نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عملة ترامب الرقمية… بين الوعود وصفعة السوق - هرم مصر, اليوم الاثنين 8 سبتمبر 2025 09:12 صباحاً
هرم مصر - لم يكن إطلاق عملة World Liberty Financial (WLFI) حدثاً مالياً فحسب، بل بدا كأنه استعراض سياسي–اقتصادي يتجاوز حدود البورصات الرقمية إلى دهاليز السلطة في واشنطن. لكنّ البداية التي كان يُفترض بها أن تُكرّس العملة كرمز لنفوذ جديد، تحوّلت سريعاً إلى إعلانٍ عن هشاشة المشروع: هبوط حادّ، تداول متوتر، وأسئلة مشتعلة عن حدود النفوذ حينما يتقاطع المال مع السياسة.
بداية صاخبة… وتراجع سريع
في يومها الأول، ارتفعت WLFI إلى 0.33 من الدولار، قبل أن تتراجع إلى 0.21 من الدولار، وتستقر حول 0.24 من الدولار بخسارة تقارب 30%. حجم التداول قفز من 259 مليون دولار إلى 2.5 مليار خلال ساعات. لكنه بدا واضحاً، خلف هذه الأرقام، أن السوق لم تبايع العملة الجديدة. ضجيج أكثر من ثقة، ومضاربة أكثر من استثمار.
قيمة على الورق… بلا أرض صلبة
التقييم الأوليّ أعطى WLFI مكانة بين أكبر 25 عملة رقمية بقيمة تقارب الـ 7 مليارات دولار. لكن خلف هذه الهالة، الحقائق أكثر برودة:
• المنصة الموعودة للإقراض والاقتراض لم تُطلق بعد.
• المنتجات التشغيلية تكاد تكون غائبة.
• الاستثناء الوحيد: العملة المستقرة USD1، التي اقتحمت نادي الكبار.
هكذا بدت WLFI كأنها قلعة من ورق: شاهقة في الأرقام، ضعيفة في الأساس.
حيلة "الحرق": نارٌ لا تُشعل ثقة
لإطفاء غضب الأسواق، خرج مقترح: حرق كل الرسوم عبر شراء WLFI من السوق وإتلافها. الهدف المعلن: خلق ندرة ترفع السعر وتكافئ الملاك القدامى.
لكن السوق تعرف الحقيقة: الندرة لا تصنع قيمة ما لم يوجد طلب حقيقي.
النار قد تلتهم بعض الرموز، لكنها لا تستطيع وحدها أن تزرع ثقة غائبة أو تبني اقتصاداً غير موجود.
ما يبقى إيجابياً في اللحظة الحالية هو أن المعروض لا يتجاوز الـ 25 مليار من العملة الرقمية، بالرغم من أن الوقت سيكون كفيلاً بزيادة المعروض مع فكّ عدد من المعروض القادم... فهنا ستكون لعبة التوازن بين المحروق من المعروض من العملة، وما سيتمّ فكّه من المعروض مستقبلاً.
ترامب والعائلة… حين يصبح النفوذ عملة
منذ عام، دخلت عائلة ترامب إلى عالم الكريبتو بكل ثقلها:
• إطلاق عملة مستقرة بالدولار.
• توسع في التعدين.
• صناديق استثمارية رقمية.
الحصيلة: ثروة تُقدّر بنحو 500 مليون دولار، وجدل متصاعد حول تضارب المصالح. كيف يمكن لرئيس يضع يده على ملفات سياسية أن يكون في الوقت نفسه أكبر المنتفعين من الفوضى المالية الجديدة؟
إنها معادلة تُذكّر بأن السوق قد تبتسم للنفوذ لحظة، لكنها لا تمنحه حصانة دائمة. وتذكر الأسواق بعملة الميم التابعة لترامب سابقاً ثم عملة السيدة الأولى ميلانيا؛ على رغم اختلاف المشاريع هنا.
صورة تعبيرية (وكالات)
بين الطموح والواقع
WLFI حملت وعوداً بأن تصبح عملة النفوذ السياسي–المالي في عهد جديد. لكن أول اختبار كشف هشاشة البريق: اسم ترامب لم يكن كافياً لتحويل الرمز إلى قيمة اقتصادية مستدامة.
الدرس واضح: السوق لا تقدّس الأسماء… بل تقدّس النتائج.
ثورة أم فقاعة؟
اليوم تقف WLFI عند مفترق حاد:
إما أن تتحول إلى منصة حقيقية تعيد صوغ قواعد التمويل اللامركزي،
أو تُسجَّل في دفاتر التاريخ كفقاعة سياسية عابرة… تلاشت كما ظهرت، بصخبٍ وضجيج.
ويبقى السؤال: هل تكون WLFI بداية إمبراطورية مالية جديدة تحمل توقيع ترامب… أم جرس إنذار يفضح حدود النفوذ حين يصطدم ببرودة الأسواق؟ وهذا ما قد يحتاج المزيد من الأدلة على مشاريع العملة الرقمية.
** رئيس الأبحاث وتحليل الأسواق في مجموعة إكويتي
0 تعليق