كينشاسا - أ ف ب: تسعى الولايات المتحدة إلى تأمين إمدادات المعادن الأساسية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، لتصنيع المكونات الإلكترونية، سعياً لمنافسة احتكار الصين شبه الكامل لهذا القطاع الإستراتيجي.
وتتسارع وتيرة الإستراتيجية الأميركية التي بدأت قبل سنوات، منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في مطلع العام.
تُصنَّف جمهورية الكونغو الديمقراطية ضمن الدول الـ15 الأقل نمواً رغم امتلاكها بعضاً من أغنى موارد العالم، لا سيما النحاس والكوبالت والكولتان والليثيوم.
تُعدّ هذه المواد أساسية لتصنيع مكونات الأسلحة والهواتف المحمولة والسيارات الكهربائية.
عام 2024، أمّنت جمهورية الكونغو 76% من إنتاج الكوبالت العالمي، وفقاً للمعهد الأميركي للمسح الجيولوجي.
مع عودة ظهور حركة "إم 23" المسلحة المدعومة من رواندا في شرق جمهورية الكونغو، تسعى حكومة الرئيس فيليكس تشيسكيدي إلى توقيع اتفاق مع واشنطن من شأنه أن يضمن للولايات المتحدة سلسلة إمداد مستقرة ومباشرة للدفاع والتكنولوجيا، مقابل تعزيز التعاون الأمني.
لكن قطاع التعدين في الكونغو يشهد عمليات تهريب مزمنة وفساداً وتنشط فيه شبكات إجرامية، ما لا يشجع المستثمرين من القطاع الخاص.
وسيطرت حركة "إم 23" على العديد من مواقع التعدين في شرق جمهورية الكونغو خلال هجماتها منذ عام 2021.
في الوقت الحالي، وفقاً للخبراء، ينصب اهتمام واشنطن بشكل أساسي على جنوب شرقي البلاد الذي ظل بمنأى عن النزاعات، والغني بالنحاس والكوبالت.
منذ سنوات، تعمل الولايات المتحدة على الترويج لإنشاء "ممر لوبيتو"، أحد أكثر مشاريع البنى التحتية طموحاً في القارة، للسماح بنقل المعادن من المقاطعات الجنوبية الشرقية في جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى ميناء أنغولي على المحيط الأطلسي.
وتستغل الشركات الصينية أغلبية الموارد في جمهورية الكونغو الديمقراطية، والتي عادة ما تستحوذ عليها من الشركات الغربية التي تغادر البلاد بسبب النزاعات أو مناخ الأعمال.
يقول كريستيان جيرو نيما، الخبير في مشروع أفريقيا - الصين: "إذا أراد الأميركيون دخول هذا القطاع اليوم وتحقيق أرباح فورية، فسيتطلب ذلك انتزاع حقوق التعدين من بعض الشركات".
ويضيف: "إذا أرادوا البدء من الصفر، فعليهم التقدم بطلبات للحصول على تصاريح بحث والشروع في الاستكشاف، ما قد يستغرق 8 إلى 9 سنوات على الأقل قبل تحقيق نتائج".
وقّعت مجموعة التعدين الأميركية "كوبولد ميتالز"، وهي شركة ناشئة تستخدم الذكاء الاصطناعي لاكتشاف الرواسب المعدنية خاصة الليثيوم، اتفاقية مبدئية مع كينشاسا في تموز لاستكشاف "1700 مربع تعدين" (وحدة قياس تمثل حوالى 85 هكتاراً).
وحصلت المجموعة الممولة بشكل خاص من جيف بيزوس وبيل غيتس، على موافقة السلطات في جمهورية الكونغو الديمقراطية للاستفادة من قاعدتها الخاصة ببيانات التعدين القيمة.
يقول جان جاك كايمبي، منسق مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية في جمهورية الكونغو: "إن جميع المناجم التي نعرفها تأتي من أبحاث أجريت قبل 80 أو 100 عام، وأقل من 20% من الأراضي خضعت لدراسات معمقة".
في تموز، أعيدت 600 ملكية تعدينية إلى القطاع العام بعد عملية كبرى لتحديث الملف العقاري.
وأشارت مصادر ومسؤولون أمنيون إلى ممارسة ضغوط حكومية لتلبية المطالب الأميركية.
يقول كريسبين مبيندول، رئيس مجلس إدارة سجل التعدين في جمهورية الكونغو الديمقراطية: "لا تقوم جمهورية الكونغو بأي مساومة".
وأضاف: إن الأميركيين "اتبعوا جميع الإجراءات ودفعوا جميع الرسوم".
وإضافة إلى اكتشاف رواسب جديدة، فإن إنشاء مشاريع مشتركة مع شركات التعدين التي تكون الدولة الكونغولية مساهمة فيها، يعد أحد الحلول لتلبية المصالح الأميركية، بحسب الخبير جان جاك كايمبي.
احتفظ رجل الأعمال الإسرائيلي، دان غيرتلر، الذي استهدفته عقوبات أميركية لحصوله على امتيازات تعدين في جمهورية الكونغو ضمن شروط غير شفافة، بنفوذه وشبكاته في قطاع التعدين في البلاد.
يقول جان كلود مبوتو من منظمة "الكونغو ليست للبيع" غير الحكومية (CNPAV): "لا يزال يتقاضى عائدات من ثلاثة من أكبر مشاريع للتعدين في البلاد".
في آذار 2021 أعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات على غيرتلر، تماشياً مع قرار من وزارة الخارجية الأميركية في كانون الأول 2017 تم تخفيفها قبل مغادرة دونالد ترامب البيت الأبيض.
وقال دبلوماسي أوروبي: "من المستحيل ألا يكون شخص بهذه الخبرة طرفاً" في المفاوضات الحالية. ولم يتسنَّ لوكالة فرانس برس الاتصال بغيرتلر للتعليق.
أميركا طامعة بمعادن الكونغو لمنافسة الصين - هرم مصر

أميركا طامعة بمعادن الكونغو لمنافسة الصين - هرم مصر
0 تعليق