هكذا يضيّق الاحتلال الخناق على خان يونس - هرم مصر

جريدة الايام 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

غزة - "الجزيرة نت": يجابه محمد الشاعر مشقة يومية من أجل تدبير احتياجات أسرته من المياه للشرب والنظافة الشخصية والمنزلية، في ظل توقف خدمات بلدية خان يونس، جنوب قطاع غزة، لليوم الرابع على التوالي، نتيجة منع الاحتلال إمدادات الوقود اللازم لتشغيل مرافق ومضخات المياه والصرف الصحي وآليات تقديم الخدمات.
وكانت البلدية تضخ المياه مرتين أسبوعياً للسكان والنازحين في المربعات السكنية ومناطق مراكز ومخيمات الإيواء التي لم تطلها إنذارات الإخلاء الواسعة، التي باتت تشمل حالياً غالبية مساحة المحافظة الكبرى من بين محافظات القطاع الخمس، ويقطنها زهاء 900 ألف نسمة من سكانها والنازحين فيها.
يعيل الشاعر (54 عاماً) أسرة مكونة من 10 أفراد، اضطروا للنزوح من منطقة "جورة اللوت" شرق خان يونس إلى غربها، وقال: "كنا نعاني من أجل توفير الطعام، والآن بتنا نعاني في توفير المياه، ونواجه في كل لحظة الموت بالقصف الذي لا يتوقف، أو جوعاً وعطشاً".
قبل نزوحه، كان الشاعر يعتمد على صهاريج تابعة لهيئات ومبادرات خيرية توزع المياه العذبة للشرب بالمجان، ويتزود بالمياه المالحة المخصصة للنظافة الشخصية والاستخدامات المنزلية من خطوط تابعة للبلدية ويخزنها في براميل تكفيه حتى الموعد التالي لوصلها.
ويشكو حالياً من انقطاع تام للمياه في المنطقة التي ينزح بها غرب مجمع ناصر الطبي، وتتبع جغرافياً لمنطقة المواصي، حيث يتكدس غالبية سكان خان يونس والنازحين فيها، وقال هذا الرجل العاطل عن العمل منذ اندلاع الحرب: "نواجه أزمة كبيرة، ولا أملك المال لشراء الطعام، فما بالكم بالمياه؟".
ويشاطره النازح محمد سلطان المعاناة نفسها، وقال: إن إمدادات المياه تراجعت بشكل كبير خلال الأيام الماضية.
ويقيم سلطان (61 عاماً) وأسرته (27 فرداً) في خيام داخل مخيم للنازحين في منطقة المواصي، منذ نزوحهم عن مدينة رفح في أيار الماضي، ومنذ نحو أسبوع يعاني هذا المخيم، أسوة بكل المخيمات الأخرى، من عدم توفر مياه الشرب والنظافة.
وفاقم إعلان البلدية عن توقف خدماتها الحيوية من تدهور الواقع المعيشي والإنساني لسكان المدينة والنازحين، الذين تقيم غالبيتهم في خيام ومراكز الإيواء في المواصي غير المؤهلة، والتي تتعرض للتقليص المستمر بسبب القصف المستمر وإنذارات الإخلاء، ما ينذر بوقوع كارثة بيئية وصحية وشيكة، حسب لجنة الطوارئ بالبلدية.
وقال سلطان: "نحن في غزة في سباق مع الموت، يلازمنا مثل ظل أجسادنا، ويلاحقنا في كل خطوة وفي كل مكان"، وأضاف، وقد فقد منزله في رفح ونجا قبل نحو 3 شهور من غارة جوية استهدفت خيمة مجاورة لخيمته: "الموت بات أقرب إلينا من أي وقت، وكل منا في غزة يشعر بأنه يقف في طابور بانتظار الموت إما بالقصف أو الجوع أو العطش، أو بمرض حيث لا يتوفر الدواء".
وكالأغلبية يضطر الشاعر وسلطان يومياً لملاحقة صهاريج شحيحة ونقاط متفرقة توفر المياه، والوقوف في طوابير طويلة ومزدحمة من أجل الحصول على كمية قليلة لا تفي بالاحتياجات الأساسية.
وذكرت "لجنة الطوارئ" في بلدية خان يونس أن الأزمة التي تعصف بالمدينة ناجمة عن منع الاحتلال إدخال الوقود للجهات والمؤسسات الأممية اللازم لتشغيل مرافق ومضخات المياه والصرف الصحي وآليات تقديم الخدمات.
وحسب مصدر مسؤول في اللجنة، فإن هذه الأزمة تضر بنحو 425 ألف نسمة يقطنون في محافظة خان يونس وفي نطاق نفوذ بلدياتها السبع (مدينة خان يونس والبلدات الشرقية)، علاوة على زهاء 280 ألف نازح من مدينة رفح المجاورة، وآلاف النازحين من مناطق أخرى من وسط القطاع وشماله.
ولتزويد هذه الكثافة العالية بالمياه، كانت البلدية تعتمد على 5 آبار من أصل 45 تعرضت للتدمير والتجريف، وخزان مياه أرضي وحيد من أصل 5 دمر الاحتلال بنيتها الإنشائية والكهروميكانيكية.
وازداد الواقع المائي بالمحافظة سوءاً مع أوامر الإخلاء الواسعة والتدمير الكبير للبلدات الشرقية (تشمل عبسان الكبيرة وعبسان الجديدة وبني سهيلا وخزاعة والقرارة والفخاري)، وتسببت في خروج خط ناقل للمياه من إسرائيل عن الخدمة.
وأشار المصدر ذاته إلى أن أزمات مركّبة نجمت عن الإخلاء الكبير والواسع لغالبية المناطق والبلدات والمربعات السكنية في المحافظة، والتي تتجاوز 95% من مساحتها الإجمالية المقدرة بـ108 كيلومترات مربعة، ولم يعد بإمكان البلديات السبع ممارسة مهامها في هذه البلدات كون الاحتلال صنفها "مناطق قتال خطيرة"، علاوة على عدم توفر الوقود.
وتبرز من بينها أزمة تكدس 250 ألف طن من النفايات في مكبات مؤقتة، وأكبرها في "حي الأمل" غرب المدينة، ويتعذر الوصول إليها وترحيلها، ما يهدد حياة المواطنين جراء انتشار المكاره الصحية والأمراض الفتاكة والأوبئة.
وحوّل الاحتلال بلدات خزاعة وعبسان الجديدة والقرارة إلى مناطق منكوبة، يناهز التدمير فيها نسبة 100%، إضافة إلى دمار هائل في باقي البلدات الشرقية المجاورة لها، التي تشتهر بالزراعة، وتمثل السلة الغذائية لسكان محافظة خان يونس ومناطق أخرى في جنوب القطاع.
وفي نطاق نفوذ بلدية خان يونس، التي تبلغ مساحتها 54 كيلومتراً مربعاً من المساحة الإجمالية للمحافظة، قال المسؤول في "لجنة الطوارئ": إن الدمار شمل 300 كيلومتر من شبكات المياه، و4 خزانات مياه أرضية بسعة 20 ألف متر مكعب، و40 بئر مياه من أصل 45، و80% من خطوط وشبكات الصرف الصحي، و34 كيلومتراً من خطوط تصريف مياه الأمطار، و120 كيلومتراً طولياً من الطرق، و20 آلية من أصل 26 تمتلكها البلدية تُستخدم في تقديم الخدمات الحيوية للسكان، واستهدف الاحتلال البنية الإنشائية والكهروميكانيكية لـ7 محطات صرف صحي من أصل 9.
ويحتاج سكان المدينة لنحو 300 ألف متر مكعب من المياه يومياً، أكد المصدر نفسه أنه لا يتوفر منها حالياً أي شيء، جراء توقف خدمات البلدية، ويعتمدون لتوفير احتياجاتهم اليومية على صهاريج مياه عذبة، وما يستخرجونه بوساطة "غواطس" وهي آبار محلية غير كافية.
    

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق