يتهاون كثير من المصلّين في تسوية صفوف الصلاة وانتظامها وإتمامها، مع أنّها سنّة نبوية عظيمة تعبّر عن الاستقامة والاعتدال ظاهرًا كما هو مطلوب باطنًا، وتؤكّد على أهمية النظام في حياة المسلم عمومًا، وفي العبادة خصوصًا.
وكان رسول الله ﷺ يحرص على تسوية الصفوف قبل بدء الصلاة، ويوجّه أصحابه رضي الله عنهم إلى الاهتمام بذلك في مواقف متعددة، مرة بالترغيب وأخرى بالترهيب، حتى أصبحت سنّة متواترة قولًا وفعلاً، موجهة إلى الإمام والمأمومين على حد سواء.
فقد ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاةِ) متّفق عليه.
كما ورد عن أبي مسعود عقبة بن عمرو رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ، وَيَقُولُ: (اسْتَوُوا، وَلَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ)، قال أبو مسعود: "فَأَنْتُمُ الْيَوْمَ أَشَدُّ اخْتِلَافًا" رواه مسلم.
وحثَّ النبي ﷺ على إتمام صفوف الصلاة وتسويتها وتراصها، وجعل ذلك من علامات وحدة الأمة والتزام جماعتها بدين واحد وإمام واحد. والتراصّ هو التقارب والالتصاق، كما ورد في قوله تعالى: {إِنَّ الله يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} (الصف: 4). لذا ينبغي على المأموم الاستجابة لتوجيه إمامه في تسوية الصفوف وإتمامها والتقارب فيها، دون تضجر أو تذمر، بل يكون عونًا لإمامه وإخوانه المصلين في ذلك.
وعن جابر بن سَمُرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهِا؟)، قلنا: وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهِا؟ قال: (يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْأُوَلَ، وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ) رواه مسلم.
وحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من التهاون في تسوية الصفوف اثناء الصلاة، حيث روى عن النّعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يُسَوِّي صُفُوفَنَا حَتَّى كَأَنَّمَا يُسَوِّي بِهَا الْقِدَاحَ - مبالغةً في تسويتها حتى تصير كأنما يُقوّم بها السّهام لشدّة استوائها واعتدالها -, حَتَّى إذَا رَأَى أَنْ قَدْ عَقَلْنَا عَنْهُ، ثُمَّ خَرَجَ يَوْمًا فَقَامَ حَتَّى كَادَ أَنْ يُكَبِّرَ، فَرَأَى رَجُلاً بَادِياً صَدْرُهُ فَقَالَ: ((عِبَادَ الله، لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ الله بَيْنَ وُجُوهِكُمْ)). رواه مسلم
وعن بُشَيرِ بن يَسَارٍ الأنصاريِّ عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قدم المدينة فقيل له: مَا أَنْكَرْتَ مِنَّا مُنْذُ يَوْمِ عَهِدْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: "مَا أَنْكَرْتُ شَيْئًا إِلا أَنَّكُمْ لا تُقِيمُونَ الصُّفُوفَ" رواه البخاري.
فيجب على المسلم ان يحرص اشد الحرص على تسوية الصفوف أثناء الصلاة لان تسويتها من اقامة الصلاة
والله سبحانه وتعالى أعلم
يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل
0 تعليق