أثارت الجولة المفتوحة وسط جماهير مدينة نيالا بإقليم دارفور التي قام بها يوم الإثنين محمد حمدان دقلو، الذي أدى القسم يوم الأحد كرئيس للمجلس الرئاسي لتحالف تأسيس تساؤلات حول دلالتها السياسية والعسكرية والقانونية.
وتأتي أهمية تلك الدلالات في ظل مشاركة نائب دقلو عبدالعزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية شمال التي تسيطر على أجزاء واسعة من إقليم كردفان وفي وقت تبسط فيه قوات الدعم السريع التي يقودها دقلو سيطرتها على أكثر من 95 في المئة من مناطق إقليم دارفور الذي يشكل ربع مساحة السودان البالغة نحو 1.8 مليون كيلومتر مربع، ويشكل سكانه أكثر من 20 في المئة من سكان السودان البالغ تعدادهم نحو 48 مليون نسمة.
واللافت أن الجولة التي شهدت تدافعا جماهيريا ملحوظا جاءت بعد يوم واحد من أداء حكومة تحالف تأسيس القسم وفي ظل وجود حكومة أخرى يقودها الجيش في بورتسودان، ووسط حالة من الانقسام المجتمعي الناجم عن تداعيات الحرب المدمرة في السودان والمستمرة منذ منتصف أبريل 2023.
3 دلالات
ينظر إسماعيل مضوي المستشار السابق في برامج الأمم المتحدة إلى مشهد جولة دقلو وعبد العزيز الحلو في شوارع نيالا، وما صاحبها من تدافع جماهيري عفوي من زاوية الدلالات السياسية والقانونية والعسكرية.
ويقول لموقع "سكاي نيوز عربية": "إنها نقلة تضعهما أمام اختبار جديد يتمثل في قدرتهما على استثمار هذه الشعبية في بناء مشروع وطني جامع، أم أنهما سيظلان أسيران لمنطق السلاح؟"
ويرى مضوي أن الجولة مثلت لحظة سياسية ذات دلالات متشابكة على مستويات القانون والشرعية والرمزية الاجتماعية.
ويوضح: "أخرج المشهد السياسة من لغة البيانات والمؤتمرات إلى لغة الأرض والناس، وأكد أن الشرعية ليست نصاً دستورياً فقط، بل أيضاً إحساس جماعي بالانتماء".
ويضيف: "قانونياً، يبرز السؤال عن مدى صدقية القسم والشرعية البورتوكولية إذا لم تُترجم إلى التزام مؤسسي. أما سياسياً، فإن الجولة تفتح نافذة على إمكانية تحوّل الصراع إلى تقاطع وتفاوض علني أمام الشعب".
من الناحية العسكرية، يقول مضوي: "الجمع بين حميدتي والحلو ليس مجرد مصافحة سياسية، بل رسالة بأن القوى المسلحة التي ظلت لعقود على طرفي نقيض يمكن أن تلتقي في فضاء عام واحد".
ويضيف: "يعكس اللقاء انتقال الصراع من ميادين القتال إلى ميادين الرمزية السياسية، ويؤسس – إن صمد – لفكرة أنّ السودان لم يعد محكوماً بمعادلة المركز مقابل الهامش فحسب، بل بإمكانية تشكّل عقد اجتماعي جديد".
أما من الناحية الاجتماعية والشعبية، فيشير مضوي إلى أن الجولة تشي برسالة مقصودة مفادها "نحن منكم ولسنا فوقكم"، لكنه يتساءل حول ما إذا كانت الطمأنينة التي صاحبت الجولة "هي ثمرة شرعية شعبية حقيقية، أم مجرّد برهة عاطفية نتجت عن طقس رمزي سرعان ما ينقضي".
تأثير محلي ودولي
وفقا للصحفي والمحلل السياسي محمد المختار محمد، فإن "لهذا الحشد الجماهيري الكبير لحكومة تأسيس والتحرك بحرية لرئيس المجلس الرئاسي دقلو ونائبه الحلو، دلالات سياسية وعسكرية كثيفة لا شك أن السودانيين والمجتمع الإقليمي والدولي سيلتقطانها، تتشابك مع بعضها البعض في ظل إصرار الحركة الإسلامية على استمرار الحرب وسيطرتها على القرار السياسي والعسكري في بورتسودان، مع عقوبات أميركية على خلفية استخدام الجيش الأسلحة الكيميائية".
ويقول المختار لموقع "سكاي نيوز عربية": "جاءت الجولة في ظل محاولة الإخوان والداعمين للجيش لفرض واقع محدد وفق إجراءات وقوانيين لخنق المناطق التي يسيطر عليها تحالف تأسيس، لكن تجول دقلو والحلو وسط الجماهير بالزي المدني يشير إلى أنهما لا يسعيان لفرض حكم عسكري على الشعب السوداني الذي ثار على نظام البشير والبرهان ذو القبضة العسكرية الإخوانية في ظل تحركات دولية لمحاصرة تنظيم الإخوان وتصنيفه منظمة إرهابية".
ويرى المختار أن "المشهد يعكس قوة تماسك تحالف تأسيس الذي حسم تشكيل هياكله بسلاسة، بعكس حكومة بورتسودان التي شهدت صراعا أظهر تباينات حادة في مواقف وأطماع أطرافها ومثلت خيبة أمل للداخل والخارج بعودة الإخوان، علاوة على دلالات بإعطاء إشارات للقوى المدنية الرافضة للحرب بأن المسافة بيينهم أصبحت قريبة وسالكة لمحاصرة الإخوان وبالتالي وقف الحرب، بعكس حكومة بورتسودان التي دائما ما تعطي إشارات عنيفة تجاه القوى السياسية المدنية في تحالف صمود".
0 تعليق