كتب خليل الشيخ:
"كنا نايمين وفجأة صحينا على أصوات انفجار كبير وبعده بثواني شفنا النار مولعة في الصفوف والدخان والغبار بطلع من الخيمة اللي بالساحة"، هكذا بدأ المواطن أبو نضال في الأربعين من عمره، حديثه لـ"الأيام وهو يوصف بعضاً من تفاصيل المجزرة المروعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في مدرسة فهمي الجرجاوي المخصصة كمركز إيواء نازحين في حي الدرج شرق مدينة غزة.
قال، "خرجنا من الصفوف اللي كنا نايمين فيها، باتجاه النار ومكان القصف وسمعنا أصوات صراخ الأطفال والنساء تخرج من وسط النيران التي اشتعلت وبعد شوي اجا الإسعاف والدفاع المدني بس مقدروش يدخلوا وينقذوا الأطفال والنساء".
وقصفت طائرات الاحتلال بثلاثة صواريخ من طائرة مقاتلة ثلاثة أماكن في المدرسة التي تؤوي نحو ثلاثة آلاف نازح ما تسبب باستشهاد 31 نازحاً وإصابة نحو 50 بجروح وحروق متفاوتة.
وقالت مصادر طبية من مستشفيي المعمداني والشفاء بغزة حيث نُقل الضحايا، إن من بين الشهداء 10 أطفال و6 نساء، مشيرة إلى أن الحروق ظهرت على غالبية الجرحى الذين وصولوا إلى المستشفيين.
وأضافت المصادر، إن بعضا من الجثامين وصلت وهي محترقة بشكل كامل وأخرى متفحمة.
وعرف من بين عائلات الضحايا "الكسيح"، "الكيلاني"، و"الشيخ خليل".
وأدى القصف الذي استهدف غرفتين دراسيتين وخيمة كبيرة مغطاة بألواح "الزينكو" وسط فناء المدرسة إلى اشتعال النار في الغرفتين فيما دمر الصاروخ الثالث الخيمة الكبيرة.
وأضاف أبو نضال، وهو أحد أقارب بعض الشهداء الذين قضوا في المجزرة، "وقفنا عاجزين ومعرنفاش ايش نعمل إلا أننا ساعدنا الناس الجرحى اللي مكنوش في النار".
وروى شهود آخرون أنهم شاهدوا جثامين محترقة ومتفحمة فيما شاهدوا أشلاء بعض الجثامين مترامية بين الركام والأثاث المحترق خصوصاً في الغرفتين اللتين تم استهدافهما.
وأضاف محمد (30 عاماً) أحد هؤلاء الشهود، "حاول شبان وأنا معهم تحطيم جدران الصف المجاور للصفين المحترقين كي نتمكن من الوصول للناس اللي بصرخوا بس مقدرناش وكانت النار تتوسع وتكبر".
وقال، ساد الخوف والحزن معاً بين أوساط النازحين خصوصاً عندما انتشرت رائحة اللحم المحترق في أجواء المدرسة.
مشهد قاسٍ ومفجع
وقال المسعف أحمد أبو فول، المشهد كان قاسياً ومفجعاً، خصوصاً وانت تسمع نداءات الجرحى ولا تستطيع التدخل لإنقاذهم من هول النيران التي كانت تلتهم المكان.
ويضيف لـ"الأيام"، بعد وقت قصير يتوقف الصراخ، وهو ما يدل على أن المصابين الذين كانوا يستنجدون قد استشهدوا وسكتت أصواتهم ونداءاتهم.
وأوضح أبو فول، أن الجثامين كانت مقطعة ولكن يغلب عليها الحروق، في إشارة إلى أن أصحابها استشهدوا من القصف بشكل مباشر، فيما أصوات الصراخ كانت ناجمة عن المصابين الذين استشهدوا من النار والدخان ولم يستشهدوا من القصف مباشرة.
من جانبه، قال محمود بصل مدير الدفاع المدني بغزة، معقباً على جريمة استهداف مدرسة فهمي الجرجاوي، إنها تعيد إلى الأذهان المجزرة التي تم ارتكابها في مدرسة التابعين قبل نحو خمسة اشهر.
ووصف بصل في تصريحات صحافية، مشهد الجريمة بأنه مشهد مؤلم خصوصاً عند مشاهدة الجثامين المتفحمة وهي ملقاة بين الركام.
إنقاذ طفلة
على الصعيد ذاته، احتلت صورة للطفلة ورد الشيخ خليل (خمسة أعوام) مساحة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي إحدى الناجين من القصف والدمار الذي استهدف إحدى الغرف المدرسية المدمرة والمحترقة.
وتمكن مسعف من انتشال الطفلة "ورد" التي بينت بعض مشاهد "الفيديو" أنها مرت وسط النار، ونقلها إلى المستشفى.
يذكر أن الطفلة هي الوحيدة المتبقية من أسرتها بعدما استشهد ستة من أشقائها ووالدتها بينما وصفت جروح والدها بأنها خطيرة وحرجة.
0 تعليق