في كرة القدم كثير من المواهب وُلدت لتكتب التاريخ، لكن قلة منهم فقدوا كل شيء في لحظة مثل المهاجم البارغوياني سلفادور كاباناس، الذي كان على أعتاب مانشستر يونايتد، وتحوّل اسمه من مشروع نجم إلى واحدة من أكثر القصص مأساوية في عالم المستديرة.
ولد سلفادور كاباناس في الخامس من أغسطس/آب 1980 بمدينة إيتاوغوا في باراغواي، ونشأ وسط بيئة متواضعة حيث كانت كرة القدم المتنفس الأول له.
منذ طفولته، أظهر كاباناس موهبة تهديفية لافتة جعلته يحلم بأن يصبح يوما ما من أبرز المهاجمين في بلاده، فبدأ مسيرته مع نادي "12 أكتوبر" المحلي، حيث سرعان ما لفت الأنظار بقدراته أمام المرمى، ليشق طريقه بخطوات ثابتة نحو الاحتراف.
الانطلاق نحو النجومية
انتقل كاباناس إلى الدوري التشيلي ثم المكسيكي، وهناك بدأت موهبته تتفجر بوضوح.
مع نادي أميركا المكسيكي أصبح واحدا من أبرز المهاجمين في القارة اللاتينية، وحصد لقب هداف بطولة كوبا ليبرتادوريس لعامين متتاليين (2007 و2008)، كما نال جائزة أفضل لاعب في أميركا الجنوبية عام 2007، وهو إنجاز وضعه بين نخبة المهاجمين عالميا.
وعلى الصعيد الدولي، كان كاباناس السلاح الأبرز لمنتخب باراغواي. خلال تصفيات كأس العالم 2010، سجل 6 أهداف حاسمة قادت منتخب بلاده إلى النهائيات في جنوب أفريقيا، ليصبح أيقونة وطنية ومصدر فخر للجماهير.
حلم مانشستر يونايتد
مع بداية عام 2010، كان كاباناس على أعتاب خطوة تاريخية. الاتفاق كان قائما على انتقاله إلى أوروبا، وتحديدا إلى مانشستر يونايتد، ليصبح أول باراغواياني يرتدي قميص "الشياطين الحمر".
وفي ذلك الوقت، كانت التوقعات تشير إلى أنه سيشكل إضافة قوية لخط هجوم الفريق، وربما يسير على خطى أساطير "أولد ترافورد".
رصاصة أنهت كل شيء
لكن القدر كان له كلمة أخرى، ففي يناير/كانون الثاني 2010، وفي أثناء وجوده في ملهى ليلي بمكسيكو سيتي، تعرض كاباناس لإطلاق نار في رأسه بعد مشادة مع أحد تجار المخدرات.
إعلان
وكانت الحادثة كفيلة بتدمير مسيرته، إذ حرمته من المشاركة في كأس العالم، وأجبرته على الابتعاد طويلا عن الملاعب، ومن ثم انهار حلم الانتقال إلى مانشستر يونايتد.
العودة الصعبة والاعتزال
بعد عامين من العلاج والتأهيل، حاول المهاجم الباراغواياني العودة إلى الملاعب عبر ناديه الأول، لكن جسده لم يعد كما كان، ولم يتمكن من استعادة مستواه السابق، وبعد فترة قصيرة، أعلن اعتزاله كرة القدم، ليطوي صفحة كانت مرشحة لتكون من الأجمل في تاريخ بلاده.
من النجومية إلى بيع الخبز
بعد الاعتزال تفاقمت معاناة كاباناس، فقد دخل في خلافات مالية مع ناديه السابق أميركا، ولم يحصل على دعم كاف من الاتحاد المحلي. ومع مرور السنوات، اختار حياة بسيطة بعيدا عن الأضواء، إذ يعمل اليوم بائعا للخبز في أسونسيون.
ورغم التغير الجذري، فإن كاباناس يعيش حياته الجديدة برضا، محتفظا بمكانته في قلوب الجماهير التي لم تنسَ أهدافه.
وقصة سلفادور كاباناس تظل من أكثر الحكايات مأساوية في تاريخ كرة القدم الحديثة. مهاجم وُلد ليكون أسطورة في مانشستر يونايتد وفي الملاعب العالمية، لكن رصاصة واحدة كانت كافية لتغيير مصيره إلى الأبد.
0 تعليق