يقول تقرير في صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، إن الصحفيين في قطاع غزة يعانون من نفس الواقع المأساوي الذي يعيشه السكان الآخرون: الجوع والتهديد المستمر بالموت، وتؤدي هذه التحديات إلى تضييق الخناق على ما يسمعه العالم عن الحرب.
ويوضح أن الضربات الإسرائيلية التي تسببت في استشهاد خمسة صحفيين في الهجوم الذي شنته القوات الإسرائيلية على أحد مستشفيات غزة يوم الاثنين الماضي كانت أحدث حلقة مما يتعرض له الصحفيون الفلسطينيون، الذين غالبا ما كانوا شهودا ميدانيين على ما تصفه الصحيفة الأميركية بحملة إسرائيل في غزة.
وتنقل الصحيفة عن المصور الصحفي جيفارا الصفدي الذي يعمل لمحطة الكوفية الفلسطينية: "لقد وصل الأمر إلى درجة أنني أخشى القيام بالتغطية الصحفية". وترى الصحيفة الأميركية أن مثل هذه المخاوف والمخاطر القاتلة التي ينطوي عليها العمل الصحفي في غزة قد تزيد من تقييد كمية المعلومات التي تخرج من الحرب.

ويشير التقرير إلى أن إسرائيل منعت الصحفيين الدوليين من دخول غزة لتغطية الحرب، وقتلت بعض الصحفيين الفلسطينيين الذين زعمت أنهم أعضاء في حركة المقاومة الإسلامية حماس أو جماعات مسلحة أخرى، ومنهم مراسل الجزيرة أنس الشريف، وبحسب نيويورك تايمز لم يتسن التحقق بشكل مستقل من الوثائق التي قدمتها إسرائيل في الموضوع، وأحدثها يعود إلى عام 2023.
معركة شرسة للسيطرة على الرواية
وفي توصيفها مجزرة مجمع مستشفى ناصر الطبي في جنوب غزة يوم الاثنين الماضي، نقلت نيويورك تايمز عن الصحفي المستقل عبد الله العطار الذي كان حاضرا في المكان: "إن الحادثة بدأت بعد أن قصفت إسرائيل المستشفى، مما أدى إلى إصابة أحد الصحفيين". وبينما كان الصحفيون الآخرون وموظفو الطوارئ الطبية يهرعون إلى مكان الحادث، قصفت القوات الإسرائيلية المكان مرة أخرى، مما أسفر عن مقتل 20 شخصاً وإصابة آخرين، وفقاً لما ذكره مسؤولو الصحة، وقد أكدت لجنة حماية الصحفيين الدولية رواية السيد العطار.
إعلان
وإلى جانب حملتها العسكرية في غزة، شنت الحكومة الإسرائيلية معركة شرسة للسيطرة على الرواية المتعلقة بالقتال، إضافة إلى السماح فقط للصحفيين الدوليين المرافقين للجيش الإسرائيلي بدخول غزة. وقد شككت في دوافع وموضوعية العديد من الصحفيين الفلسطينيين العاملين داخل القطاع، بحجة أنهم تحت سيطرة حماس.
وتنقل نيويورك تايمز عن نائب رئيس نقابة الصحفيين الفلسطينيين تحسين الأسطل في غزة إن "إسرائيل لا تريد أن يرى العالم حجم ما يحدث هنا". وردا على سؤال عن الأسباب الكامنة وراء حظر السماح لوسائل الإعلام الدولية بالتغطية الحرة في غزة، قال ناداف شوشاني، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إن ذلك "متعلق بالأمن". ولم يرد على طلب نيويورك تايمز للحصول على مزيد من التفاصيل.

ومثل معظم سكان غزة، يضطر الصحفيون الفلسطينيون إلى الفرار مرارا وتكرارا حفاظا على حياتهم، ويكافحون لتوفير الطعام لأسرهم، وفي بعض الأحيان، اضطروا أيضا إلى تغطية وفاة أصدقائهم وزملائهم وأحبائهم. وقالت جودي جينسبيرغ، رئيسة لجنة حماية الصحفيين: "إنهم يعانون من نفس الحرمان المروع الذي يعاني منه باقي سكان غزة. إنهم يتنقلون باستمرار. إنهم يعملون من مساكن غير مستقرة للغاية".
مضى عهد الراحة:
وبحسب نيويورك تايمز فعلى عكس الصحفيين الذين يغطون الأحداث من مناطق قتال أخرى، لا يستطيع الصحفيون الفلسطينيون في غزة مغادرة خطوط القتال للراحة والاستجمام، حيث لا تسمح إسرائيل ومصر لأي شخص بمغادرة القطاع باستثناء العاملين في مجال الإغاثة ومزدوجي الجنسية وبعض المرضى أو الجرحى.
وقال الصحفي الصفدي: "عندما أكون في العمل ويأمرنا الجيش الإسرائيلي بالإخلاء، أضطر إلى البحث عن مكان جديد لنعيش فيه.. أنت تعمل صحفيا، ولكن عليك أيضا أن تعيل عائلتك النازحة".
وقد وقع الصفدي نفسه في مرمى النيران، ففي أواخر يوليو/تموز الماضي، أصابت غارة جوية إسرائيلية منزلا قريبا في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، مما أدى إلى إصابته هو وابنته الصغيرة بشظايا، على حد قوله. وأضاف: "هناك كثير من الخوف، ولا توجد حماية".
0 تعليق