كتب خليل الشيخ:
لم يكن المواطن عبد الرؤوف أبو ضلفة (44 عاماً) يعلم أن صوت الانفجار الذي سمعه ناجم عن انفجار قنبلة فوق سطح البناية التي ينزح داخلها، لكنه قام بإخلائها على الفور عند علمه بذلك.
حمل حقيبة كبيرة فيها ملابس ومقتنياته الثمينة، وسارع بمغادرة المكان بصحبة أبنائه وزوجتَيه رغم عتمة الشارع، ولحقه بقية النازحين في البناية التي كانت تستخدم مكاتب تجارية ومراكز تعليمية في شارع فرعي يؤدي إلى شارع عمر المختار، في البلدة القديمة بمدينة غزة.
ولم تمر سوى دقائق حتى سقطت قنبلة أخرى فوق سطح بناية مجاورة، تلتها قنابل مشابهة وأصوات إطلاق نار من مسيّرات للاحتلال حلّقت في سماء المنطقة، لتسود الفوضى والخوف في نفوس النازحين، الذين بحثوا عن مكان يأوون إليه حتى بزوغ النهار، حسب المواطن "أبو ضلفة".
وقال شهود عيان: إن مسيّرات الاحتلال حلّقت في تلك الليلة والليالي التي سبقتها بكثافة، وعلى مسافات منخفضة فوق المنازل في البلدة القديمة بمدينة غزة، وكانت تطلق الأعيرة النارية والقنابل فوق أسطح المنازل، وفي الشوارع والمفترقات.
وأكد أحد الشهود أن "اعتداءات طائرات كواد كابتر لا تتوقف طوال ساعات الليل، وتلقي القنابل وتفتح نيران أسلحتها باتجاههم، بينما يحرص النازحون على الاحتماء تحت أسقف إسمنتية ولا عزاء لنازحي الخيام في المكان".
ويجاور البلدة القديمة بمدينة غزة حيّا الزيتون شمالاً والشجاعية شرقاً، والأخير ليس بعيداً عن الاعتداءات والإبادة الجماعية التي تقوم بها قوات الاحتلال.
وسبق استهداف البلدة القديمة بالقنابل التي تلقيها "كواد كابتر" استشهاد المواطنة يسرى أبو الكاس، التي كانت تسير برفقة آخرين في حي الشجاعية، وإصابة مَن معها بجروح.
يذكر أن زوج الشهيدة "أبو الكاس" وطفليها استشهدوا بظروف مشابهة في وقت سابق، حسب رواية أحد أقربائهم، الذي أوضح أنهم كانوا يحاولون تفقد منزلهم عندما أطلقت "كواد كابتر" نيران أسلحتها باتجاههم.
وفي حادثة وقعت في أقصى شارع الجلاء بمدينة غزة، أشار أحد الشهود إلى استهداف أطفال كانوا يلهون في ساحة خالية، لافتاً إلى أنهم تعرضوا لانفجار ناجم عن قنبلة ألقتها طائرة "كواد كابتر" حلّقت في سماء المنطقة.
وقال المواطن "أبو رزق" (50 عاماً): "كنت أقف في شرفة المنزل وفجأة سمعت صوت انفجار أعقبه دخان، دون أن أستمع لتحليق طائرات".
وأشار إلى أنه اتصل بالإسعاف وطلب القدوم إلى المكان ليتبين إصابة أربعة أطفال بجروح متفاوتة نتيجة إطلاق قنبلة باتجاههم من قبل طائرة "كواد كابتر"، فيما نجا آخرون كانوا في مكان بعيد نسبياً.
وأضاف "أبو رزق": "اللافت في هذه الطائرات أنها لا تصدر أصواتاً وتحلق على ارتفاع منخفض، وتقوم بإطلاق القنابل والأعيرة النارية بشكل فجائي".
ويشتكي غالبية النازحين والمواطنين من التحليق المستمر والمكثف لهذه الطائرات، لا سيما خلال ساعات الليل، وقيامها باستهداف مواطنين سواء المقيمون في الخيام أو المارون بين أزقتها.
وقال عماد الشافعي (33 عاماً): "ننزح في مخيم الميناء على شاطئ بحر غزة، وطائرات كواد كابتر لا تفارق السماء، خاصة في الليل، وفي كثير من الأحيان نسمع أصوات إطلاق نار دون أن نعلم مكان تصويبها، فنتوقع أنها تستهدفنا".
من جهته، قال النازح سمير خلة في الخمسينيات من عمره: إن هذا النوع من الطائرات يزور منطقتهم ومخيماتهم المحيطة كل ليلة، وفي غالب الأوقات تطلق النار باتجاه الخيام، مشيراً إلى أنه يسمع بوقوع إصابات في مناطق مجاورة وفي مرات استشهاد نازحين.
0 تعليق