المجاعة في غزة تطال الرّضع في ظل شح المكملات الغذائية - هرم مصر

جريدة الايام 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

غزة - رويترز: حذرت وكالات إغاثة وخبراء في سوء التغذية والأمم المتحدة من أن أزمة الجوع في قطاع غزة بلغت نقطة حرجة، مع انخفاض الإمدادات من الحليب المدعم بالفيتامينات وغيره من المكملات الغذائية، ما يزيد عدد الأطفال المهددين بالجوع.
وقال التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو المرصد العالمي الرئيسي للجوع الذي يعمل مع الأمم المتحدة ووكالات إغاثة أخرى، إن المجاعة تأكدت رسمياً، أمس، في مناطق من قطاع غزة بعد مرور ما يقرب من عامين على العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث يتعرض ما يقرب من ربع سكانه لمجاعة.
وبعد احتجاجات عالمية ضد قيود فرضتها إسرائيل على دخول المساعدات منذ آذار الماضي، بدأ الاحتلال بالسماح بدخول المزيد من الغذاء إلى غزة في أواخر تموز، لكن ثلاثة خبراء في الجوع وموظفي إغاثة من ست وكالات قالوا إن الكميات ضئيلة للغاية والتوزيع فوضوي جداً، بحيث لا يمكن وقف إصابة المزيد من السكان بسوء التغذية، في حين لا يحصل أولئك الذين يعانون بالفعل من الجوع أو الضعف على المكملات الغذائية المنقذة للحياة.
وحسب أرقام وزارة الصحة في غزة، التي أكدتها منظمة الصحة العالمية، فإن الوفيات الناجمة عن سوء التغذية والجوع آخذة في الارتفاع منذ بداية الحرب في السابع من تشرين الأول 2023.
وفي الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، تم تسجيل 89 حالة وفاة نتيجة سوء التغذية أو الجوع، معظمهم أطفال، وأعلنت الوزارة في غزة الأربعاء الماضي، تسجيل 133 حالة وفاة تشمل 25 طفلاً في أول 20 يوماً فقط من آب الجاري.
وقال التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إن عدداً كبيراً آخر قد يتعرض للمجاعة. وذكر أن 132 ألف طفل على الأقل دون سن الخامسة معرضون لخطر الموت بسبب سوء التغذية الحاد حتى حزيران من العام المقبل إذا لم يتوقف إطلاق النار، وتدخل المساعدات بكميات كبيرة على الفور ودون عوائق. ورفع التصنيف تقديراته إلى الضعف مقارنة بتقديرات في تقريره السابق الصادر في أيار الماضي.
وقالت جانيت بيلي، مسؤولة التغذية لدى لجنة الإنقاذ الدولية، وهي منظمة إغاثة مقرها نيويورك "نشهد أسوأ كارثة إنسانية على الإطلاق يمكن قياسها". وأضافت "سيموت عدد أكبر بكثير من الأطفال، وعدد أكبر بكثير من النساء الحوامل والمرضعات اللاتي يعانين من سوء التغذية".
ويوجد بعض الأطفال الأكثر معاناة من سوء التغذية في المستشفيات القليلة التي لا تزال عاملة في قطاع غزة، حيث يسعى الأطباء جاهدين للحصول على إمدادات من الحليب العلاجي الخاص.
في مستشفى الرنتيسي بمدينة غزة، حمل الطبيب أحمد بصل رضيعاً بدت ذراعاه نحيلتين للغاية من شدة الهزال. وقال إن تكلفة الحليب الصناعي العادي، حتى عند توفره، تصل إلى 58 دولاراً للعبوة، فيما تعاني الأمهات أنفسهن من سوء التغذية الشديد ما يجعلهن غير قادرات على إرضاع أطفالهن طبيعياً.
أعطت عائشة وهدان، التي بدا عليها الضعف والهزال، ابنها حاتم البالغ من العمر ثمانية أشهر الحليب المدعم من زجاجة. وقالت إنها قبل وصولها إلى المستشفى حاولت فطامه على النباتات البرية مثل الخروب والبابونج والزعتر لأنها لم تتمكن من تغذيته بالرضاعة الطبيعية. وأضافت "لم يكن هناك حليب. استخدمت أعشاباً طبيعية وجربت كل شيء لأنه لم يكن هناك بديل للحليب".
وذكرت منظمة أطباء بلا حدود أن سوء التغذية في الطفولة يمكن أن يتسبب في أضرار جسمانية وعقلية دائمة.
وبينت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" أن بعض حليب الأطفال العادي، اللازم لمن فقدوا أمهاتهم أو لمن لا تستطيع الأمهات إرضاعهم رضاعة طبيعية أو عند إصابة الطفل بالمرض، قد دخل غزة منذ تخفيف الحصار المفروض على المساعدات. إلا أن الوكالة أكدت أن مخزونها يكفي لنحو 2500 طفل فقط لمدة شهر، وتقدر أن 10 آلاف طفل على الأقل يحتاجون لحليب الأطفال.
وقال أنطوان رينارد مدير برنامج الأغذية العالمي في فلسطين "دون دخول وتوزيع مستمر لعناصر مثل مواد التغذية التكميلية المتخصصة، البسكويت عالي الطاقة والأغذية المدعمة، فإننا نشهد أزمة يمكن تجنبها تتحول إلى حالة طوارئ غذائية واسعة النطاق". وأضاف "في البداية يؤثر ذلك على الفئات الأكثر ضعفاً لكن بطبيعة الحال سيتسع نطاق ذلك".
ويقول خبراء سوء التغذية إن الوفيات بين الذين يعانون من مشاكل صحية بالفعل أمر شائع في المراحل المبكرة من أزمة الجوع.
واتهم مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في حزيران الماضي إسرائيل باستخدام غذاء المدنيين "سلاحاً"، ووصف ذلك بأنه جريمة حرب بعد توثيق استشهاد المئات على يد جيش الاحتلال أثناء محاولتهم الوصول إلى مواقع توزيع المساعدات التي تديرها مؤسسة غزة الإنسانية، وهي منظمة مدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة.
وقالت هبة والدة خلود الأقرع إن رضيعتها تبلغ من العمر ثلاثة أشهر وتزن كيلوغرامين فقط بما يقل كثيراً عن متوسط ​​وزن الرضيعات الذي حددته منظمة الصحة العالمية بأنه يقارب ستة كيلوغرامات في هذا العمر.
ولا تزال الأم ترضع طفلتها رضاعة طبيعية، لكنها قالت إن جسدها لا يتمكن من إنتاج ما يكفي رضيعتها بسبب قلة الطعام الذي تتناوله ولا يوجد ما تشتريه. وذكرت أنها تقضي يوماً أو يومين أحياناً دون تناول أي شيء سوى طبق حساء واحد.
وقالت هبة عبر الهاتف من مخيم نازحين تعيش فيه في دير البلح وسط غزة "أنا نفسي منهكة، أشعر بالدوار عندما أرضعها لأنه لا يوجد طعام جيد لي أنا أيضا".
وبيّن ثلاثة خبراء تغذية أن العلاج المتعارف عليه لرضيعة تعاني من سوء تغذية حاد، مثل خلود، هو تغذيتها بحليب علاجي لعدة أسابيع وتوفير طعام ومكملات غذائية لأمها للتمكن من إرضاعها.
وذكرت هبة أن المساعدات والإمدادات الغذائية التجارية التي تدخل غزة زادت، لكن كمية الطعام المتوفرة في السوق أو المطابخ الخيرية لا تزال قليلة جداً رغم ذلك. وتسعى الأسرة يومياً للحصول على الطعام من المطابخ الخيرية.
ولم تتمكن الأسرة أيضاً من العثور على مكملات غذائية للرضيعة أو لوالدتها أو لطفليها الآخرين الأكبر سنا.
وقالت ماريانا أدريانوبولي وهي من مسؤولي التغذية في منظمة الصحة العالمية إن حالة من يعانون من سوء التغذية تبدأ في التدهور عندما لا يحصلون على مكملات غذائية يمكنهم تناولها في المنزل إلى جانب كمية كافية من الطعام العادي.
وأضافت "هؤلاء الأطفال معرضون للخطر. جهازهم المناعي ضعيف، معرضون للإصابة بالعدوى التي يمكن أن تنتشر بسرعة". وتابعت "تدهور الحالة الصحية لسكان يعانون من سوء التغذية قد يكون سريعاً جداً".
وذكرت كل وكالات الإغاثة أن الأمراض والمشكلات الصحية تنتشر في بيئة مثل تلك الموجودة في قطاع غزة حالياً، حيث يعيش معظم السكان في خيام أو ملاجئ وسط نقص في المياه النظيفة وتعرض جزء كبير من شبكة الصرف الصحي للتدمير، كما يتعرض من يعانون من ضعف المناعة لخطر أكبر.
وتحدثت الوكالات الست عن مؤشرات مثيرة للقلق تظهر تدهوراً سريعاً في الشهر الماضي تقول إن معالجته تتطلب زيادة واردات الأغذية بكميات كبيرة، وتناول من هم أكثر عرضة للخطر مكملات غذائية، مثل معجون زبدة الفول السوداني وحليب الأطفال المعزز، باستمرار ولمدة أسابيع.
وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن عدد الأطفال دون سن الخامسة، والمسجل أنهم يعانون من الهزال بسبب نقص الغذاء، زاد بواقع المثلين تقريباً من حزيران إلى أكثر من 12 ألفاً، كما يعاني أكثر من 2500 طفل من أشد أشكال فقدان الوزن الذي يمكن أن يؤدي إلى الوفاة بسبب التضور جوعاً.
وقالت كل الوكالات وخبراء في مجال الجوع إن هذه الأعداد لا تمثل سوى الأطفال الذين توجهوا إلى عيادات أو مستشفيات، ولذلك فالعدد الحقيقي على الأرجح أعلى من ذلك بكثير.
كما ذكر تقرير أصدره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن شهر تموز شهد الوصول إلى ثلاثة بالمئة فقط من عدد يبلغ نحو 290 ألف طفل دون سن الخامسة يحتاجون إلى مكملات غذائية لمنع انزلاقهم إلى سوء التغذية الحاد، ما يمثل انخفاضاً كبيراً عن متوسط ​​26 بالمئة بين نيسان وحزيران.
وعزا المكتب سبب تراجع النسبة إلى القيود المفروضة على الكميات المسموح بدخولها، واحتدام الصراع والعوز الشديد الذي يؤدي إلى النهب.
وقالت "اليونيسف" إن مخزوناتها من العبوات الصغيرة التي تحتوي على معاجين مغذية إما نفدت أو أوشكت على النفاد، وإنه لا يوجد لديها إلا ما يكفي خمسة آلاف طفل فقط للشهر المقبل.
وتقدر "اليونيسف" عدد الأطفال المحتاجين حاليا إلى الغذاء العلاجي الجاهز للاستخدام بنحو 70 ألف طفل.
تضرر قطاعا الزراعة والصيد بشدة بسبب الحرب، بعد أن كانا في الأوضاع الطبيعية المصدران الرئيسيان للغذاء داخل قطاع غزة. ويعتمد سكان القطاع، الذين يزيد عددهم على مليوني نسمة، بشكل شبه كامل على الواردات.
وفرضت إسرائيل في آذار الماضي، حصاراً شبه كامل على دخول المساعدات إلى قطاع غزة حتى أواخر أيار عندما بدأت مؤسسة غزة الإنسانية بتوزيع طرود غذائية في أربعة أماكن داخل القطاع.
وقال تقرير صدر في الآونة الأخيرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن إسرائيل بدأت تسهيل تسليم المزيد من المساعدات إلى داخل قطاع غزة عبر نقطة التفتيش الرئيسية منذ أواخر تموز، لكن 90 بالمئة تقريباً من الأغذية التي تنقلها الشاحنات إلى القطاع تأخذها إما الحشود الجائعة أو العصابات المسلحة قبل أن تصل إلى نقطة التوزيع، ما يعني أن المساعدات الغذائية قد لا تصل إلى الفئات الأكثر احتياجاً.
وبدأ أيضاً دخول الإمدادات التجارية إلى قطاع غزة، وهي خطوة تعتبر أساسية في زيادة إجمالي كميات الأغذية ومنع الانزلاق الحاد إلى سوء التغذية على نطاق واسع عن طريق توفير منتجات طازجة وغنية بعناصر غذائية، مثل البيض ومنتجات الألبان واللحوم، لكنها ليست في نطاق القدرة المادية إلا لعدد قليل من السكان.
وقال ريك بيبركورن ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة "لا يزال إجمالي حجم الإمدادات الغذائية غير كافٍ على الإطلاق لمنع المزيد من التدهور. يجب إغراق السوق، يجب أن يكون هناك تنوع غذائي".
    

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق