كشف فريق بحثي من جامعة فلوريدا وجامعة كوليدج لندن أن عدد الأشخاص الذين يقرؤون بانتظام بغرض المتعة انخفض بشكل حاد منذ مطلع القرن الحالي.
ففي دراسة شملت الفترة بين عام 2003 إلى عام 2023، وضمّت أكثر من 230 ألف مشارك في "مسح استخدام الوقت الأميركي" (American Time Use Survey)، رصد الباحثون ما وصفوه "بالتحول الثقافي الجذري"، إذ أصبح الناس أقل ميلا بكثير لفتح كتاب مما كانوا عليه في السابق.
وربما لا يُعد ذلك مفاجئا لمن يقارن مشاهد القطارات والطائرات في العقود الماضية، حين كان من الشائع رؤية الركاب منهمكين في قراءة الكتب أو الصحف والمجلات. أما في وسائل النقل العامة اليوم، فإن صغار السن وكبارهم على حد سواء باتوا أكثر ميلا إلى التحديق في تطبيقات التواصل الاجتماعي على هواتفهم، بدلا من التمعن في صفحات كتاب.
وفي العام الماضي، نشرت صحف ومجلات مثل "ذا تايمز" و"ذي أتلانتيك" مقالات تنقل تعبير أساتذة جامعيين عن أسفهم لعجز الطلاب حاليا عن قراءة الكتب الطويلة.
وتقول جيل سونك من جامعة كوليدج لندن إن هذا "الابتعاد المقلق بشدة" عن الكتب "ليس مجرد انخفاض طفيف"، بل هو "تراجع ثابت ومستمر بمعدل 3% سنويا تقريبا".
ويُرجّح أن ما يصفه الباحثون "بالثقافة الرقمية" -أي الاستخدام الواسع للهواتف والرسائل وتطبيقات التواصل الاجتماعي وما يصاحبها من محتوى سريع الزوال مثل المحادثات والمقاطع القصيرة- قد أسهم بشكل كبير في هذا الانحدار في معدلات القراءة.
ففي وقت سابق من هذا العام، قالت جامعتا "تيانجين نورمال" في الصين و"كاليفورنيا في لوس أنجلوس" إنهما وجدتا أن المشاهدة المستمرة لمقاطع الفيديو القصيرة على الإنترنت تسبب "عجزا معرفيا"، أو ما يُعرف أحيانا بـ"دماغ تيك توك".
ولا يُمكن تجاهل العوامل الاقتصادية أيضا، فهي تمنع كثيرين ممن قد يرغبون في القراءة من تخصيص وقت لها، خاصة منذ الأزمة المالية في عام 2008، وما تبعها من اضطرابات وارتفاع حاد في تكاليف المعيشة بسبب جائحة كوفيد-19 وغزو روسيا لأوكرانيا.
إعلان
ويشير الباحثون إلى أن التراجع في معدلات القراءة كان أشد حدّة لدى الفئات ذات الدخل المنخفض، ولدى السكان في المناطق الريفية.
وتعلق سونك على ذلك قائلة: "إذا كنت تعمل في أكثر من وظيفة، أو تواجه صعوبات في وسائل النقل في منطقة ريفية، فقد لا تكون زيارة المكتبة أمرا ممكنا ببساطة".
0 تعليق