هكذا حوّل الاحتلال بلدة خزاعة الجميلة إلى مساحات قاحلة - هرم مصر

جريدة الايام 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كتب خليل الشيخ:

 

صمت المواطن "أبو شريف" لوقت قصير قبل أن يبدأ بالحديث عن بلدة خزاعة، جنوب قطاع غزة، التي مسحها الاحتلال بالكامل.
وقال: "راح كل شيء، راحت الدار والمزرعة، راحت البيوت الحلوة كلها، وجرفت الأراضي الزراعية، ما بقي إلا الدمار والخراب".
لم يكن صمت "أبو شريف" في الستينيات من عمره، بسبب عدم قدرته على الحديث، بل لتأثره الواضح لما حل ببلدته خزاعة، التي سكنها منذ أكثر من 50 عاماً، عندما كان طفلاً لم يتعدّ العاشرة من عمره.
وتحولت بلدة خزاعة التي تبلغ مساحتها سبعة كيلو مترات، إلى صحراء قاحلة، خلت من أي مبنى قائم، وشوهدت فيها أكوام ركام المنازل والمرافق، حسب التسجيل الذي نشره الاحتلال قبل يومين فقط.
"تفرجت على التسجيل وانصدمت، صحيح كان هناك دمار قبل هيك بس مش لهاي الدرجة"، أضاف "أبو شريف" الذي كان يعمل في تربية الدواجن قبل العدوان.
وأوضح أنه كان ينتظر اليوم الذي سيعود فيه إلى منزله المدمر والمزرعة، لكن بعد أن تمكنت قوات الاحتلال من تدمير كل شي في خزاعة، لم يعد هناك ما سيرجع إليه.
لم يكمل "أبو شريف" حديثه وشرع بالبكاء حسرة على ضياع بلدة كاملة كان يسكنها نحو 15 ألف شخص، وتقع عند الحدود الشرقية بمحاذاة خط التحديد شرق خان يونس، جنوب القطاع.
وقال: "لم أستطع إكمال مشاهدة التسجيل الذي تناقلته وسائل الإعلام خاصة وأنا أتذكر المزارع والشوارع والبيوت الجميلة التي كانت تضمها البلدة الهادئة".
يذكر أن قوات الاحتلال التي احتلت البلدة بالكامل منذ الثامن عشر من آذار الماضي، أكملت هدم وتفجير كافة المنازل فيها، وجرفت ما بقي من مزارع لم تطلها أعمال التجريف في شهور العدوان التي سبقت الهدنة الموقعة في التاسع عشر من كانون الثاني الماضي.
وأعلنت بلدية خزاعة في بيان أصدرته، أمس أن البلدة أصبحت منطقة منكوبة بالكامل نتيجة الاستهداف الإسرائيلي المباشر، الذي طال مختلف مكونات الحياة فيها.
وأشار رئيس البلدية شحدة أبو روك إلى أنه لم تعد حياة في البلدة، فجميع المنازل مدمّرة، وكافة شبكات وآبار المياه فيها قد جرفها الاحتلال وتحولت المساحات الخضراء إلى مساحات قاحلة ويابسة.
وأضاف في تصريحات صحافية: الدمار تسبب بتسوية المباني كلها بالأرض، ودمرت المرافق الصحية والتعليمية، وكافة شبكات البنى التحتية خرجت عن الخدمة، معتبراً أن ما تعرضت له البلدة هو انتهاك صارخ للقانون الدولي وجريمة مستمرة.
وبيّن أن ما حلّ بخزاعة ليس دمارا وخرابا فقط، بل مسرح لجرائم الاحتلال بحق ساكنيها على مدار 20 شهراً، فقوات الاحتلال قتلت المئات من قاطنيها سواء في مناطق داخل البلدة أو أثناء نزوحهم منها، وفي أماكن نزوحهم وتشتتهم في مراكز الإيواء.
ولا ينقطع "أبو شريف" الذي سكن وعائلته الممتدة في أربعة منازل متعددة الطوابق في الجزء الشمالي لبلدة خزاعة، قبل نزوحه في منطقة "بئر 19" غرب خان يونس، عن متابعة الأخبار والتصريحات الصادرة، منتظراً اليوم الذي سيتمكن فيه من العودة.
"عندي أمل بأنني سأعود وأعيد بناء منزلي ومنازل أبنائي، وسأعيد تأسيس مزرعة الدواجن التي كنا نعتاش منها"، قال "أبو شريف" معرباً عن أمله بأن ذلك سيكون قريباً.
وتذكر في هذا السياق بعضاً من تفاصيل الدمار الذي لحق بالبلدة في عدوان 2014، وقال: "المرة اللي فاتت دمروا البيت بس ارجعت بنيته وهذي المرة الثالثة اللي سأبني البيت لكني لن أرحل عن خزاعة".
لم تكن النكبة في تدمير خزاعة كبلدة جميلة وهادئة وتهجير سكانها فقط، بل في إعدام المناطق الزراعية فيها أيضاً، والتي كانت تشكل جزءاً مهماً من سلة الخضراوات والفواكه الغذائية لسكان قطاع غزة.
وقال المزارع حسين قديح (46 عاماً): "غالبية الأراضي الزراعية كانت في الجزء الشرقي الحدودي للبلدة، وهذه المناطق كانت تقدر بمئات الدونمات مخصصة لزراعة الخضراوات البيتية، لكن الأهم هو مساحات الأراضي التي كانت مزروعة بأشجار الفواكه واللوزيات وسط البلدة وفي أطرافها الشمالية والجنوبية".
وبيّن قديح أنه كان يعمل في زراعة الخضراوات عند السياج الحدودي، وضمن مساحة زراعية تقدر بخمسة دونمات، ومنها كان يعتاش وأسرته، مشيراً إلى أن الاحتلال دمّر كل شيء هناك، لكنه لن يتوقف عند هذا التدمير بل يهدد بمصادرة الأراضي الحدودية، واقتطاع جزء مهم من البلدة، في إطار ما يزعمه بإنشاء مناطق عازلة.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق