خبيرة صحفية: الصحافة الأميركية تواجه انهيارا وتحتاج إعادة تأسيس جذرية - هرم مصر

الكورة السعودية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تحولت الصحافة الأميركية والغربية إلى أداة في خدمة “التكتلات الشركاتية” والنخب الحاكمة بدلا من كونها رقيبا مستقلا عن السلطة، وفقا لما كشفته دراسات تحليلية حديثة حول واقع الإعلام المعاصر وتحدياته.

وفي السياق، أوضحت البروفيسورة روبين أندرسون، أستاذة دراسات الاتصال في جامعة فوردهام، خلال مقابلة مع برنامج "المنطقة الرمادية" على موقع الجزيرة نت، أن معظم وسائل الإعلام باتت مملوكة من قبل تكتلات شركاتية أو ما وصفتها بـ"الأوليغارشية" نفسها، مما يهدد استقلالية المهنة بشكل جذري.

وضربت الخبيرة الإعلامية أمثلة صارخة على هذه الهيمنة، مستشهدة بملكية الملياردير إيلون ماسك لمنصة "إكس" وسيطرة مؤسس "أمازون"، جيف بيزوس، على صحيفة "واشنطن بوست".

وفي هذا السياق، لفتت إلى تدخل بيزوس المباشر في السياسة التحريرية عبر طرد رسامة كاريكاتير انتقدت الرئيس دونالد ترامب، إضافة إلى توجيه الصفحات الافتتاحية للتركيز حصريا على حرية السوق والحريات الشخصية دون التطرق للقضايا الاجتماعية والسياسية الأوسع.

وبالمثل، أشارت أندرسون إلى الدور المدمر للقطب الإعلامي روبرت مردوخ وإمبراطوريته الإعلامية، معتبرة إياه من أكثر الشخصيات إلحاقا للضرر بحرية الصحافة من خلال القناة الإخبارية "فوكس نيوز" وملكيته للصحف في نيويورك.

وفي تطور آخر، لفتت الأكاديمية المتخصصة إلى انهيار الجدار الفاصل بين أقسام التحرير وأقسام التسويق والإعلان، مما أدى إلى تسلل ثقافة المستهلك إلى صميم البرمجة الإعلامية.

وفي هذا الإطار، أوضحت أن الرعاة لم يعودوا مجرد ممولين للبرامج، بل باتوا يتحكمون في تصميم برامج كاملة على التلفزيون، مما يقيد بشدة قدرة الإعلام على تناول القضايا المهمة للشعب الأميركي.

ورغم هذه الأوضاع، طرحت البروفيسورة أندرسون حلولا عملية تتمحور حول تعزيز دور البث العام كبديل حيوي يمكنه تقديم رؤية مختلفة والتأثير إيجابيا على الإعلام التجاري.

واستشهدت بنجاح محطات مثل "بي بي إس" التي تقدم برامج إخبارية أكثر عمقا ولا تستسلم للإثارة، محذرة في الوقت نفسه من خطورة قرار الرئيس ترامب بسحب التمويل الكبير من البث العام.

صحافة الحروب

وبالحديث عن ظاهرة الصحافة المدمجة في الحروب وأثرها المدمر على تقارير النزاعات المسلحة، أكدت الخبيرة أن هذا النموذج أفقد الصحافة استقلاليتها عن المؤسسة العسكرية.

إعلان

وفي هذا السياق، أوضحت أن الصحفي المدمج يصبح جزءا لا يتجزأ من منظور المعتدي، مما يحول دون تقديم صورة متوازنة تشمل معاناة المدنيين والضحايا.

وتناولت أندرسون خطورة تجريم الصحافة في المناخ السياسي الراهن، معتبرة وصف الرئيس ترامب للصحفيين بـ"أعداء الشعب" أزمة حقيقية تهدد السلطة الرابعة.

وأكدت أن منع الصحفيين من المؤتمرات الصحفية وطردهم لمجرد طرح أسئلة نقدية يشكل انتهاكا صارخا للتعديل الأول من الدستور الأميركي.

وفي السياق ذاته، ربطت الباحثة بين الهجمات على الصحافة والتراجع العام لحرية التعبير، مستشهدة بالضغوط الهائلة التي تعرضت لها الجامعات لقمع الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين تحت ذريعة محاربة معاداة السامية، رغم تعارض ذلك الصارخ مع المبادئ الدستورية لحرية التعبير.

وعلى المستوى الدولي، حذرت الأكاديمية من تزايد استهداف الصحفيين عالميا بطرق متطورة، مشيرة إلى استخدام برنامج التجسس "بيغاسوس" لمراقبة الصحفيين وتتبعهم، وصولا إلى قتلهم في بعض الحالات كما حدث في المكسيك.

ودعت في هذا الإطار إلى تعزيز آليات الحماية الدولية للصحفيين وفقا للقوانين والمواثيق الدولية.

ورغم كل هذه التحديات، أظهرت البروفيسورة أندرسون تفاؤلا حذرا بشأن مستقبل المهنة، مشيرة إلى نمو وسائل الإعلام المستقلة والمرموقة التي تقدم تغطية نقدية حقيقية للسياسة الخارجية وتشمل أصوات المجتمع الإنساني عبر العديد من المنافذ الإلكترونية المستقلة.

واستدلت على هذا التفاؤل بحقيقة أن الشعب الأميركي لا يزال يعارض بشدة السياسات الحكومية المثيرة للجدل، مستشهدة بالاستطلاعات الحديثة التي تظهر أن 12% فقط من الديمقراطيين يميلون أكثر إلى إسرائيل مقارنة بالفلسطينيين، بينما تتجاوز النسبة المؤيدة للفلسطينيين 60%.

وأكدت الخبيرة الإعلامية على حتمية التغيير، معربة عن اعتقادها الراسخ بأن النظام الحالي لن يستمر وأن المؤسسات الإعلامية التقليدية ستجد نفسها مضطرة لإعادة النظر جذريا في ممارساتها وإستراتيجياتها من أجل استعادة مصداقيتها المفقودة وثقة الجمهور المتضائلة.

Published On 2/9/20252/9/2025

|

آخر تحديث: 18:31 (توقيت مكة)آخر تحديث: 18:31 (توقيت مكة)

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق