«يور وورك ويلنس»
تُعد الصداقة ركناً أساسياً في حياة الإنسان، تتجاوز كونها مجرد علاقات اجتماعية لتصبح عنصراً جوهرياً في تعزيز الصحة العامة وجودة الحياة، وفقاً لدراسة جديدة من جامعة ستانفورد الأمريكية.
وأثبتت الأبحاث مراراً أن الروابط العميقة مع الآخرين، خاصةً الأصدقاء، تحمل تأثيرات إيجابية واسعة تمتد إلى الصحة النفسية، والعاطفية.
الأصدقاء ليسوا مجرد رفقاء درب، بل هم شبكة دعم وجداني تسهم بعمق في تخفيف التوتر والقلق ومواجهة تحديات الحياة. الدعم العاطفي الذي يقدمه الأصدقاء يعزز القدرة على التكيف ويقوي الشعور بالأمان والانتماء، وهما عنصران أساسيان في الحفاظ على التوازن النفسي.
علم الأعصاب بدوره سلط الضوء على التفاعلات الكيميائية التي تُحفزها الصداقة في الدماغ، فالتواصل مع الأصدقاء يُطلق «الأوكسيتوسين» المعروف بهرمون الترابط والثقة، فيما تُسهم اللقاءات والأنشطة المشتركة في إفراز«الدوبامين»، وهو ناقل عصبي مرتبط بالشعور بالمتعة والتحفيز. هذه التفاعلات لا تُحسن المزاج فقط، بل تؤكد الأثر العميق للصداقات في الدماغ والحالة العاطفية.
على المستوى الجسدي، بينت الدراسات أن المحاطين بشبكات دعم اجتماعي قوية يُظهرون معدلات أقل من الإصابة بالأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب والمناعة. ويُعزى ذلك جزئياً إلى دور الأصدقاء في تخفيف الضغط النفسي، وتحفيز السلوكيات الصحية، كالنشاط البدني والتغذية الجيدة، ما يجعل أسلوب الحياة الصحي أكثر استدامة ومتعة.
ورغم أن بناء الصداقات والحفاظ عليها يتطلبان جهداً، فإن ثمارهما لا تُقدر بثمن، فالتواصل المنتظم، وقضاء الوقت معاً، والتعاطف المتبادل، كلها تعزز روابط الثقة والتفاهم، وتمنح الإنسان شعوراً بالرضا والمعنى. ويبرز هنا مفهوم المعاملة بالمثل عنصراً جوهرياً في استمرارية العلاقة وازدهارها.
الصداقة ليست مجرد ترف اجتماعي، بل قوة دافعة نحو حياة أكثر توازناً وسعادة. إنها تُمثل حافزاً للشفاء، ومصدراً للطمأنينة، ووسيلة لصنع حياة مليئة بالحب والدعم والاكتمال.
إن استثمارنا في علاقاتنا يُعد استثماراً مباشراً في صحتنا ورفاهنا، وهو ما يستحق كل لحظة نبذلها من أجله.
0 تعليق