يشهد القطاع الرياضي في الكويت تحولات قانونية مهمة، تستهدف تعزيز الحوكمة، والاستقلال المؤسسي، والرقابة المالية، في إطار مشروع قانون الرياضة لسنة 2025، الذي يمثل تحديثاً جوهرياً للقانون رقم 87 لسنة 2017، ويهدف إلى معالجة الثغرات القانونية التي برزت خلال السنوات الماضية، مع توفير إطار تشريعي أكثر مرونة وتوافقاً مع المعايير الدولية. القوانين الرياضية ليست مجرد لوائح تنظيمية، بل هي أدوات لضبط العلاقة بين الهيئات الرياضية، والرياضيين، والجمهور، وضمان بيئة رياضية عادلة ومستدامة، وتناغماً مع ذلك جاء في ذات السياق مشروع قانون الرياضة الجديد ليعكس رؤية الكويت نحو تطوير الرياضة كمجال استثماري وتنظيمي، وليس فقط كنشاط ترفيهي أو تنافسي. «الجريدة»، بدورها، تسلط الضوء على تلك التشريعات لإبراز التجديد وملامح التشابه بين القانونين، رغم حجم التحديث في مشروع 2025... وفيما يلي التفاصيل:
القانونان يشتركان في عدة مبادئ أساسية، تمثل الركيزة التي يقوم عليها التنظيم الرياضي في الكويت، وأبرزها:
• احترام الميثاق الأولمبي والمدونة العالمية لمكافحة المنشطات، ما يعكس سعي الدولة إلى الاندماج الكامل في المنظومة الرياضية الدولية.
• الاعتراف بالشخصية الاعتبارية للهيئات الرياضية، ومنحها استقلالاً قانونياً وإدارياً يسمح لها بإدارة شؤونها بحرية ضمن الأطر التنظيمية.
• إقرار هيئة وطنية للتحكيم الرياضي، كمرجعية مستقلة لحل النزاعات التي قد تنشأ بين الأطراف الرياضية المختلفة.
هذه النقاط الثلاث شكلت مرتكزاً لاستقرار البنية القانونية، ووفرت أساساً مشتركاً للانتقال إلى مرحلة أكثر تطوراً في مشروع القانون الجديد.
أوجه التشابه بين القانونين
رغم الفروقات القانونية الجوهرية بين القانونين، هناك جوانب تشريعية أساسية ظلت ثابتة لضمان الاستقرار التنظيمي، ومنها:
1. احترام المعايير الدولية
• كلا القانونين يلتزمان بالميثاق الأولمبي والمدونة العالمية لمكافحة المنشطات، مما يضمن توافق الرياضة الكويتية مع القوانين الدولية.
• الالتزام بالاتحادات الرياضية الدولية كمرجعية لتنظيم المنافسات واللوائح الفنية.
2. استقلالية الهيئات الرياضية
• يمنح القانونان الهيئات الرياضية شخصية اعتبارية مستقلة، مما يسمح لها بإدارة شؤونها دون تدخل حكومي مباشر.
• الأندية والاتحادات الرياضية تحتفظ بحقوقها في تنظيم البطولات وإدارة شؤونها الداخلية وفقاً للوائحها الخاصة.
3. تنظيم الاحتراف الرياضي
• كلا القانونين يعترفان بعقود الاحتراف الرياضي، لكن مشروع 2025 يوسع نطاق التنظيم ليشمل حقوق اللاعبين بشكل أكثر تفصيلاً.
4. هيئة التحكيم الرياضي
• القانونان ينصّان على وجود هيئة وطنية للتحكيم الرياضي، لكن مشروع 2025 يعزز صلاحياتها ويجعلها أكثر استقلالية.
تحولات جوهرية في التشريعات الرياضية الكويتية بين القانونين القديم والجديد
الفروقات الجوهرية المؤهل الجامعي شرط الترشح
في تعديل جديد ضمن مشروع قانون الرياضة الكويتي لعام 2025، أصبح من الضروري أن يكون المرشح لمجلس إدارة الاتحاد أو النادي حاصلاً على مؤهل جامعي، وفقاً للمادة الرابعة، الفقرة 7، البند (ب).
ويهدف هذا التعديل إلى رفع مستوى الكفاءة الإدارية في المؤسسات الرياضية وضمان أن تكون القيادة الرياضية بيد أشخاص يمتلكون المعرفة الأكاديمية التي تساهم في اتخاذ قرارات مؤسسية أكثر احترافية. ويُعد هذا التحديث تغييراً جوهرياً، نظراً لعدم وجود هذا الشرط في القانون رقم 5 لسنة 2017، مما يعكس توجه الدولة نحو تطوير منظومة الإدارة الرياضية.
يأتي هذا التعديل وسط تباين في وجهات النظر بين مؤيدين يرون فيه خطوة نحو احترافية أكبر، ومعارضين يعتبرون أن الشرط قد يحدّ من فرص مشاركة أصحاب الخبرة العملية غير الأكاديمية في العمل الرياضي.
التأثيرات العملية للفروقات القانونية
التعديلات القانونية ستكون لها انعكاسات عملية كبيرة على مختلف الجهات الرياضية، منها:
1. تعزيز استقلالية القرار الرياضي
• يساهم في زيادة فرص الاعتراف الدولي بالاتحادات الكويتية، مما يتيح لها المشاركة في البطولات الدولية دون قيود سياسية أو إدارية.
• يضمن للأندية حرية أكبر في اتخاذ قراراتها المالية والإدارية، مما يعزز الاحترافية في الإدارة الرياضية.
2. تشديد الرقابة المالية
• يقلل من الهدر المالي ويجعل الإنفاق أكثر شفافية، حيث سيتم التدقيق على جميع أوجه الصرف، وليس فقط الدعم الحكومي.
• يفرض قيوداً على استثمارات الأندية لضمان عدم الدخول في مضاربات مالية غير محسوبة.
3. إصلاح منظومة المنازعات الرياضية
• يوفر آليات أكثر عدالة لحل النزاعات بين الأندية واللاعبين، مما يقلل من اللجوء إلى المحاكم المدنية ويعزز الحلول الداخلية.
• يسمح باللجوء إلى محكمة التحكيم الرياضية الدولية (CAS) في حال تعذر حل النزاع محلياً.
4. إقرار تحول الأندية إلى شركات رياضية
• يفتح آفاقاً جديدة للاستثمار الرياضي، حيث يمكن للأندية تأسيس شركات رياضية مستقلة دون الحاجة إلى موافقات حكومية معقدة.
• يعزز دور القطاع الخاص في دعم الرياضة، مما يقلل الاعتماد على التمويل الحكومي.
إصلاحات قانونية توسّع صلاحيات الهيئات الرياضية وتعزز الرقابة المالية
التوصيات النهائية
استناداً إلى التحليل القانوني يمكن تقديم بعض التوصيات لضمان تطبيق القانون الجديد بشكل فعّال:
1. إعداد برامج تدريبية لمجالس إدارات الأندية والاتحادات
• يجب أن تشمل هذه البرامج مفاهيم الحوكمة، والرقابة المالية، وإدارة النزاعات الرياضية.
2. تعزيز شفافية العمليات الانتخابية في الجمعيات العمومية
• منع الاحتكار الإداري عبر وضع قيود على عدد الفترات الانتخابية المتتالية.
• إلزام الأندية والاتحادات بنشر تقارير مالية دورية للجمعيات العمومية.
3. تفعيل نظام إلكتروني مركزي لتسجيل العضويات ومراقبة الأداء المالي
• يساعد في منع التلاعب بالعضويات ويضمن وصول الدعم الحكومي إلى الجهات المستحقة.
4. إصدار دليل قانوني شامل يوضح للرياضيين حقوقهم في العقود والتفرغ الرياضي
مجلس أعلى للاستثمار الرياضي
نصّ مشروع قانون الرياضة الكويتي لعام 2025 في المادة (72) من الفصل الحادي عشر «أحكام عامة» على إنشاء «المجلس الأعلى للاستثمار الرياضي» بقرار من مجلس الوزراء، ليكون جهة مختصة بوضع السياسات والاستراتيجيات، التي تدعم استثمار المنشآت الرياضية وتطويرها وفق معايير اقتصادية مستدامة.
ويهدف المجلس الجديد إلى تسهيل دخول المستثمرين المحليين والأجانب إلى سوق الرياضة الكويتية، مما يعزز من تنويع مصادر التمويل للأندية والاتحادات الرياضية، ويتيح لها الفرصة للتحول إلى كيانات ذات استقلالية مالية، قادرة على تحقيق النمو الذاتي بعيداً عن الدعم الحكومي المباشر.
ومن المتوقع أن يساهم هذا الإجراء في رفع مستوى الرياضة الكويتية على الصعيدين المحلي والدولي، إذ سيساهم في تحسين البنية التحتية الرياضية، واستقطاب شراكات عالمية مع جهات رياضية وتجارية كبرى، كما ستشمل صلاحيات المجلس وضع إطار تنظيمي دقيق للاستثمار في المجالات الرياضية، بما يضمن حقوق المستثمرين ويحقق التوازن بين الدعم الحكومي والمشروعات الخاصة.
هناك من يرى ان «المجلس الأعلى للاستثمار الرياضي» لا يمكنه تحقيق العدالة بين الهيئات لتفاوت النسب المستثمر، بما في ذلك أيضاً غياب التعاون بين الهيئات الرياضية قد يحدّ من قدرة المجلس على توحيد الرؤية الوطنية، كذلك قد يكون المجلس الاستثماري كياناً شكلياً بلا صلاحيات حقيقية، مما يقلل من فعّاليتها ويجعل تخوف الأندية من قبول ذلك صعباً.
الرياضة الكويتية تدخل مرحلة جديدة من الحوكمة والاستقلال المؤسسي
منصة إلكترونية
ضمن التحديثات التشريعية الجديدة، يفرض مشروع قانون الرياضة 2025 إنشاء منصة إلكترونية وطنية تهدف إلى تنظيم العضويات، وتسجيل الأندية والاتحادات، وإدارة العمليات المالية والرقابية وستعمل المنصة على:
• توحيد إجراءات تسجيل العضوية للأندية والاتحادات الرياضية.
• إدارة الانتخابات الرياضية إلكترونياً لضمان النزاهة والشفافية.
• متابعة الدعم الحكومي والرقابة المالية عبر نظام مركزي يحد من التجاوزات المالية.
• إتاحة الوصول إلى اللوائح والقوانين الرياضية لجميع المنتسبين للهيئات الرياضية.
الفصول والمواد
مشروع قانون الرياضة لسنة 2025 يتكون من:
• 12 فصلاً رئيسياً
• ويحتوي على 78 مادة موزعة على هذه الفصول.
أما قانون الرياضة رقم 87 لسنة 2017 ، فقد صدر أيضاً في صيغة منظمة تتضمن:
• 11 فصلاً
• ويضم 78 مادة كذلك، قبل أن يتم تعديل بعض مواده لاحقاً بالقانون رقم 107 لسنة 2018.
عقود اللاعبين
تنظيم عقود اللاعبين المحترفين
• 2017: لم يكن هناك إطار واضح لحماية حقوق اللاعبين عند التعاقد.
• 2025: إلزام الأندية والاتحادات بوضع عقود مكتوبة تحمي حقوق اللاعبين المالية والقانونية، بما يتوافق مع لوائح الاتحادات الدولية.
عقود الاحتراف والانتقالات الرياضية
• 2017: إجراءات انتقال اللاعبين كانت تخضع للوائح داخلية للأندية والاتحادات المحلية.
• 2025: اعتماد نظام مركزي لتنظيم انتقالات اللاعبين وفق معايير الاتحادات الدولية، مع ضمان حقوق اللاعبين المحترفين في التعويض والتأمين.
حقوق اللاعبين والتفرغ الرياضي
• 2017: لم يكن هناك وضوح في قوانين الإجازة الرياضية للرياضيين المحترفين.
• 2025: إقرار إجازات رياضية خاصة للاعبين المشاركين في البطولات الدولية، مع الاحتفاظ بحقوقهم الوظيفية والمالية طوال فترة الاحتراف.
النزاعات في عقود اللاعبين
• 2017: تسوية النزاعات كانت تعتمد على الوساطة داخل الاتحاد الرياضي.
• 2025: إدراج هيئة التحكيم الرياضي كجهة مستقلة للفصل في المنازعات بين الأندية واللاعبين، مع إمكانية اللجوء لمحكمة التحكيم الرياضية الدولية (CAS).
مشروع قانون الرياضة 2025 يضع إطاراً حديثاً للمنازعات الرياضية والتحكيم
تنظيم رواتب اللاعبين وتمويل عقود الاحتراف
• 2017: كانت عقود تمويل اللاعبين المحترفين تعتمد على اتفاقات فردية بين الأندية دون رقابة قانونية صارمة.
• 2025: تحديد سقف مالي لدعم عقود اللاعبين المحترفين وفقاً لضوابط واضحة تضمن الاستدامة المالية للأندية الرياضية.
أهم التطورات بين القانونين
الفرق بين مفهوم الهيئات الرياضية في القانونين
• 2017: تعريف الهيئات الرياضية كان عاماً وشمل جميع الكيانات دون تخصيص دقيق.
• 2025: تم تحديد الفرق بين الأندية، الاتحادات الرياضية، اللجنة الأولمبية، اللجنة البارالمبية بشكل واضح، مع معايير دقيقة لكل نوع.
تعزيز الحوكمة في الإدارة الرياضية
• 2017: الرقابة على الأندية والاتحادات كانت تعتمد على تقارير سنوية دون أدوات تدقيق قوية.
• 2025: فرض نظام رقابة مالية دوري، مع تدقيق شامل على الأداء المالي والإداري لضمان الشفافية.
تطوير آليات المنازعات الرياضية
• 2017: هيئة وطنية للتحكيم الرياضي موجودة لكن بسلطة محدودة.
• 2025: تم توسيع اختصاصات هيئة التحكيم الرياضي، وإضافة صلاحيات الفصل السريع في النزاعات، مع إمكانية اللجوء للتحكيم الدولي (CAS).
مكافحة المنشطات وحماية الرياضيين
• 2017: الالتزام بالمدونة العالمية لمكافحة المنشطات ولكن بتطبيق محدود.
• 2025: إلزام جميع الهيئات الرياضية بتطبيق لوائح صارمة، وإنشاء وكالة وطنية مختصة بمكافحة المنشطات.
تشجيع الاستثمار الرياضي
• 2017: السماح للأندية بإنشاء شركات رياضية دون رقابة استثمارية واضحة.
• 2025: تنظيم الاستثمارات الرياضية عبر مجلس أعلى، وإدخال شراكات مع القطاع الخاص، مع ضمان الحفاظ على الأصول العامة.
0 تعليق