كتب خليل الشيخ:
"مكناش بدنا نطلع بس بعد ما تصاوب ابني بالشظايا طلعنا، ومش عارفين وين بدنا نروح"، هكذا قالت المواطنة ابتسام، التي تركت خيمتها المقامة في منطقة "أبو شرخ" غرب مخيم جباليا، شمال قطاع غزة، وفرّت مع أفراد أسرتها خوفاً من القصف الجوي المستمر.
وأشارت إلى أنها لم تكن تريد النزوح مرة جديدة لصعوبة وقسوة النزوح، لكنها لم تصمد أمام تساقط الشظايا والقصف الليلي الذي لا يتوقف، لافتة إلى أنها كانت قلقة على مصير أطفالها الذين لم يتوقفوا عن البكاء والصراخ.
وتسيطر قوات الاحتلال بالكامل على منطقة شمال قطاع غزة، بدءاً من السياج الحدودي شرقاً وحتى شاطئ البحر، حيث أجبرت الغارات الجوية والقصف المدفعي المتواصل غالبية المواطنين على ترك منازلهم وخيامهم واللجوء إلى مدينة غزة.
وذكرت مصادر محلية مطلعة، أن آليات الاحتلال العسكرية تسيطر ميدانياً على غالبية مناطق شمال القطاع، وتركز غاراتها على المناطق الباقية لإجبار الجميع على المغادرة.
وأوضحت المصادر أن الاحتلال جعل من محافظة شمال قطاع غزة بالكامل منطقة حمراء يُمنع فيها التواجد، خاصة بعد أن أسقطت طائرات مسيّرة منشورات تهديد، وتأمر المواطنين بالإخلاء والنزوح.
وقال الشاب نعيم شقيق ابتسام، التي لجأت مع أسرتها إلى خيمته بشكل مؤقت في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، إنه حاول أكثر من مرة الوصول إلى مناطق وسط مخيم جباليا، لكنه تعرض لإطلاق نار من مسيّرة كانت تحلّق في سماء المخيم، فاضطر إلى العودة.
وبيّن أنه عَلِمَ أن الأجزاء الشرقية والوسطى للمخيم تسيطر عليها آليات الاحتلال العسكرية، خاصة حيي تل الزعتر والسكة، حيث تتمركز الآليات في المفترقات العامة.
ولا يتوقف القصف المدفعي باتجاه غالبية مناطق الشمال، حسب المواطن نعيم، الذي أشار إلى أن القذائف المدفعية تتساقط في بيت لاهيا والمخيم وعلى طريق صلاح الدين.
وكانت قوات الاحتلال أخلت مستشفى العودة من المرضى والطواقم الطبية، أول من أمس، عبر إجراء تنسيق، وتحوّل المستشفى إلى مجرد جدران وبعض المعدات الطبية، فيما كانت قد أخلت مستشفيي الإندونيسي قبل ذلك ليتبقى مستشفى الشهيد كمال عدوان يعمل بوتيرة ضعيفة جداً.
وذكر طبيب فضل عدم نشر اسمه، أنه خرج مع مجموعة الطواقم الطبية والمرضى من مستشفى العودة عبر تنسيق جرى مع منظمة الصحة العالمية، وتوجه إلى جنوب القطاع، لافتاً إلى أن الإخلاء جاء عقب سلسلة عمليات تفجير للمباني الملاصقة للمستشفى وإحراق مستودعات الأدوية فيه.
وأشارت مصادر طبية إلى أن إخلاء مستشفيي العودة والإندونيسي هو استمرار لسياسة إفراغ شمال القطاع من الخدمات الطبية، تكريساً لجعل الشمال تحت السيطرة العسكرية الكاملة وإفراغه من السكان.
وتواصل طائرات الاحتلال إسقاط منشورات تهديد للعدد القليل الموجود في شمال غزة بضرورة الإخلاء إلى مدينة غزة، ونشرت خارطة تفصيلية بذلك.
وأمرت المنشورات القاطنين في أحياء: الشيماء، وفدعوس، والمنشية، والشيخ زايد، والسلاطين، والكرامة، ومشروع بيت لاهيا، والزهور، وتل الزعتر، والنور، وعبد الرحمن، والنهضة ومعسكر جباليا، بضرورة ترك منازلهم وخيامهم، نظراً لنية الاحتلال تنفيذ أعمال عسكرية في مناطق سكناهم.
0 تعليق