في عالم السياسة، حيث تُحسب كل كلمة وتُصاغ كل عبارة بدقة، قد لا يكون الخطر الأكبر في التصريحات الرسمية، بل في اللحظات غير المحسوبة، حين يُترك الميكروفون مفتوحًا دون انتباه. لحظات قصيرة، لكنها تحمل ثقلًا إعلاميًا وسياسيًا هائلًا، وقد تفضح ما يحاول القادة إخفاءه خلف الابتسامات والكلمات الدبلوماسية.
ريجان يمزح.. وموسكو تغضب
في عام 1984، وخلال تسجيل صوتي تجريبي قبل بث إذاعي، أطلق الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان مزحة قال فيها: "بدأنا قصف روسيا خلال خمس دقائق".
رغم نبرة الدعابة، لم تُضحك هذه الكلمات أحدًا في موسكو، بل اعتُبرت استفزازًا خطيرًا في ذروة الحرب الباردة، ما دفع الاتحاد السوفيتي إلى إصدار احتجاج رسمي، وأثار قلقًا عالميًا من انزلاق غير مقصود نحو التصعيد النووي.
بوتين ومزحة محرجة مع إسرائيل
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يسلم بدوره، ففي عام 2006 التقطت وسائل الإعلام مزحة له حول رئيس إسرائيل آنذاك، ووصفتها الصحف بأنها "غير لائقة".
سارع الكرملين إلى نفي سوء النية، محمّلًا المسؤولية لـ "خطأ في الترجمة"، في محاولة لتقليل التوتر الدبلوماسي الذي أعقب التصريحات.
بوش و"الحقير".. وبايدن و"الصفقة الكبيرة"
الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن وصف، عن غير قصد، أحد صحفيي نيويورك تايمز بـ "الحقير"، بينما كانت الميكروفونات لا تزال تلتقط الصوت.
أما نائبه حينها، جو بايدن، فأثار جدلًا آخر عندما قال بهمس مسموع للرئيس أوباما بعد توقيع قانون الرعاية الصحية عام 2010: "هذه صفقة كبيرة". اللحظة انتشرت كالنار في الهشيم، وأصبحت شعارًا إعلاميًا ساخرًا لاحقًا.
أوباما يتحدث "بحرية زائدة"
حتى الرئيس باراك أوباما لم يسلم، ففي لقاء جمعه بالرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف في كوريا الجنوبية، التُقط له تعليق خاص قال فيه إنه سيكون "أكثر مرونة" بعد الانتخابات، ما استُخدم ضده لاحقًا كدليل على لينه تجاه موسكو.
"زلات لسان" من نيوزيلندا إلى باريس
في مشاهد مشابهة، وصفت رئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة جاسيندا أرديرن خصمًا سياسيًا بـ "المتعجرف"، بينما أعرب الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك عن اشمئزازه من الطعام البريطاني. وحتى الملك تشارلز الثالث، وقع في خطأ علني عندما فقد أعصابه خلال توقيع وثيقة رسمية على الهواء.
ما وراء الميكروفون.. دروس سياسية
كل هذه اللحظات تؤكد درسًا واحدًا: الميكروفونات لا تنام، والخصوصية في الحياة السياسية وهم مؤقت. الزلات التي تقع في الظل تظهر سريعًا إلى العلن، لتكشف الوجه الحقيقي للسياسيين، وتبقى محفورة في ذاكرة الشعوب ووسائل الإعلام.
0 تعليق