"عين التينة" لصافي صافي.. عن جدلية "الداخل" و"الخارج" في مكان "يتآكل"! - هرم مصر

جريدة الايام 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كتب يوسف الشايب:

"لم تكن "عين التينة" ضمن خططي الروائية، كما غيرها، لكنها سقطت عليّ، وبزخم من الذين سألوني عن "حنان"، وعلاقتي بها".. قال الروائي الفلسطيني صافي صافي عن روايته الأحدث "عين التينة"، في فعالية إطلاقها في قاعة الجليل بمتحف محمود درويش في مدينة رام الله، مؤخراً، وقدّم لها الروائي وليد الشرفا.
"أنا لست أنا، والمكان الروائي ليس المكان الحقيقي، فالمكان الروائي غير حقيقي مهما حاولنا ذلك، وأنا لست أنا مهما تشاطرت، والزمن ليس هو بالضبط، لكني أجد أني أستطيع التعبير عن دواخل شخصية ما إذا تقمصتها، وهكذا فعلت في أكثر من مكان"، ليضيف صافي: ربّما تلاحظون أنني لم أستطع التعبير عن مشاعر "حنان" من داخلها، إلا من خلال سلوكها وكلماتها وإيماءاتها، لكني أنطلق بالتعبير عن الراوي أكثر.. هناك تشابك بيني وبين الراوي، حتى إن كثيرين رأوا ذلك، لكنه ليس أنا بالضبط، فأنا أعرف الكويت، والأردن، وفلسطين، وأستطيع العيش فيها شخصياً وروائيّاً.
وتساءل صاحب "عين التينة": هل ما أفعله هو هروب من علاقتي بحنان؟.. لا، فكل له حنانه، وحنانات أصاب فيهن وخاب، وخرج من أزمة مؤقتة ودائمة، وأنا لست متأزماً، بل أتصالح مع نفسي كثيراً، فأغضب وأنسحب، وأضحك وأبكي، وأحزن وأفرح، وأخالط الناس وأنزوي، وأقرأ وأكتب.
إذا كانت ظلال هذه العلاقة هي الأكثر ظهوراً في رواية "زرعين"، فإن هذه الظلال لم تنتهِ تماماً في رواية "عين التينة"، فحنان دخلت بتصريح من الاحتلال، بحيث التقى الراوي الذي يمثل الداخل بها هي التي تمثل الخارج في فندق برام الله، وقد رفضت أن تتجول في المدينة أو أي مدينة بما فيها القدس، كي لا تشغل بالها أو ذاكرتها بغير بيسان.
بدوره قدّم الشرفا، مداخلة مُعمقة في الرواية، متطرقاً إلى النص وما وراءه في "عين التينة"، بما في ذلك حديثه عن جدلية "الداخل" و"الخارج"، أو العلاقة الملتبسة بينهما، والتي تجسدت في رومانسية حالمة انعكست في تفسير الجنود لدى "الخارج" متمثلاً بشخصية "حنان"، وبأنهم من "يحرسون الوطن حتى يعود"، بينما هم من يحرسون أنفسهم في النهاية لدى "الداخل" ممثلاً بـ"الراوي"، الذي يدرك جيداً أننا نتآكل مع الوقت بشكل كبير.
كما تحدث الشرفا عن "الدافع" و"المانع" في السرد لدى صافي هنا، وعن "الرهان على هذا الحب، غير الواضح وغير الناضج وغير المكتمل"، الذي كان يوازي بالجدوى "الحوارات السياسية الوجدانية الكبرى"، بفعل العمر، أو بفعل كون "الطاقة تتحوّل ولا تنتهي"، وغيرها من الإضاءات ذات الدلالات المهمة فيما يتعلق بتفاصيل الرواية.
وعاد صافي ليؤكد: ما زالت مشاريعي الروائية قائمة، منها ما يتعلق بفقداني لأخي المقرب لي، أخي الإسباني، الذي عانيت ما عانيت لفقدانه، فابتعدت قليلاً، وربما أعود إخلاصاً له ولذاتي، هو الذي أوصاني أن آتي برفاته وأرشه في البحر، أو في مسقط رأسه.. لم أستطع، فالحمل ثقيل ثقيل، وربّما أعود لذكريات ما بعد 1967 والمجند العربي الذي جاء يبحث عن أخته، وحين عبرت الجسر بما فيه من أمل وأوجاع ومقت، وصناعة مستقبلي الذي ترون.. نسيتُ أيضاً كتابي "النمل"، الذي لم أجرؤ على نشره حتى الآن، رغم كتابتي له منذ أكثر من عشرة أعوام، فهو تخيّل لما أنزل على النمل، وفيه محاكاة للواقع، وفيه إعادة قراءة للمعتقدات بصورة حداثية كما أتخيّل.

a

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق