القاهرة– بينما كانت الضربات العسكرية تتواصل بين طهران وتل أبيب، فجر يومي الجمعة والسبت الماضيين، كانت القاهرة منشغلة بمراجعة العديد من تدابيرها الاقتصادية، لمواجهة توابع تلك الضربات.
ويرى خبراء اقتصاد تحدثوا لـ"الجزيرة نت" أهمية أن تلتزم مصر بضوابط إدارة الأزمات الاقتصادية، والاستفادة من تجربة مصر في التعامل مع توابع جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، متوقعين زيادة موجات التقشف من المواطنين والحكومة مع طول مدة الأزمة الجيوسياسية الراهنة.
وطمأن رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، المواطنين، في الساعات الأخيرة على وجود خطة اقتصادية للتعامل مع توابع الأزمة العسكرية الراهنة.
وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء مطلع الشهر الجاري ارتفاع معدل التضخم السنوي (16.5%) الشهر الماضي مقابل (13.5%) للشهر الذي قبله.

3 مسارات حكومية
تعاملت الحكومة المصرية اقتصاديا مع التطورات العسكرية، عبر 3 مسارات، وفق رصد "الجزيرة نت".
متابعة الموقف النقدي والمخزون السلعي: حيث تم التنسيق الحكومي بين محافظ البنك المركزي، حسن عبد الله، ووزير المالية، أحمد كجوك، لزيادة المخزون الإستراتيجي من السلع المختلفة. خطة لتوفير الطاقة: أعلنت وزارة البترول تفعيل خطة الطوارئ الخاصة بأولويات الإمداد بالغاز الطبيعي بعد توقف إمداداته من الشرق، كما تم إيقاف إمداداتها منه لبعض الأنشطة الصناعية، ورفع استهلاك محطات الكهرباء للمازوت وتشغيل بعض المحطات بالسولار، وبدء خطة تحرك لتأمين احتياجات قطاع الكهرباء من الوقود، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة. غرفة عمليات سياحية: أعلنت وزارة السياحة والآثار، عن وجود غرفة عمليات لمتابعة الحركة السياحية بمختلف المقاصد المصرية، وإرجاء الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير للربع الأخير من العام الجاري، وكان مقررًا في مطلع الشهر المقبل.
ضغوط على المواطنين
يقول الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب "هذه مرحلة ضغوط على المواطنين والحكومة على السواء"، مؤكدا أهمية التفعيل المدروس لكافة خطط الطوارئ الحكومية من أجل إدارة الأزمات، وتقليل الآثار السلبية للصراع العسكري بين إيران وإسرائيل على الاقتصاد المصري والمصريين.
ويضيف في حديث للجزيرة نت أن عددا من السلع شهدت ارتفاعا في الساعات الأخيرة في مصر، معتبرا ذلك تحديا كبيرا، أمام الحكومة المصرية في ظل غياب توازن بين احتياجات الأسر المصرية وإيراداتها.
إعلان
ويرى الخبير الاقتصادي أن ثمة مخاوف مصرية من أن يؤدي الصراع الحالي، إلى وقف إمدادات الوقود في ظل تهديد إيران بغلق مضيق هرمز، وتهديدات أخرى بغلق باب المندب.
ويعتقد عبد المطلب أن الوضع الحالي يهدد بقطع سلاسل الإمداد، خاصة في مجال السلع الإستراتيجية التي تحتاجها مصر مثل القمح والبترول والزيوت.
ويحذر عبد المطلب من التأثيرات السلبية لأي ارتفاع محتمل لأسعار النفط وتوقف إمدادات الغاز على الصناعات الإستراتيجية المصرية مثل الأسمنت والأسمدة.
ويؤكد أن مصر مؤهلة لتلافي الأزمة على المدى القصير، لكن في حال استمرار الصراع العسكري، فإن الأمر سيصبح صعبا.
كما يعتقد أن الجنيه المصري سيتأثر بالصراع الحالي بالمنطقة، مما سينعكس سلبًا على الاقتصاد ومعيشة المواطن.
وضع اقتصادي مقلق
يقول رئيس مركز المصريين للدراسات الاقتصادية والسياسية عادل عامر إن "الوضع الاقتصادي الغامض يثير مزيدا من القلق في الأسواق".
ويضيف في حديث للجزيرة نت "سنواجه تحديات كبيرة قد تجعلنا مضطرين إلى الانتقال إلى نطاق أوسع من تقبل حد أدنى من آثار تلك المخاطر"، متوقعا زيادة الضغوط على سعر الجنيه المصري وارتفاع التضخم المحلي، متفقا مع مخاوف سابقيه من ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء نتيجة للاضطرابات.
ويعتقد عامر، أنه في مثل تلك الظروف يتوجب توفير كل وسائل تحقيق استقرار الأسعار ودعم النمو الاقتصادي، والاعتماد على الإنتاج المحلي، ومتابعة التطورات الإقليمية بشكل دقيق واتخاذ الخطوات الاحترازية المناسبة، مع تحسين سبل التواصل مع القطاع الخاص لضمان تحقيق الأهداف المنشودة اقتصاديا.
أما شعبة الذهب بالاتحاد العام للغرف التجارية بمصر فقالت في بيان لها إن "الوضع الحالي غامض جدا، يمكنك تسميته بالمنطقة الرمادية.
وطالبت المتعاملين بعدم التسرع في البيع والشراء، مؤكدة أن سوق الذهب يشهد تقلبات كبيرة هذه الأيام، حيث قفزت الأسعار بنحو 4% خلال فترة قصيرة، وسط توقعات بارتفاعات جديدة.

خبرة في إدارة الأزمات
من جهته، يرى خبير الاقتصاد وأسواق المال وائل النحاس -في حديث للجزيرة نت- أن تعامل مصر مع تداعيات المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران يحتم على مصر إيجاد ترتيبات داخلية واتفاقيات دولية تقي البلاد من أي سيناريوهات مفاجئة.
إعلان
وفي وقت يعتقد النحاس أن التحدي الأكبر يكمن في عدم معرفة موعد نهاية هذا التصعيد العسكري، إلا أنه يؤكد أن تجربة مصر في مواجهة التوابع الاقتصادية لأزمتي جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، أكسبتها خبرة تستطيع بها إدارة مثل هذه الأزمات.
0 تعليق