حاوره زياد خداش:
كيف سأقدم كامل الباشا؟ الفنان الفلسطيني الذي يتجول الآن في مدن العالم، كفنان عالمي، ينادي عليه المخرجون العرب والأجانب، ويحصل على جوائز عالمية، دون اتكاء على القضية المقدسة وبعيدا عن حمولة فلسطين كبلاد معذبة. منذ رأيته في مسارح فلسطين فناناً مسرحياً جداً ومثقفاً وذكياً وأنا أقول لنفسي هذه البلاد ضيقة على أحلامه، مقدسي ويعيش في قرية "كفرنعمة" رفقة ابنتيه وزوجته الفنانة ريم تلحمي، قال لي مرة فنان فلسطيني، هذا رجل لا يتوقف، وبالفعل كامل من فيلم لآخر، من مسرحية لمسرحية مخرجاً حيناً وممثلاً حيناً.> هذه دردشة معه:
*كامل الباشا فنان فلسطيني عالمي هل يخيفك هذا التوصيف أم يحيرك أم يطربك؟
-اليوم كل فلسطيني عالمي، قبل الحرب الأخيرة على غزة والضفة المحتلتين، وحرب العزل وتكميم الأفواه في الداخل المحتل، كنت أنزعج من هذا التوصيف، وكنت أصر على أن اصنف كفلسطيني تأكيداً على انتمائي والتزاماً بهويتي وقضيتي، والآن بعد أن أصبح كل فلسطيني عالمي أصبح التوصيف رغم الألم يطربني.
*أريد تفاصيل اللحظات الأولى التي أحسست فيها يا كامل بأنك تحب أن تصبح ممثلاً..
-لم تكن تلك لحظة بعينها، تمتعت بالتمثيل على مصطبة بيت جدي مقلدا غوار الطوشه، وتمتعت به مع أقراني في الشارع ونحن نستعيد مشاهد من أفلام ومسلسلات مصرية أو تقليد لمعارك الكونغ فو والكراتيه، وتمتعت وانا أجرب إعادة اخراج مشاهد من مسرحية مدرسة المشاغبين مع زملاء الدراسة في المرحلة الإعدادية، ثم في النوادي والنقابات، منذ وعيت الدنيا والحياة أردت أن أكون ممثلاً، مارست المهنة بسذاجة المبتدئين ثم الدارسين ثم المحترفين، ولا زلت اتعلم وأعشق مهنتي وأعتبرها مقدسة.
*لا تقل لي يا كامل أن بعض زملائك ينامون بهدوء وهم يرونك تركض من فيلم إلى آخر؟
-سؤالك مشاكس، انا ايضا لا أنام بهدوء بعد مشاهدة فيلم عظيم او مسرحية متقنة لا أكون فيها، أغار طبعاً، غيرة إيجابية تحفزني على مزيد من العمل والمزيد من الحرص على اختيار ما أشارك فيه من أعمال، وأرجو أن أكون محفزاً ايجابياً لزملائي، أحبهم جميعاً وأقدر ما ينجزونه وأتمنى لهم ما أتمناه لنفسي في رحلة الحياة على كوكب تزينه ورود تحفها الأشواك من كل حدب.
*ما أهم فيلم سينمائي فلسطيني شاهدته ولم تشارك به، فيلم يشبه مدرسة أو بوصلة أو مختبر؟
-أكثر من فيلم: "حكاية الجواهر الثلاث" اخراج ميشيل خليفي، و"ملح هذا البحر" اخراج آن ماري جاسر، و"يد إلهية" اخراج إيليا سليمان، و"حمّى البحر المتوسط" اخراج مها الحاج، و"فيلا توما" إخراج سهى عرّاف، و"بيت في القدس" إخراج مؤيد عليان...
*لم تخن المسرح يا كامل. أعرفك جيداً. طمئنا على مسرحية قادمة تمثل فيها لا تخرجها
-للأسف هذا العام لا جديد لانشغالي بأكثر من التزام سينمائي وتلفزيوني، ولا أخفيك ان المخرجين المسرحيين في فلسطين لم يطلبوا مشاركتي في أي عمل، وأرجو أن يتنبه المخرجون الفلسطينيون لوجودي في العام القادم كي أتمكن من برمجة عودتي للمسرح كممثل بما يليق بي. أما كمخرج فأرجو ان أتمكن خلال العام القادم من اخراج عمل على الأقل من قائمة الأعمال التي أطمح لإخراجها بإذن الله.
*انت ايضاً مخرج مسرحي.. من هو الفنان الفلسطيني الذي تتعلم منه؟
-أتعلم من الجميع، فكل مخرج عملت معه كممثل كان مدرسة في الاخراج لها مواصفاتها الخاصة، حيان يعقوب، الراحل فرانسوا أبو سالم، جورج إبراهيم، الراحل مازن غطاس، الراحل رياض مصاروه، أكرم تلاوي، مكرم خوري، نزار زعبي، سامر الصابر، أكرم المالكي، رمزي مقدسي، أما أكثرهم تأثيرا في تكويني فقد كان الراحل يعقوب إسماعيل رحمه الله.
*تحب الله كثيراً با كامل ولديك حس ديني عميق. هل يحب المسرح ذلك؟
-الفن بشموليته نعمة من نعم الله سبحانه، وأداة لبث الحب والخير والجمال في الكون، وهو مهنة مقدسة بالنسبة لي ولا تختلف عن أي مهنة، فيها الصالح وفيها الطالح، أحاول ان لا أكون طالحاً، لي عثراتي وذنوبي وسيئاتي وأرجو مغفرة ربي واتابع المشوار.
*ما هو العمل المسرحي الذي أحسست أنك وصلت إلى السماء فيه؟
-"قضية المدعو (س)" نص واخراج يعقوب إسماعيل، و"الزير سالم" نص ألفريد فرج واخراج المغربي محمد خميس.
*غياب النصوص المسرحية الفلسطينية، كيف يمكن تجاوزها، هل سنظل نعرّب مسرحيات الغرب ونستعين بالكتابات العربية المسرحية؟
-النصوص المسرحية الفلسطينية نادرة وأغلب المنشور منها ينتظر من ينتجه، مسرحيونا يرتجلون نصوصهم المحلية في كثير من الحالات وكتابنا بعيدون عن المسرح، ومن اقترب منه أدرك محدودية إمكاناته لتنفيذ نصوص مكلفة فعزف عن الكتابة، وفي غياب حركة مسرحية مدعومة ومتبناة من السلطة والبلديات ووزارتا التربية والتعليم العالي ووزارات الثقافة والاعلام والشباب، وغياب خطة مدروسة لتنشيط وتأطير العاملين بالمسرح واعتبارهم ثروة قومية لا بد من الاستثمار فيها، سيبقى الحال على ما هو عليه.
ولا عيب في تعريب النصوص الأجنبية أو فلسطنة العربية أو تقديمها كما هي، فنحن جزء من ثقافة إنسانية متعددة الأوجه، ولكن من حقنا أن نمتلك النص الفلسطيني المتميز والمنافس.
0 تعليق