الجزائر.. مرونة نقدية لدعم الاقتصاد المحلي - هرم مصر

الكورة السعودية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

Published On 3/9/20253/9/2025

|

آخر تحديث: 15:40 (توقيت مكة)آخر تحديث: 15:40 (توقيت مكة)

الجزائر – يراهن بنك الجزائر على سياسة نقدية أكثر مرونة في مرحلة حساسة من مسار الاقتصاد الوطني، ففي اجتماع المجلس النقدي والمصرفي، برئاسة محافظ البنك صالح الدين طالب، تقرر خفض معدل الفائدة بـ25 نقطة أساس ليستقر عند 2.75% بدلًا من 3%.

كما خفّض المجلس نسبة الاحتياطي الإلزامي من 3% إلى 2%، في خطوة تستهدف توفير سيولة إضافية داخل النظام البنكي ودعم تمويل الاستثمارات.

مؤشرات التضخم تحت السيطرة

تكشف بيانات المجلس أن التضخم العام تراجع إلى 0.35% في يوليو/تموز 2025، أي بانخفاض قدره 6 نقاط مئوية عن الفترة نفسها من العام الماضي.

وتراجع التضخم بالمعدل السنوي إلى 3.14% مقابل 6.12% في يوليو/تموز 2024. كما انخفض التضخم الأساسي من 3.92% إلى 2.58% خلال الفترة ذاتها.

هذه المؤشرات تمنح البنك المركزي مجالًا أوسع لاعتماد سياسة نقدية تيسيرية، دون مخاطر فورية على استقرار الأسعار.

نمو الكتلة النقدية والقروض

على صعيد السيولة، ارتفعت الكتلة النقدية بالمعنى الواسع (المعروض النقدي) بنسبة 3.81% حتى نهاية يونيو/حزيران 2025. ويعود ذلك أساسا إلى زيادة القروض الموجهة للاقتصاد، التي نمت بنسبة 5.36% خلال النصف الأول من العام، مقارنة بـ5.26% خلال كامل 2024.

اقر بنك الجزائر خفض المعدل التوجيهي والاحتياطي الإلزامي
بنك الجزائر يقر خفض المعدل التوجيهي والاحتياطي الإلزامي (الجزيرة)

هذا التوسع في الإقراض لم يؤدّ إلى ضغوط تضخمية كبيرة، وهو ما اعتبره اقتصاديون مؤشرًا على أن السيولة لا تزال تحت السيطرة، رغم نمو الطلب على التمويل.

اقتصاديًا، سجلت الجزائر معدل نمو بلغ 4.5% في الربع الأول من 2025، مدفوعًا بانتعاش لافت للقطاعات غير النفطية التي قفزت بنسبة 5.7% مقارنة بـ4.3% قبل عام.  ووفق خبراء يتجاوز هذا المعدل متوسط النمو في شمال أفريقيا، ويؤكد أن البرامج الاستثمارية والسياسات المالية بدأت تترجم إلى نتائج ملموسة.

مرحلة جديدة

ويرى الخبير الاقتصادي أحمد الحيدوسي أن المعطيات الجديدة تعكس دخول الاقتصاد الجزائري مرحلة مختلفة، أساسها السيطرة على التضخم، توفر السيولة، وقوة القطاعات غير النفطية.

إعلان

ويضيف في حديثه للجزيرة نت: "التراجع في معدل التضخم إلى 3.14%، مقابل أكثر من 6% قبل عام، مع انخفاض التضخم الأساسي إلى 2.58%، يمنح بنك الجزائر هامشًا مريحًا لاعتماد سياسة نقدية تيسيرية دون تهديد لاستقرار الأسعار".

ويشير الحيدوسي إلى أن خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي من 3% إلى 2% وفّر سيولة إضافية للبنوك تعادل نحو 1% من إجمالي الودائع، ما يعزز قدرتها على تمويل المشاريع الاستثمارية خصوصًا في قطاعات الطاقات المتجددة والصناعات التحويلية.

تحديات

من جهته، يصف المستشار الدولي في التنمية الاقتصادية عبد الرحمن هادف قرارات البنك بأنها دفعة قوية للنظام المصرفي. ويقدّر أن خفض الفائدة وتقليص الاحتياطي الإلزامي وفّرا سيولة إضافية تتجاوز 600 مليار دينار (نحو 4.62 مليارات دولار).

ويقول هادف للجزيرة نت: "هذه الخطوة قد تفتح المجال للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة -التي تمثل 90% من النسيج الاقتصادي- للحصول على التمويل بعد سنوات من الصعوبات، كما ستنعكس على الأفراد بخفض تكلفة التمويلات الاستهلاكية والسكنية، بما يساهم في تحريك الطلب الداخلي".

لكنه حذر في الوقت نفسه من أن تأثير هذه السيولة يعتمد على تغيير البنوك لسلوكها التقليدي، أي الابتعاد عن التركيز على التجارة وتمويل الخزينة، والانتقال إلى دعم مشاريع إنتاجية ذات آجال طويلة ومخاطر محسوبة.

اضطرابات في العرض

وعن احتمال عودة التضخم بفعل التيسير النقدي، يؤكد هادف أن الوضع الجزائري مختلف. فالتضخم الأخير لم يكن سببه وفرة السيولة بل اضطرابات في العرض، مثل المواد الغذائية والنقل والاستيراد. وعليه فإن خفض سعر الفائدة لن يقود بالضرورة إلى موجة تضخمية جديدة، خصوصًا في ظل استقرار أسعار الطاقة داخليًا واستمرار الدعم الحكومي.

ويشدد على أن خطر الضغوط التضخمية يبقى قائمًا إذا لم تترافق السياسة النقدية مع إصلاحات هيكلية ترفع الإنتاج المحلي وتقلل التبعية للاستيراد.

ارتفعت الكتلة النقدية بالمعنى الواسع بـ3.81_ إلى غاية نهاية يونيو_حزيران 2025
الكتلة النقدية ارتفعت بالمعنى الواسع بـ3.81 إلى غاية نهاية يونيو/حزيران 2025 (الصحافة الجزائرية)

 

إصلاحات لتعزيز الأثر

رغم أهمية الإجراءات، يرى هادف أن البنوك الجزائرية ستظل تواجه تحديًا رئيسيًا يتمثل في كيفية استغلال السيولة الجديدة. فغياب الخبرة الكافية في تمويل المشاريع الصناعية والتكنولوجية قد يدفعها إلى العودة إلى القطاعات التقليدية مثل التجارة والعقار، وهو ما سيحدّ من الأثر الإيجابي المتوقع.

ويضيف أن النظام المالي، رغم تماسكه بفعل محدودية انفتاحه على الأسواق العالمية، يعاني من ضعف السوق المالية وغياب أدوات التحوط، ما يزيد من مخاطر التوسع غير المدروس في القروض.

ويخلص هادف إلى أن السياسة النقدية، مهما بلغت أهميتها، لا تكفي وحدها لتحقيق التحول الاقتصادي، ويقول: "التنويع يتطلب إطارًا مؤسساتيًا وتشريعيًا أكثر استقرارًا، بيئة أعمال شفافة ومرنة، بنية تحتية متطورة، وكفاءات بشرية قادرة على تلبية احتياجات القطاعات الجديدة مثل الهيدروجين الأخضر والرقمنة".

نحو اقتصاد متنوع ومستدام

يشدد الخبراء على أن الخطوة الحالية لبنك الجزائر ضرورية لكنها غير كافية. فالأثر الإيجابي سيظل مرهونًا بسرعة تنفيذ إصلاحات مكملة، مثل:

إعلان

تطوير قوانين الشراكة بين القطاعين العام والخاص. معالجة ملف تحويل الأرباح للمستثمرين الأجانب. تسريع تهيئة المناطق الصناعية والمناطق الحرة. تعزيز سوق رأس المال والسندات لتخفيف الضغط على البنوك. تعميم الرقمنة لمحاربة البيروقراطية والفساد داخل المنظومة البنكية.

بهذا المعنى، فإن الإجراءات الأخيرة تمثل بداية مسار أكثر من كونها نهاية، إذ تفتح الباب لاقتصاد أقل تبعية للمحروقات، وأكثر قدرة على تنويع مصادر النمو في قطاعات إنتاجية جديدة، يقول الخبراء.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق