"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان والمعاناة في غزة - هرم مصر

جريدة الايام 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتب محمد الجمل:

 

يتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتتعمّق معه المأساة، بالتزامن مع تواصل معاناة النازحين، وتصاعد عمليات التدمير في مدينة غزة.
"الأيام" رصدت مشاهد جديدة من العدوان، منها مشهد تحت عنوان "الروبوت المُدمر"، ومشهد آخر يرصد تحوّل مراكز المساعدات الأميركية إلى مصائد للإعاقات الدائمة، ومشهد ثالث يوثق حالة التآزر والتعاون في مخيمات النازحين، لاستقبال القادمين من مدينة غزة.

 

"الروبوت المُدمر"

أضحت "الروبوتات المفخخة" واحدة من أكثر وسائل الاحتلال فتكاً وتدميراً في الأحياء السكنية بمدينة غزة، وتتسبب بمسح مربعات سكنية كاملة، ونسف عمارات وبنايات مكونة من عدة طوابق.
ووفق مصادر مطلعة، فإن جيش الاحتلال طوّر هذه "الروبوتات"، وأصبح حجمها أكبر، وباتت قادرة على الحركة وسط الركام، وبين الأزقة، وبعضها يحمل 5 أطنان من المتفجرات، ما يجعلها وسيلة تدمير هائلة.
ويومياً تهز أصوات الانفجارات الضخمة الناجمة عن تلك "الروبوتات" أنحاء مدينة غزة، ومصدرها مناطق جنوب وشمال المحافظة، خاصة أحياء الزيتون والصبرة والشيخ رضوان، ومنطقة أبو إسكندر، وجباليا النزلة، وغيرها.
وذكرت مصادر محلية أن "الروبوت" يتسبب بدمار شامل في دائرة يصل قطرها إلى حوالى 100 متر من مركز التفجير، ودمار كبير في دائرة يصل مداها إلى 300 متر، وبعض الشظايا والحجارة تتطاير حتى مسافة تزيد على 1200 متر، ما يجعلها أداة قاتلة للمواطنين المتواجدين في الشوارع والمنازل.
وأشارت وسائل إعلام عبرية إلى أن جيش الاحتلال يُركّز في الفترة الحالية على استخدام "الروبوتات"، كونها أداة تدمير فتاكة، وأنها تسببت بتدمير نحو 40% من مساحة مدينة غزة، ممثلة بشرقها وشمالها وجنوبها.
من جهته، أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن جيش الاحتلال يدمر يومياً بوساطة العربات المفخخة، "روبوتات"، نحو 300 وحدة سكنية في بلدة جباليا ومدينة غزة.
ووفق تقديرات المرصد، فإن جيش الاحتلال ضاعف، منذ الجمعة الماضي، استخدام العربات المفخخة لتصل إلى 15 عربة في اليوم الواحد، تحمل نحو 100 طن من المتفجرات.
وأكد المرصد أن نسف المربعات السكنية يجري بوتيرة متسارعة وغير مسبوقة، تحقيقاً للهدف المعلن بتدمير مدينة غزة وتهجير سكّانها.
وأوضح المرصد أن استمرار وتيرة التدمير الحالية يعني خسارة مئات آلاف الأشخاص لمنازلهم وأماكن إيوائهم، وإجبارهم على النزوح مرة أخرى في ظروف مستحيلة، مبيناً أن الاحتلال يتعمد تفجير معظم تلك المفخّخات في ساعات متأخرة من الليل أو عند الفجر، لإشاعة أقصى درجات الرعب والفزع بين المدنيين، وتحويل حياتهم إلى حالة دائمة من الرعب وانعدام الأمان.
وكانت تقارير دولية أكدت أنه في حال استمرت إسرائيل باستخدام العربات المتفجرة، فإن قطاع غزة ستتم إبادته بالكامل خلال شهرين فقط.
يذكر أن أول استخدام لهذا السلاح كان في حي تل السلطان غرب مدينة رفح، في حزيران من العام الماضي، بعد ذلك جرى نقله إلى خان يونس، ومدينة غزة، وشمال القطاع، حيث جرى استخدامه على نطاق واسع في العملية الحالية بغزة.

 

مراكز المساعدات مصائد للإعاقات

لم تعد مراكز المساعدات الأميركية، المتواجدة جنوب ووسط قطاع غزة، مجرد ساحة للقتل والاعتقال فقط، حيث تحولت خلال الفترات الماضية إلى مصيدة لإصابة الشبان والفتية بإعاقات قد تلازمهم مدى الحياة.
ولوحظ أن قناصة الاحتلال يتعمدون إصابة طالبي المساعدات في أماكن مفصلية خطيرة في أقدامهم، باستخدام رصاص متفجّر، يؤدي إلى تفتت العظام، والتسبب بعاهات مستدامة.
وقال أطباء يعملون في عدة مشافٍ حكومية وميدانية: إنهم لاحظوا حدوث ارتفاع حاد جداً في إصابات العظام بشكل عام، والأرجل على وجه التحديد، وبعض الإصابات تكون في الركبة، أو مفاصل أخرى في القدم.
وفي ساحات وأقسام مجمع ناصر الطبي بمحافظة خان يونس، يبدو المشهد مروعاً، فعشرات المصابين بكسور مضاعفة وخطيرة يفترشون الأرض، وصراخ المصابين الذين يتألمون لا يتوقف، بينما يحاول الأطباء معالجتهم ضمن الإمكانات القليلة المتاحة.
ووفق مصادر طبية في مجمع ناصر الطبي، فإن أطباء العظام يعملون ليل نهار من أجل معالجة الجرحى، وغرف العمليات تكاد تعمل على مدار الساعة، وهناك نقص حاد جداً في متطلبات ومواد جراحات العظام، خاصة قضبان البلاتين، وهي ضرورية لتثبيت العظام خلال فترة التئام الكسور.
وبينت المصادر أن هناك دوراً طويلاً والعشرات من المصابين ينتظرون دورهم لإجراء العمليات، والوضع يتفاقم، خاصة مع وصول مصابين جدد يومياً، ما يزيد الضغط على المنظومة الطبية المتهالكة، ويشكل خطراً على حياة وسلامة الجرحى.
وذكر المواطن مصطفى داود أن نجله أصيب في مركز مساعدات الطينة، ويبدو أن القناص الذي أصابه كان يهدف إلى التسبب بإعاقة دائمة له، فالرصاصة المتفجرة اخترقت القدم الأولى، ثم الثانية وانفجرت، متسببة له بكسور مضاعفة في كلتا القدمين.
وأوضح أن ابنه خضع لعدة عمليات جراحية، وما زال طريح الفراش، والأطباء أكدوا أنه بحاجة لأشهر طويلة حتى يبدأ بالتعافي، لكنه لن يعود إلى وضعه الطبيعي كما كان سابقاً، لأن إحدى قدميه قصرت عدة سنتيمترات، ما يعني أن الإعاقة ستلازمه مدى الحياة.
وأشار إلى أنه، خلال تواجد ابنه في المستشفى، شاهد العشرات من مصابي مراكز المساعدات الأميركية، معظمهم يعانون من إصابات صعبة في العظام، وهذا دليل على أن جنود الاحتلال بدؤوا ينتهجون سياسة التسبب بإعاقات دائمة، من خلال إصابة الشبان في مفاصل الأقدام، واستخدام نوعيات محظورة من الرصاص المتفجر.

 

تلاحم في المخيمات

باتت مخيمات النازحين جنوب قطاع غزة عنواناً للتلاحم والتآزر في ظل الوضع الكارثي، ووصول نازحين جدد بشكل يومي من مدينة غزة.
وشهدت تلك المخيمات عملاً دؤوباً لاستيعاب عائلات جديدة نزحت من شمال القطاع، إذ جرى تشكيل لجان في المخيمات، لمحاولة توفير مساحات للنازحين.
وقال المواطن رمضان المصري، الذي يقطن في مخيم بمواصي خان يونس: إن المخيم استنفر لاستقبال 8 عائلات جديدة نزحت من مدينة غزة، وجرى تشكيل لجنة، على أن يتعاون الجميع معها، وتم الاتفاق على اقتطاع مساحات من خيمة كل نازح، حتى يتم توفير المساحة اللازمة للقادمين الجدد.
وبيّن أن الجميع تعاونوا، وجرى تقليص مساحات الخيام، كما جرى تشكيل صندوق خيري، بحيث تبرع المقتدرون في المخيم بمبالغ مالية متفاوتة، يتم تخصيصها للمتضررين الذين خسروا قطع قماش، أو دعامات خشبية خلال تغيير مساحة خيامهم، موضحاً أن التعاون والتلاحم أسهما في نجاح هذه المهمة الإنسانية، ويجب تطبيق هذا الأمر في كافة المخيمات، حتى لا يبقى نازحو مدينة غزة في الشوارع.
ولفت المواطن إسماعيل عطية إلى أنه يُقيم في مخيم بجانب عدد من أقاربه، وهناك عائلتان من أقاربه نزحوا من شمال مدينة غزة بعد اقتراب الآليات منهم، ولا يوجد لهم مكان في مواصي خان يونس، واتفق مع أقاربه على أن يقوم كل منهم باقتطاع جزء من مساحة خيمته لهم.
وأكد أنهم نجحوا في توفير مساحة تكفي لخيمتين، وساعدوا أقاربهم على إقامتها، وهم يقيمون إلى جوارهم منذ عدة أيام.
ويتواصل نزوح مئات العائلات من شمال قطاع غزة باتجاه وسطه وجنوبه بشكل يومي، ويتوجهون إلى مناطق وسط وجنوب القطاع، وعدد كبير منهم لم يجدوا مكاناً يقيمون فيه، وما زالوا في الشوارع، وسط مناشدات بضرورة توفير مأوى لهم.
ورغم أهمية مثل هذه المبادرات، إلا أن العديد من المواطنين أكدوا أن هذا لا يمكن أن يوفر مساحات لنحو مليون نازح قد يضطرون لترك بيوتهم في الفترة المقبلة والنزوح نحو الجنوب، فمن دون انسحاب جيش الاحتلال من أماكن جديدة من جنوب القطاع، لا يمكن استيعاب هذا العدد الكبير من النازحين.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق