رائد موسى
Published On 3/9/20253/9/2025
|آخر تحديث: 08:20 (توقيت مكة)آخر تحديث: 08:20 (توقيت مكة)
غزة- توقَّع رئيس نادي الأسير الفلسطيني، عبد الله الزغاري، ارتفاعا في أعداد الشهداء الأسرى داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، نتيجة السياسات العدائية ضدهم من تجويع وتعذيب، وانتشار واسع للأمراض، خاصة الأمراض الجلدية الناجمة عن الإهمال الطبي والحرمان من العلاج والنظافة الشخصية.
وقال الزغاري إن أعداد الأسرى ارتفعت لأكثر من 10 آلاف و800 أسير، منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وعلى إثرها استشهد 77 أسيرا، نتيجة الظروف المأساوية داخل السجون، التي تفاقمت على نحو خطير خلال العامين الماضيين.
وأشار إلى أن أسرى غزة يعانون ظروفا أشد قسوة، مستدلا بمدير مستشفى الشهيد كمال عدوان في شمال قطاع غزة الدكتور حسام أبو صفية، الذي أصيب بأمراض جلدية، ويعاني من التجويع والإهمال الطبي، وخسر ثلثي وزنه.
وفي الحوار التالي يتحدث الزغاري للجزيرة نت بالتفصيل عن واقع الأسرى في سجون الاحتلال، والسياسة الانتقامية التي طالت حتى قادة الحركة الأسيرة، وآخرها اقتحام الوزير المتطرف إيتمار بن غفير لزنزانة الأسير القائد مروان البرغوثي، وتهديده، مما ينذر بتصفيته جسديا.

بالنظر إلى تكثيف حملات الاعتقال منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كم عدد الأسرى الفلسطينيين لدى الاحتلال؟
وصل عددهم حتى بداية أغسطس/آب الماضي نحو 10 آلاف و800 أسير، علما أن هذا الرقم لا يشمل المعتقلين في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال، ويشكل هذا العدد الأعلى منذ انتفاضة الأقصى عام 2000.
ويبلغ عدد الأسيرات 49 أسيرة، بينهن اثنتان من غزة، أما الأطفال الأسرى (أقل من 18 عاما) يتجاوز عددهم 450 طفلا، في حين بلغ عدد المعتقلين الإداريين (دون تهمة أو محاكمة) حتى بداية يوليو/تموز الماضي، 3613 معتقلا.
إعلان
ويبلغ عدد المعتقلين المصنفين كمقاتلين غير شرعيين 2378 معتقلا، ولا يشمل هذا العدد جميع معتقلي غزة المحتجزين في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال، مع الإشارة إلى أن هذا التصنيف يشمل أيضا معتقلين عربا من لبنان وسوريا.
كيف تصف واقع حياة الأسرى في سجون الاحتلال؟
الأوضاع مأساوية وبلغت ذروتها خلال حرب الإبادة الجماعية على غزة بعد "7 أكتوبر" 2023، ومسَّت كل جوانب الحياة في السجون.
ومع أن هذه الأوضاع المأسوية شملت كل الأسرى، فإن معتقلي غزة، الذين اعتقلوا منذ "7 أكتوبر" وخلال التوغل البري في القطاع، تعرضوا لظروف أسوأ وأقسى مما تعرض له بقية الأسرى الفلسطينيين، ولا سيما في معسكرات الاعتقال التابعة لجيش الاحتلال.
ورغم أن هذه الأوضاع تفاقمت عقب الحرب، فإنها بدأت مع تولي بن غفير المسؤولية عن مصلحة إدارة السجون ضمن منصبه الحكومي وزيرا للأمن القومي أوائل 2023، حيث رفع شعار العداء للأسرى.
وشكلت السياسات التي فرضت على الأسرى في السجون عقب الحرب على غزة انقلابا شاملا على كل مناحي الحياة الاعتقالية، وما حصل عليه الأسرى من حقوق بنضالاتهم الطويلة ودفعوا ثمنها دما. ووفَّر بن غفير غطاء سياسيا للسجانين ليمعنوا في إجرامهم بحق الأسرى.
بنقاط محددة، ما أبرز ملامح السياسة الانتقامية الإسرائيلية ضد الأسرى عقب الحرب؟
بعد الحرب على غزة، انتهجت إسرائيل سياسة انتقامية قاسية، وتصاعدت الانتهاكات بشكل غير مسبوق، حيث اعتبرت الإجراءات المتخذة بحق الأسرى جزءا من سياسة الانتقام الجماعي، يتلخص أبرزها:
العزل الجماعي والحرمان من الحقوق الأساسية: عزل مئات الأسرى في زنازين انفرادية، بمن فيهم قيادات الحركة الأسيرة، وإغلاق الأقسام ومنع التنقل بين السجون، وحرمان الأسرى من الزيارات العائلية والمحامين لفترات طويلة. سحب الإنجازات والحقوق المكتسبة: إلغاء العديد من الحقوق الأساسية التي انتزعها الأسرى بنضالات طويلة، مثل تقليص أو منع الفورة (الاستراحة في الساحة)، وتقليص كمية الطعام وتردي نوعيته، ومنع إدخال الملابس والأغطية، ومنع إدخال الكتب والصحف. العنف والتعذيب وسوء المعاملة: اعتداءات يومية على الأسرى من قبل وحدات القمع الخاصة، واستخدام الكلاب البوليسية والتفتيش العاري المهين، وتعذيب جسدي ونفسي داخل غرف التحقيق وخلال نقل الأسرى، والحرمان من العلاج والرعاية الصحية، بما في ذلك لأصحاب الأمراض المزمنة. تصعيد حملات الاعتقال الإداري: تصاعد عدد المعتقلين إداريا، وتوسيع استخدام هذا النوع من الاعتقال بشكل تعسفي، وتمديدات متكررة دون أي مسوِّغ قانوني واضح. حملات اعتقال جماعية في الضفة الغربية شنَّتها إسرائيل بعد "7 أكتوبر"، طالت 9 آلاف أسير، بينهم ناشطون سياسيون، وطلبة وأسرى محررين. القوانين والتشريعات العقابية: الدفع نحو تشريعات أكثر تطرفا، كمشروع قانون إعدام الأسرى المدانين بقتل إسرائيليين، وسن قوانين تزيد مدة العزل، وتقيد المحاكمات، وتمنح صلاحيات أكثر لإدارة السجون لقمع الأسرى. الاستغلال السياسي والإعلامي: تصوير الأسرى على أنهم تهديد أمني دائم لتبرير الانتهاكات، واستخدام الإعلام الإسرائيلي لشيطنة الحركة الأسيرة وكسر الدعم الشعبي لها.هل يختلف واقع الأسيرات عن الأسرى أم إن السياسة الإسرائيلية واحدة ضدهم؟
إعلان
رغم أن السياسة الإسرائيلية العامة في التعامل مع الأسرى تنبع من المنظومة القمعية نفسها، فإن هناك خصوصية لواقع الأسيرات، تتمثل في عدة نقاط:
الإهمال الطبي والتضييق المزدوج (باعتبارهن نساء): الأسيرات يتعرضن للإهمال الطبي شأنهن شأن الأسرى، لكن مع زيادة في الخطورة نتيجة تجاهل احتياجات المرأة الصحية الخاصة، كالرعاية في فترات الدورة الشهرية، والرعاية في حالات الحمل أو بعد الولادة، ونقص طبيبات مختصات، وهناك حالات لأسيرات أُصبن بأمراض مزمنة أو تعرضن لتعذيب نفسي وجسدي أثناء التحقيق دون توفير العلاج. ظروف الاحتجاز المزرية: زنازين صغيرة تفتقر للنظافة والتهوية الجيدة، واستخدام الكاميرات داخل الأقسام بشكل يمس بالخصوصية، ومصادرة الأدوات الشخصية والملابس أحيانا، وتأخير إدخالها من الأهل. العزل والحرمان من الزيارة: الأسيرات أكثر عرضة للعزل الانفرادي لفترات طويلة، ومنع زيارات الأهل بحجج أمنية، أو تأخيرها بشكل متعمد، وقلة توفر الكتب والمواد التعليمية. التهديد والتحرش: بعض الأسيرات أبلغن عن مضايقات لفظية أو تهديدات ذات طابع جنسي خلال التحقيق، واستخدام الضغط النفسي المرتبط بالأنوثة أو العائلة كـ"التهديد بسحب الحضانة أو إيذاء أفراد الأسرة". استهداف الفئة العمرية الصغيرة: إسرائيل تعتقل فتيات قاصرات في سن 14 إلى 17 عاما، وقد تعرضن للتعذيب الجسدي أو النفسي أثناء الاعتقال.
تحدثت عن تعذيب مضاعف وأشدة قسوة لأسرى غزة، هل من توضيح؟
نعم، يمارس الاحتلال إجراءات قمع وتعذيب أشد قسوة ضد أسرى غزة مقارنة بغيرهم من أسرى الضفة الغربية أو القدس، وتزداد أوضاعهم تدهورا حسب التطورات الميدانية، مثلما هو الواقع حاليا في ظل الحرب، ومن أبرز الإجراءات التمييزية التي يتعرض لها أسرى غزة:
العزل التام وقطع التواصل مع العالم الخارجي، والحرمان من الزيارة العائلية، وزيارة الصليب الأحمر، ومنع المحامين من زيارتهم. الحرمان من الحقوق الأساسية، ومنها الملابس، والطعام المناسب، وحتى استخدام المرافق الصحية بشكل إنساني، وحرمان من العلاج حتى للحالات المرضية الخطيرة أو الإصابات. التعذيب وسوء المعاملة، والاستخدام المفرط للعنف الجسدي والنفسي خلال التحقيق، وهناك شهادات عن تعذيب حتى الموت، كالضرب المبرح، والشبح، والحرمان من النوم، والتهديد باعتقال أو قتل الأقارب. الاعتقال الإداري والتنكيل دون محاكمة، وشمل بعد الحرب آلاف المدنيين المعتقلين من دون لوائح اتهام، واحتجازهم في ظروف غير قانونية، وتسجيلهم محتجزين غير شرعيين، مما يفقدهم أبسط حقوقهم القانونية. الإذلال الجماعي والعقوبات الجماعية، ويتضمن حلق رؤوس المعتقلين وتعريتهم وإجبارهم على أوضاع مهينة، وقد أظهرت صور وتسريبات معتقلي غزة مكدسين في العراء مكبلي الأيدي ومعصوبي الأعين لفترات طويلة.أعلنتم أن المجاعة تفتك بالأسرى في السجون، هل من تأكيد؟
نعم، ينتهج الاحتلال سياسة التجويع وتتفشى المجاعة داخل السجون، وأبرز مظاهرها:
تقليص كمية ونوعية الطعام: يقدم الاحتلال وجبات غذائية لا تكفي من حيث الكمية ولا تتوفر فيها القيمة الغذائية اللازمة، مما يؤدي إلى سوء تغذية، خاصة في حالات الإهمال الطبي. فرض عقوبات جماعية: ومنها سحب "الكانتينا" (دكان السجن)، أو يتم تقليصها، مما يمنع الأسرى من شراء الطعام أو المكملات الغذائية. الإهمال الطبي المرتبط بالتغذية: بعض الأسرى يعانون أمراضا مزمنة تتطلب نظاما غذائيا خاصا، لكن إدارة السجون لا توفر هذا النوع من الرعاية.إن هذه السياسة تنتهك اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على ضرورة معاملة الأسرى والمعتقلين معاملة إنسانية، وتوفير الغذاء الكافي من حيث الكم والنوع، وحسب القانون الدولي فإن استخدام التجويع كسلاح يعد جريمة حرب.
يبدو أن هناك تركيزا على الرموز وقادة الحركة الأسيرة، أليس كذلك؟
إعلان
يتخذ الاحتلال جملة إجراءات تنكيلية وعمليات وتعذيب ممنهجة أدت إلى إصابات بين صفوف الأسرى، بما فيهم رموز من غزة وقادة بالحركة الأسيرة.
وصعَّدت إدارة السجون من مستوى الجرائم الطبية التي تجاوزت مفهوم الإهمال المتعمد، الذي شكل على مدار السنوات القليلة الماضية السبب الأساسي في استشهاد العديد من الأسرى.
ونتيجة هذه الإجراءات تنتشر في أوساط الأسرى أمراضا جلدية خطيرة كالجرب (سكابيوس) والدمامل والتهابات شديدة في الجلد، بينهم الأسير الدكتور حسام أبو صفية الذي يحرمه الاحتلال من الاستحمام الكافي الذي لا يتجاوز الدقيقتين، ويمنعه التعرض لأشعة الشمس سوى 30 دقيقة شهريا، وفقد نحو ثلثي وزنه، وسط حرمان من الأدوية والمتابعة الطبية المتخصصة.
وفي السياق، جاء اعتداء بن غفير على الأسير القائد مروان البرغوثي داخل زنزانته، حيث يقبع بالعزل الانفرادي منذ "7 أكتوبر" 2023، وتهديده، وهذا إعلان صريح بنية الاحتلال تصفيته واغتياله.
وقد سبق ذلك اعتداءات جسدية عليه أعنفها في التاسع من سبتمبر/أيلول العام الماضي، حيث تعرض لاعتداء شرس في زنزانته، تسبب بإصاباته برضوض، ونزيف في أذنه، وجرح في ذراعه، مع آلام في ظهره، دون حصوله على علاج مناسب.
أسفرت السياسات العدائية عن استشهاد 77 أسيرا في السجون منذ اندلاع الحرب، هل تخشون استشهاد المزيد؟
بكل تأكيد، خاصة في ظل الظروف القاسية التي يعيشها الأسرى، والتدهور الخطير داخل السجون، جراء التعذيب والتجويع والإهمال الطبي المتعمد.
إن استشهاد 77 أسيرا ليس مجرد رقم، بل يعكس واقعا مقلقا من الانتهاكات الممنهجة، مما يزيد من احتمالية سقوط مزيد من الضحايا، ويفاقم من المخاوف على حياة كل الأسرى.
0 تعليق