"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان المتواصل على غزة - هرم مصر

جريدة الايام 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتب محمد الجمل:

 

واصلت "الأيام" نقل مشاهد جديدة من العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، ورصدت استمرار الجرائم الإسرائيلية، خاصة في مدينة غزة.
ومن المشاهد التي وثقتها "الأيام"، مشهد يرصد تصاعد المجازر في مدينة غزة، ومشهد آخر يُوثق تعمّد الاحتلال قتل المزارعين، ومشهد ثالث تحت عنوان: "أجساد تحولت إلى هياكل عظمية".

 

مجازر في مدينة غزة
بات واضحاً أن الاحتلال يستخدم المجازر، وعمليات القتل الواسعة، كإحدى أدوات الضغط والترهيب الممارسة ضد المواطنين والنازحين في مدينة غزة، لدفعهم إلى النزوح باتجاه جنوب القطاع في المرحلة المقبلة.
وشهدت الساعات القليلة الماضية تصاعداً كبيراً في العدوان على المدينة، تخلل ذلك مجازر، خاصة في أحياء الصبرة، والزيتون، والشيخ رضوان، والشاطئ، وكان أكبر تلك المجازر استهداف مدرسة "عمرو بن العاص"، وخيام النازحين في محيطها، ما تسبب باستشهاد 18 مواطناً، ووقوع عشرات الجرحى.
وباتت مشافي المدينة المنهكة، تغص بالجرحى، وسط تحذيرات من كارثة صحية كبرى، بعد أن شرع جيش الاحتلال بمحاولات إخلاء تلك المشافي، عبر الاتصال على مدرائها، وطلب منهم إخلاءها.
وذكر المواطن أحمد الفرا، أنه يتابع ما يحدث في مدينة غزة، وبعد تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة، بشأن إقرار خطة احتلال المدينة، وتجاهل الرد على المقترح المصري القطري، تيقن أن احتلال مدينة غزة مسألة وقت فقط، وأن إسرائيل لا تنوي التوقف عن خطتها الهادفة إلى السيطرة عليها.
وأكد الفرا أن الوضع في مدينة غزة يزداد خطورة وصعوبة، وأن المجازر تتواصل، وحصار المدينة يتعمق، وكل هذا يهدف إلى دفع المواطنين إلى النزوح بمجرد إصدار الاحتلال أوامر إخلاء المدينة، التي يتوقع أن تكون قريبة.
وأوضح أنه وبالتزامن مع ذلك كله، تلقى الكثير من سكان مدينة غزة اتصالات هاتفية مسجلة، تحمل تهديداً ووعيداً وتطالبهم بالاستعداد للنزوح نحو الجنوب في أسرع وقت.
وأشار إلى أن التصعيد المذكور وما يرافقه من أخبار الحشود العسكرية حول محافظة غزة، واجتياح أحيائها الجنوبية، جعل المواطنين في حال قلق، وترقب.
وكان موقع "واللا" الإخباري العبري أورد خبراً مفاده أن جيش الاحتلال يستعد لاحتلال مدينة غزة، وأن نحو 80 ألف جندي سيشاركون في احتلال المدينة بشكل تدريجي.
وقال، إن الجيش بدأ بتحضيرات لنقل السكان المدنيين من مناطق القتال إلى جنوب قطاع عزة، وأنه سيتم توفير الخيم ومعدات المأوى لسكان القطاع.
من جهتها، قالت إذاعة جيش الاحتلال، إن الخطة "لا تقتصر على إخلاء سكان المدينة، كما ورد في تقارير سابقة، بل تشمل أيضاً استكمال تطويقها وتحقيق سيطرة عملياتية داخلها".

 

تعمّد قتل المزارعين
لم يعد استهداف قطاع الزراعة مقتصراً على تدمير المَزارع والأراضي الخصبة، وتجريف البنية التحتية الزراعية من آبار مياه، وخطوط ري، ولا حتى بمنع وصول مُدخلات الإنتاج الزراعي، إذ أصبح الاحتلال يستهدف بشكل مباشر ومقصود المزارعين، خلال محاولتهم زراعة أراضيهم وتخضيرها.
وتصاعد نهج استهداف المزارعين منذ تجدد العدوان في الثامن عشر من شهر آذار الماضي، حيث استهدفت الطائرات عشرات المزارعين في منطقتي البطن السمين، والمنارة، القريبتين من محور "موراغ"، جنوب خان يونس، ما تسبب بسقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى في صفوفهم.
وكان آخر حوادث استهداف المزارعين، قتل الاحتلال خمسة مزارعين من عائلة واحدة في مدينة خان يونس، هم: الشقيقان سليمان ومحمد جمال الأسطل، وموسى عبد الله الأسطل، ومحمود نايف الأسطل، ومحمد مروان الأسطل.
وأكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن قتل جيش الاحتلال خمسة مزارعين بشكل مباشر ومتعمد خلال عملهم في أرض زراعية بخان يونس، يأتي في سياق نمط متكرر ونهج مستمر للقضاء على أي محاولة لتأمين الحد الأدنى من الغذاء عبر الإنتاج المحلي.
ولفت المرصد إلى أن جريمة استهداف المزارعين الخمسة لا تُمثّل حادثاً معزولاً، بل هي جزء من نمط منهجي ومتكرر، إذ قتلت قوات الاحتلال أو أصابت مئات المزارعين، وفي الوقت نفسه دمّرت بالقصف والتجريف أو الاحتلال مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية.
وأشار إلى أن قوات الاحتلال تتعمد استهداف المزارعين خلال عملهم في الأراضي الزراعية التي بقيت ولم تستهدف في مختلف أرجاء قطاع غزة، عبر القصف الجوي، وإطلاق النار المباشر والقصف المتكرر، ما يحوّل هذه الأراضي إلى مناطق خطرة، ويجعل مجرد السعي لتأمين لقمة العيش مغامرة مميتة.
وأفاد المرصد بأن استمرار القصف والتوغلات العسكرية في مناطق واسعة حالا دون تمكّن المزارعين من الوصول إلى بعض الأراضي التي نجت من التدمير.
ونوّه إلى أن قوات الاحتلال تحتل أكثر من 93% من الأراضي الزراعية في قطاع غزة، التي تبلغ مساحتها نحو 178,000 دونم، وذلك في إطار سياسة منظمة تهدف إلى تدمير البنية الإنتاجية للغذاء، وتجريد السكان من أبسط سبل الحصول على الغذاء من مصادرهم المباشرة المحلية.
وبيّن أن ذلك يأتي في إطار ترسيخ سياسة التجويع كأداة مركزية في جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة منذ 23 شهراً.

 

أجساد تحوّلت لهياكل
بالتزامن مع إعلان "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" المدعوم من الأمم المتحدة، رسمياً، تفشي المجاعة في قطاع غزة، يصارع عشرات الأطفال في مشافي القطاع الموت، ويحاول الأطباء إنقاذ حياتهم، بعد أن أضحوا في مراحل متأخرة من سوء التغذية الناجمة عن الجوع الحاد، ونقص الطعام.
وما زال مشفى ناصر بمحافظة خان يونس، وهو أكبر مشافي قطاع غزة الذي يعمل حالياً، يستقبل عدداً كبيراً من المجوّعين يومياً، وعلى أسرّته المزدحمة ينام الأطفال وهم في وضع صحي سيئ.
الطفلة غدير بريكة، وتبلع من العمر 5 أشهر فقط، فقدت حياتها في مجمع ناصر الطبي، بعد إصابتها بسوء تغذية حاد، حيث كانت مصابة بضمور واعتلال في الدماغ وشلل دماغي، لكن نقص الغذاء والعلاجات اللازمة فاقم حالتها الصحية حتى تدهورت بشكل كبير، خاصة أن والدتها أيضاً تعاني من سوء تغذية.
بينما تصارع الطفلة آمال البيوك (7 سنوات)، بعد أن تحولت إلى جسد نحيل أقرب إلى هيكل عظمي، بسبب سوء تغذية حاد وحساسية القمح، إذ تُعاني من انتفاخات كبيرة في بطنها وأجزاء مختلفة من جسدها، ما يسبب لها صعوبة في التنفس واختناقاً أثناء النوم، إضافة إلى إسهال مزمن، وخمول دائم يمنعها من الحركة.
آمال فقدت أكثر من نصف وزنها الطبيعي، ولم يتبقَ منها سوى 10 كيلوغرامات، بعدما أنهكها الجوع وانعدام العلاج، وسط عجز طبي كامل عن تشخيص حالتها بدقة، نتيجة نقص المعدات والأدوية الأساسية.
الأطباء حاولوا مساعدتها، لكن نقص الإمكانيات حال دون ذلك، محذرين من أن حياتها في خطر داهم، وأن استمرار بقائها في هذه الظروف يعني اقتراب النهاية.
ووفق الأمم المتحدة فإن أكثر من نصف مليون شخص في قطاع غزة يواجهون ظروفاً كارثية، أي المرحلة الخامسة من التصنيف، ومن خصائصها الجوع الشديد، والموت، والعوز، والمستويات الحرجة للغاية من سوء التغذية الحاد.
وذكر "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي"، أن 1.07 مليون شخص آخر (54% من السكان) يواجهون المرحلة الرابعة وهي مرحلة انعدام الأمن الغذائي الحاد "الطارئ"، ويواجه 396 ألفاً (20% من السكان) المرحلة الثالثة وهي مرحلة انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وأوضح "التصنيف" أن عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص الغذاء في قطاع غزة تضاعف 3 مرات، داعياً إلى وقف المجاعة في قطاع غزة بأي ثمن، مبيناً أن نحو 132 ألف طفل دون الخامسة سيواجهون خطر الوفاة بسبب سوء التغذية الحاد.
ورغم تكدس شاحنات المساعدات على مداخل قطاع غزة، إلا أن سلطات الاحتلال تواصل منع دخولها، أو التحكم في توزيعها خارج إشراف الأمم المتحدة، وبكميات شحيحة جداً "لا تعد نقطة في محيط" وفق تقارير أممية ودولية.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق