاً من أن تتم مهاجمة المستودعات والمخازن وسرقتها من قبل اللصوص، وهذا الأمر تكرر في السابق.
وأفتى العديد من العلماء ورجال الدين في قطاع غزة بحرمة سرقة المساعدات التي تصل القطاع، وأن من يفعل ذلك آثم، لما يسببه ذلك من ضرر كبير لعموم الناس.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق