شريحة علي بابا.. رهان صيني جديد في سباق الذكاء الاصطناعي - هرم مصر

سكاي نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تعمل شركات الرقائق الصينية ومطورو الذكاء الاصطناعي على بناء ترسانتهم من التكنولوجيا المحلية، بدعم من الحكومة العازمة على الفوز في سباق الذكاء الاصطناعي في مواجهة الولايات المتحدة.

أحدث مثال على ذلك هو أن أكبر شركة للحوسبة السحابية في الصين، علي بابا، طورت شريحة جديدة أكثر تنوعا من شرائحها القديمة.

ولطالما كانت علي بابا من أكبر عملاء شركة إنفيديا الأميركية الرائدة في مجال رقائق الذكاء الاصطناعي. والآن، تعمل هي وغيرها من شركات تصميم الرقائق على ملء الفراغ الذي خلفته عقبة واجهتها إنفيديا في بيع منتجاتها في الصين بسبب القيود التنظيمية .

ويقول خبراء في صناعة الرقائق الإلكترونية -بحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"-  إن الصين لا تزال بعيدة كل البعد عن القدرة على إنتاج رقائق تُضاهي المنتجات الأميركية الأكثر تطورًا، والتي تمنع واشنطن الصين من استيرادها. فيما تُعيق القيود الأميركية وصول المصانع الصينية إلى أحدث تقنيات تصنيع الرقائق الإلكترونية.

لكن مع ذلك، لا تزال الشركات تُطوّر بدائل لشريحة H20 من إنفيديا، أقوى معالج ذكاء اصطناعي يُسمح لها ببيعه في الصين.

وكان الرئيس دونالد ترامب قد سمح في يوليو لشركة إنفيديا باستئناف تصدير H20 إلى الصين ، ولكن بعد ذلك بوقت قصير، طلبت بكين من الشركات عدم شراء الرقائق في الوقت الحالي، مُشيرةً إلى مخاطر أمنية محتملة تُنفيها إنفيديا.

تُقارن شركة علي بابا أحيانًا بأمازون لأن أكبر أعمالها هو التجارة الإلكترونية، إلا أنها تجني جزءاً كبيراً من أرباحها من خدمات الحوسبة السحابية الأقل شهرة، والتي تشمل تشغيل التطبيقات وتخزين البيانات للعملاء على أجهزة كمبيوتر بعيدة. تتنافس علي بابا مع خدمات أمازون ويب، ومايكروسوفت، وغوغل على خدمات الحوسبة السحابية، وخاصةً في آسيا .

وأعلنت علي بابا يوم الجمعة أن إيراداتها من الحوسبة السحابية نمت بنسبة 26 بالمئة خلال الربع الماضي، مدفوعةً بالطلب المتزايد على خدمات الذكاء الاصطناعي.

مساع صينية

خبير التكنولوجيا، المستشار الأكاديمي في جامعة سان خوسيه الحكومية، الدكتور أحمد بانافع، يقول لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":

هذه الخطوة تعكس مسعى صينياً متسارعاً لتحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاع أشباه الموصلات، وتعزيز القدرة التنافسية في سباق عالمي يتصاعد حول تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. منذ فرض الولايات المتحدة قيود على تصدير معالجات "إنفيديا" عالية الأداء إلى الصين، تعيش شركات التكنولوجيا الصينية حالة سباق محموم للعثور على بدائل محلية. تؤكد علي بابا أن الشريحة الجديدة صُممت خصيصاً لمهام الاستدلال (Inference)، أي تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي بعد تدريبها، في مجالات مثل البحث، التوصية، والتجارة الإلكترونية. هذه الخطوة تعني تقليص اعتماد الشركات الصينية على معالجات "إنفيديا" التي تهيمن اليوم على أكثر من 80% من سوق رقائق الذكاء الاصطناعي.

ويضيف: "الميزة الأبرز لشريحة علي بابا أنها متوافقة مع منصات برمجية رائدة مثل PyTorch وTensorFlow، ما يسهل انتقال المطورين والتطبيقات من بيئة "إنفيديا" إلى البيئة الصينية الجديدة دون تغييرات جذرية".

ولضمان نجاح المشروع، أعلنت علي بابا عن خطة استثمارية تتجاوز 52 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة لدعم تطوير الرقائق والبنية التحتية السحابية، وهو ما يعكس جدية التوجه بعيداً عن الاعتماد الخارجي.

ويستطرد: "علي بابا ليست الوحيدة في هذا المضمار؛ فشركات مثل هواوي وCambricon وMetaX تعمل أيضاً على تطوير شرائح ذكاء اصطناعي محلية.. وهذا التنوع في المبادرات يخلق بيئة تنافسية قوية داخل الصين، ويزيد فرص تسريع الابتكار المحلي".

وتشير تحليلات إلى أن الحكومة الصينية تدعم هذه التوجهات بوصفها جزءاً من استراتيجية وطنية لتحقيق السيادة التكنولوجية، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية مع الغرب.

لكن أحد التحديات التي تواجه علي بابا وغيرها من الشركات المحلية التي تعتمد على مصانع الرقائق الصينية هو الحصول على إمدادات كافية. هذه المصانع، التي تستخدم آلات أجنبية قديمة ومعدات محلية أقل كفاءة، واجهت صعوبة في زيادة طاقتها الإنتاجية.

أسهم الشركة

وقفزت أسهم علي بابا المدرجة في هونغ كونغ بأكثر من 19 بالمئة يوم الاثنين؛ بعدما دعمت وحدة الحوسبة السحابية التابعة لعملاق التكنولوجيا الصيني نتائج فصلية قوية، في وقت ظهرت فيه تفاصيل جديدة حول تطويره لشريحة ذكاء اصطناعي جديدة.

ووصل السهم إلى أعلى مستوى له منذ مارس. ويعزو المستثمرون هذا الأداء إلى التحسن الواضح في وحدة الحوسبة السحابية الأساسية للشركة، فضلاً عن رضاهم عن استثماراتها في مجالات جديدة، خاصة ما يُعرف بـ"التجارة الفورية" التي باتت شديدة التنافسية في الصين، بحسب تقرير لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية.

وجاء الارتفاع في هونغ كونغ امتداداً للزخم الذي حققته نتائج علي بابا يوم الجمعة الماضي، عندما أنهت أسهمها المدرجة في نيويورك تعاملاتها مرتفعة بنحو 13 بالمئة.

وسجلت الشركة الأسبوع الماضي إيرادات في الربع المنتهي في يونيو بلغت 247.65 مليار يوان صيني (34.73 مليار دولار)، بزيادة سنوية قدرها 2 بالمئة، لكنها جاءت أقل من توقعات المحللين. وعلى الجانب الإيجابي، قفز صافي الدخل بنسبة 78 بالمئة على أساس سنوي متجاوزاً التوقعات.

وكانت وحدة الحوسبة السحابية النقطة المضيئة، إذ ارتفعت إيراداتها بنسبة 26 بالمئة سنوياً، في وتيرة نمو أسرع من الربع السابق. وتشهد أعمال السحابة في علي بابا تسارعاً متواصلاً خلال الأرباع الأخيرة.

دلالات واسعة

من جانبه، يقول خبير أسواق المال والعضو المنتدب لشركة أي دي تي للاستشارات والنظم التكنولوجية، محمد سعيد، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":

"تطوير شركة علي بابا الصينية لشريحة ذكاء اصطناعي جديدة يحمل دلالات بالغة الأهمية على مسار سباق صناعة الرقائق الإلكترونية، خصوصاً في مجال الذكاء الاصطناعي الذي يشهد تنافساً عالمياً محتدماً بين كبرى الشركات". الشريحة التي تعمل عليها علي بابا تركز على مهام الاستدلال (Inference) أي تشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي بعد تدريب النماذج، وليست مخصصة لتدريبها كما هو الحال في أحدث شرائح إنفيديا. هذا التوجه يستهدف تعزيز قدرات البنية التحتية السحابية للشركة، ويأتي في وقت تتصاعد فيه الضغوط على الشركات الصينية للحد من الاعتماد على الشرائح الأميركية، في ظل القيود المفروضة من واشنطن على تصدير الرقائق المتطورة إلى الصين.

ويضيف: علي بابا تستثمر بقوة في بناء قدراتها الذاتية بمجال الشرائح، مع التركيز على التصنيع المحلي بما ينسجم مع السياسات الحكومية الرامية لتحقيق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي وتقليل الاعتماد على الواردات من الولايات المتحدة.

ويؤكد سعيد أن من أبرز مزايا الشريحة الجديدة توافقها مع بيئات التطوير البرمجية الشهيرة مثل CUDA و PyTorch، ما يسهل على المطورين استخدامها دون الحاجة إلى إعادة كتابة التعليمات البرمجية، مع الحفاظ على الفعالية من حيث التكلفة وقابلية التوسع عبر الحوسبة السحابية. وهذه الميزة تمنح علي بابا أفضلية تنافسية داخل السوق الصينية وتقلل من تعرضها للمخاطر الاقتصادية والسياسية الناتجة عن العقوبات والتوترات التجارية مع أمريكا.

أما على صعيد المنافسة العالمية، فيستطرد سعيد: خطوة علي بابا تعكس تحولا واضحاً في خريطة سباق الرقائق الإلكترونية. الصين تسعى إلى تطوير نظام بيئي محلي متكامل وحماية سوقها الداخلي من الاعتماد على التقنيات الأجنبية، وهو ما سيؤدي إلى منافسة أشد مع شركات رائدة مثل إنفيديا. رغم أن شرائح علي بابا الجديدة قد لا تضاهي قدرات إنفيديا في الوقت الحالي، إلا أنها تمثل خطوة استراتيجية مهمة لتوطين التكنولوجيا وتقليص الفجوة في قطاع بالغ الأهمية كالذكاء الاصطناعي.

ويتوقع سعيد أن تشهد السنوات المقبلة زخماً أكبر من الاستثمارات والتطورات في صناعة الشرائح داخل الصين، بما يعزز موقعها في هذا السباق العالمي الذي بات يتداخل فيه البعد الجيوسياسي مع الاقتصادي. تطوير علي بابا لشريحة الذكاء الاصطناعي يعكس بوضوح توجه الصين نحو بناء منظومة تكنولوجية محلية مستقلة، قد تفتح الباب أمام بروز منافس قوي جديد في سوق الرقائق العالمية، في وقت تتسارع فيه الحروب التكنولوجية بين بكين وواشنطن، ما يجعل المنافسة أكثر حدة وتعقيدا في المستقبل القريب.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق