في رد فعل أثار دهشة الكثيرين، لم تتأثر أسعار النفط بشكل كبير بالضربات العسكرية الأمريكية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية يوم الأحد، بل إنها تراجعت في بعض الفترات.
هذا الهدوء النسبي في أسواق الطاقة يعكس قناعة متزايدة لدى المتعاملين بأن سيناريو "الكابوس"، المتمثل في إغلاق إيران لمضيق هرمز، لا يزال مستبعدًا.
مضيق هرمز.. الكابوس الذي لم يتحقق
بعد ارتفاع طفيف صباح الإثنين مع بدء التداول، عادت أسعار النفط لتستقر عند حدود 77 دولارًا لبرميل برنت، المؤشر العالمي للخام. وفي هذه الأثناء، استمرت ناقلات النفط العملاقة في الإبحار كعادتها في مضيق هرمز، الذي يمر عبره حوالي 20% من إجمالي استهلاك النفط العالمي، وثلث حركة الملاحة البحرية المرتبطة به، والمتجهة بشكل أساسي إلى الأسواق الآسيوية.
ويعد إغلاق هذا الممر المائي الضيق، الذي لا يتجاوز عرضه 50 كيلومترًا، "كابوسًا" حقيقيًا للأسواق، قد يدفع بسعر البرميل، وفقًا للخبراء، إلى ما فوق 100 دولار.
حسابات الردع.. لماذا قد تحجم إيران؟
رغم التهديدات الإيرانية المتكررة، يرى المحللون عدة أسباب تجعل إغلاق المضيق خيارًا صعبًا ومكلفًا لطهران نفسها:
"الانتحار الاقتصادي": حذر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو من أن هذه الخطوة ستكون "انتحارًا اقتصاديًا" لإيران، التي تعتمد بشكل كبير على صادراتها النفطية التي تمر عبر نفس المضيق.
الردع العسكري: أشار المحلل أولي فالبي إلى أن المضيق "يخضع لمراقبة واسعة على الصعيد العالمي"، لا سيما من قبل البحرية الأمريكية، مما يجعل إغلاقه الفعلي لأسابيع طويلة أمرًا مستبعدًا.
الضغط الصيني: من شأن أي تصعيد يعطل إمدادات النفط أن يرتد سلبًا على الصين، التي تُعد أكبر مشترٍ للنفط الإيراني، مما قد يدفع بكين إلى ممارسة ضغوط على طهران.
حماية المنشآت الإيرانية: يسود اعتقاد في الأوساط المالية، بحسب المحللة إيبيك أوزكارديسكايا، بأن "إيران ستحجم عن رد شامل... بغية حماية منشآتها النفطية" التي قد تصبح هدفًا مشروعًا في حال أقدمت على هذه الخطوة.
مخاطر محسوبة وأسعار مستوعبة
يرى محللون أن أحد أسباب رد الفعل الهادئ في الأسواق هو أن المخاطر الجيوسياسية قد تم "تسعيرها" بالفعل.
فبعد اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران في 13 يونيو، أضافت الأسواق علاوة مخاطر على أسعار النفط تحسبًا لأي تصعيد، بما في ذلك الضربات الأمريكية التي وقعت بالفعل.
ويوضح المحلل جوفاني شتاونوفو أن "أسعار النفط تراعي نسبة المخاطر الحالية بمعدل 10 دولارات للبرميل الواحد راهنًا"، مما يعني أن السعر الحالي يحتوي بالفعل على جزء من هذا القلق.
البدائل المتاحة
في حال حدوث أي اضطراب، هناك بعض شبكات الأمان التي قد تحد من ارتفاع الأسعار، ومنها "الإفراج عن الاحتياطي الاستراتيجي، لا سيّما في الولايات المتحدة والصين"، بحسب أولي هانسن من "ساكسو بنك".
بالإضافة إلى ذلك، تتمتع منظمة "أوبك+" بقدرات إنتاجية غير مستغلة تقدر بنحو 5.2 ملايين برميل يوميًا، يمكن استخدامها لتعويض أي نقص محتمل في السوق.
ورغم هذه العوامل، يبقى الوضع هشًا، حيث لا يستبعد المحللون وقوع هجمات محدودة تستهدف سفنًا غربية، مما قد يبقي الأسواق في حالة من التوتر الحذر.
0 تعليق