نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تعليم جديد لعالم جديد: التكنولوجيا ومهارات 2030 - هرم مصر, اليوم الثلاثاء 9 سبتمبر 2025 08:10 صباحاً
هرم مصر - بين جدران الصفوف التي اعتادت على الحفظ والتلقين، يقترب زمن جديد يطالب بمهارات مختلفة تماماً. عام 2030 لن ينتظر أنظمة تعليمية بطيئة، وسوق العمل تطالب بإبداع، ذكاء رقمي، وأفق أوسع مما اعتدناه. هذه الحقائق ناقشتها "النهار" مع الدكتورة منى صوان، الخبيرة في القيادة التربوية ومؤسِّسة Empowering Educators Academy، التي تعمل على تمكين المعلمين من دمج التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في التعليم لبناء بيئات تعلم حديثة وتفاعلية.
جيل 2030 ومهارات المستقبل
تقول صوان: "لا شك في أن ملامح سوق العمل في عام 2030 ستختلف كلياً عمّا نعرفه اليوم. المنتدى الاقتصادي العالمي يشير بوضوح إلى أن المهارات الأكثر طلباً لن تكون الحفظ أو التكرار، بل التحليل، الإبداع، الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، المرونة، والوعي البيئي. وهنا يبرز السؤال: هل أنظمتنا التعليمية في لبنان والمنطقة العربية مستعدة لهذه التحولات؟".
التكنولوجيا التعليمية كجسر نحو المستقبل
تتابع: "لم يعد التعليم التقليدي وحده قادراً على مواجهة هذه المتغيرات. اليوم، بدأت مؤسسات تربوية في لبنان تفتح المجال أمام المعلمين لاستخدام أدوات رقمية في الصفوف. على سبيل المثال، نقابة تكنولوجيا التربية في لبنان تنظم ورشاً تدريبية متخصصة للمعلمين حول التفكير النقدي، الابتكار، والذكاء الاصطناعي في التعليم، وهو ما يعكس وعياً متنامياً الى أهمية إدماج التكنولوجيا في العملية التعليمية. هذه المبادرات تبشر بأن التحول ممكن، لكنها ما زالت تحتاج إلى دعم أوسع وتعاون بين المدارس الرسمية والخاصة لضمان وصولها إلى كل طالب".
من الصف إلى سوق العمل
وترى صوان أنّ ميزة التكنولوجيا التعليمية أنها لا تقتصر على المعرفة النظرية فحسب، بل تقرّب المتعلم من بيئة العمل الحقيقية:
• الطالب الذي يتعلم الأمن الرقمي من خلال تدريبات عملية يعيش تجربة تحاكي ما يحتاجه أي موظف في شركة تقنية.
• والتلميذ الذي يستخدم منصات التعاون الرقمية مثل Padlet أو Google Workspace ليقود مشروعاً مع زملائه، يكتسب مهارات القيادة والعمل الجماعي باكراً.
• حتى المشاريع البيئية الرقمية، مثل إنشاء حملات توعية عبر Canva أو فيديوهات قصيرة على منصات تفاعلية، تجعل الاستدامة البيئية جزءاً من التعلم العملي، وليس مجرد درس في كتاب".
المعلم في قلب التغيير
وتضيف: "وسط كل هذا، يبقى دور المعلم أساسياً. فالمعلم لم يعد ناقلاً للمعلومة، بل ميسّراً وموجّهاً يساعد الطلاب على تطوير مهارات التفكير، التعلم مدى الحياة، والمرونة في مواجهة التغيير. ومن خلال الورش التدريبية المتزايدة التي تقودها مؤسسات محلية مثل نقابة تكنولوجيا التربية، يتضح أن الاستثمار في المعلم هو الاستثمار الأذكى لمستقبل أبنائنا".
قاعدة 80/20 في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي
وتوضح: "في زمن تتسارع فيه الابتكارات التكنولوجية، ويحتل فيه الذكاء الاصطناعي مساحة متزايدة في حياتنا اليومية، يقف التربوي أمام سؤال محوري: هل نحن بحاجة إلى مزيد من الأدوات الرقمية أم إلى الاستخدام الأذكى لها؟".
وتضيف: "قاعدة 80/20 أو مبدأ باريتو، التي تقول إن 80% من النتائج تأتي من 20% من الجهود، تذكّرنا بأن ليس المهم أن نُكثر من الأدوات، بل أن نُحسن اختيار ما هو مؤثر منها".
وتشرح:
• "20% من البيانات العالية الجودة قادرة على أن تعطي 80% من دقة النموذج.
• أتمتة 20% من المهمات المتكررة مثل التصحيح أو إعداد التقارير يمكن أن توفر للمعلم 80% من وقته ليتفرغ للتفاعل مع طلابه.
• حتى المستخدمين العاديين لهذه التقنيات غالباً ما يكتفون بخصائص محدودة، لكنها تمنحهم النسبة الكبرى من الفوائد".

صورة تعبيرية موّلدة بالذكاء الاصطناعي
في التكنولوجيا التعليمية
وتشير الى أن "التجربة الميدانية في المدارس والورش التدريبية تؤكد أن 20% من الأدوات الرقمية مثل Google Forms أو Padlet تكفي لتغطية معظم احتياجات الصف الدراسي. بعض الطرق التفاعلية البسيطة، كالتعلم التعاوني أو الألعاب الصفية، تحقق النسبة الكبرى من تفاعل الطلاب وتحفيزهم. أما على مستوى إدارة الصف والوقت، فإن اعتماد حلول رقمية لأتمتة الحضور أو الواجبات يختصر 80% من العبء الإداري المرهق، ويعيد للمعلم دوره الحقيقي كموجّه وداعم لرحلة التعلم".
لماذا تهمنا هذه القاعدة؟
وتقول: "لأنها تضع المعلم في موقع القيادة بدلًا من أن يكون أسيرًا لتعدد المنصات. فهي تدعونا إلى التركيز على الجودة بدلًا من الكمية، وعلى اختيار الأدوات التي تُحدث فرقًا ملموسًا بدلًا من الانبهار بالمستجدات التكنولوجية غير الضرورية".
وتختم: "قاعدة 80/20 تذكّرنا بأن سرّ النجاح في دمج الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا التعليمية لا يكمن في الإفراط في الاستهلاك، بل في حسن الاختيار. وإذا عرف المعلم أن 20% من الأدوات والاستراتيجيات تحقق له 80% من الأثر، فسيصبح التعليم أكثر فعالية، والإدارة أكثر سلاسة، والتعلم أكثر متعة. مهارات 2030 مسؤولية تبدأ اليوم، والتعليم لم يعد كتاباً نقرأه، بل تجربة رقمية نعيشها بكل تفاصيلها".
0 تعليق