"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان والمعاناة في غزة - هرم مصر

جريدة الايام 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتب محمد الجمل:


مازال العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة يتصاعد ويتوسع، خاصة في مناطق جنوب مدينة غزة، بينما تتواصل المعاناة الناجمة عن المجاعة والحصار.
"الأيام" واصلت نقل مشاهد جديدة ومتنوعة من قلب الحرب والمعاناة على قطاع غزة، منها مشهد يُسلّط الضوء على تعميق الاحتلال عدوانه البري على مناطق جنوب مدينة غزة، ومشهد آخر تحت عنوان: "مراكز المساعدات تتحول إلى مصائد للاعتقال"، ومشهد ثالث جاء تحت عنوان: "المفقودة بيسان فياض".

 

العدوان البري يتعمق في مدينة غزة
شهد العدوان الإسرائيلي المتواصل على مناطق جنوب مدينة غزة تصاعداً كبيراً خلال اليومين الماضيين، مع تقدّم الدبابات باتجاه حي الصبرة، ومناطق أخرى جنوب المدينة، بالتزامن مع قصف مدفعي وجوي عنيف.
ووفق المصادر المحلية وشهود العيان، فإن قوات الاحتلال تقدمت في الساعات الماضية باتجاه حي الصبرة، انطلاقاً من حي الزيتون المجاور، كما عمّقت الدبابات توغلها في حي الزيتون، وسيطرت على مزيد من الشوارع، والحارات الكائنة شمال الحي.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن تقدّم الدبابات تزامن مع عمليات نسف وتفجير مربعات سكنية، وقصف عمارات وبنايات مرتفعة في الحي.
وقال مواطنون فروا من الحيين إن موجات القصف العنيف، وتفجير "الروبوتات" المفخخة، وتقدم الدبابات تسببت بنزوح جماعي، حيث توجه غالبية المواطنين باتجاه الغرب، وتجمعوا في منطقة الميناء، ومحيط "أنصار"، وحي الشيخ رضوان، وغالبية العائلات لا تجد مكاناً تقيم فيه، وليس لديها خيام.
وأكد مواطنون أن الدبابات باتت على مشارف حي الصبرة، والوضع يزداد سوءاً، بينما يُسيطر الطيران المُسيّر على كافة مناطق جنوب مدينة غزة، وتستهدف الطائرات كل ما هو متحرك على الأرض.
من جهته، أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن قوات الاحتلال تُدمّر حي الزيتون وتسويه بالأرض، وقد دمرت نحو 400 منزل فيه، بينما يتواصل التدمير في جميع مناطق الحي.
وذكر المرصد أنه وثق استخداماً كثيفاً "للروبوتات المتفجرة" في تدمير المربعات السكنية، إضافة إلى مئات الغارات الجوية وقذائف المدفعية، مشيراً إلى أن الهجوم على حي الزيتون يأتي ضمن هجوم أوسع لتدمير محافظة غزة، على غرار ما جرى في محافظات رفح، وشمال غزة، وخان يونس.
وأوضح "الأورومتوسطي" أن فريقه الميداني تلقى معلومات عن وجود جثث لمدنيين في المناطق المستهدفة دون إمكانية انتشالها بسبب استمرار القصف.
وبيّن أن إسرائيل تنتهج سياسة مسح المدن في قطاع غزة والقضاء على سكانها، وتهجير من ينجو منهم قسراً، في إطار جريمة الإبادة الجماعية، لافتاً إلى أن تصعيد إسرائيل للإبادة الجماعية لإحكام السيطرة العسكرية على محافظة غزة، ينذر بارتكاب مذابح جماعية غير مسبوقة بحق المدنيين.
بدوره، قال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل، إن ما يجري في حي الزيتون ومحيطه عملية إبادة، وأن قوات الاحتلال تستخدم "الروبوتات" في تفجير المساكن، وطواقم الإغاثة لا تستطيع التعامل مع المصابين في حي الزيتون، وهناك نحو 50 ألف مواطن في الحي لم يغادروه.

 

مراكز المساعدات تتحول لمصائد للاعتقال
على مدار الأشهر الثلاثة الماضية كانت مراكز المساعدات الأميركية شمال مدينة رفح، ووسط قطاع غزة، بمثابة مصائد للموت، حيث قضى فيها وعلى مقربة منها مئات الشهداء، وأصيب آلاف المواطنين.
لكن هذه المصائد بدأت تأخذ شكلاً جديداً مؤخراً، يتمثل في إيقاع الشبان في فخ الاعتقال، وبعد ذلك الابتزاز والمساومة، وفق شهادات حية للعديد من الشبان.
وفي حادثة متجددة حاصرت دبابات الاحتلال مئات المواطنين داخل مراكز المساعدات الأميركية شمال رفح المعروف بمركز "الشاكوش"، قبل عدة أيام.
ووفقاً لمصادر محلية وشهود عيان، فإن جنود الاحتلال أطلقوا النار أولاً، ما أدى إلى استشهاد مواطن وإصابة آخرين قبل محاصرة المواطنين واعتقال عدد منهم.
وذكرت المصادر ذاتها، أنه تم نقل عشرات المعتقلين عبر مركبات عسكرية، إلى منطقة مجهولة، حيث شوهد جنود الاحتلال يقتادون الشبان وهم مقيدو الأيدي خلف ظهورهم، ومعصوبو الأعين.
ولفت الشاب محمد معمر، إلى أنه تقدم باتجاه نقطة المساعدات، واختبأ خلف تلة لتلافي إطلاق النار، وكان ينتظر موعد فتح المركز ليتوجه إليه ويحصل على بعض الطعام، لكنه شاهد من بعيد حشداً من الجنود والآليات، فشعر بالقلق، وقرر التراجع بضع مئات من الأمتار باتجاه الشمال.
وأشار إلى أنه وقف بعيداً، وفجأة جرى تكثيف إطلاق النار، وتحركت الآليات، وحاصرت مجموعات الشبان، وجرى اعتقالهم، مبيناً أنه لثاني مرة يشاهد عمليات اعتقال تحدث في المركز المذكور في غضون أسبوعين فقط، حيث حوّل الاحتلال الأخير إلى فخ لاعتقال الشبان.
بينما قال الشاب عبد الله حسنين، إنه توجه إلى المركز المذكور للحصول على المساعدة، وبينما كان ينتظر السماح لهم بالدخول باتجاه الصناديق، فوجئ بمحاصرته وعدد من الشبان من قبل دبابات وآليات عسكرية، وقد أشهر جنود الاحتلال البنادق في وجوههم، ثم اعتقلوهم.
وأوضح أنه تعرض لتحقيق قاسٍ استمر 10 ساعات، تخلله ضرب مبرح، وجرى مساومته بالحصول على مساعدات كبيرة يومياً، مقابل التعاون مع الاحتلال، وحين رفض جرى ضربه بعنف، ثم أفرج عنه برفقة عدد من المعتقلين بعد 12 ساعة، ولا يعرف مصير الباقين.
ووفق مصادر مطلعة، فإنه في الغالب يتم الإفراج عن حوالي نصف المعتقلين في مراكز المساعدات، والباقون ينقلون إلى معتقلات الاحتلال، ولا تتوفر معلومات عنهم.

 

المفقودة بيسان فياض
كثيرة هي القصص المأساوية التي نجمت عن الحرب على قطاع غزة، منها روايات مروعة، لمفقودين ظهروا بعد أن ظن ذووهم أنهم شهداء، وآخرون لا يزال مصيرهم مجهولاً، ومعتقلون لا يُعرف عنهم شيء.
ومن القصص المأساوية التي ظهرت في الحرب مؤخراً كانت للفتاة بيسان فياض، التي قام ذووها بدفن رفات قيل إنه يعود لها، وبعد نحو 20 شهراً وردت لهم معلومات بأنها على قيد الحياة.
وفق "المركز الفلسطيني للمفقودين والمخفيين قسراً"، فإن قضية الشابة بيسان فياض تمثل نموذجاً صارخاً لمآسي سياسة الإخفاء القسري في سجون الاحتلال، حيث تسلمت عائلة فياض جثماناً في شهر كانون الثاني من العام الماضي 2024 قيل إنه لبيسان، مرفقاً بملابسها وبطاقة هويتها الشخصية، وقامت العائلة بمواراة الجثمان الثرى في حينه، واستقبلت المعزين باستشهادها.
وذكر المركز أن العائلة أُبلِغت مؤخراً أن بيسان لا تزال حيّة، وأنها معتقلة داخل سجون الاحتلال، وتعاني شللاً نصفياً نتيجة إصابة بالعمود الفقري، مشيراً إلى أن هذه الحادثة تكشف تلاعب الاحتلال بالجثامين، وتسليمها دون تحديد دقيق للهوية، ووصف ما حدث بالجريمة المزدوجة، "إخفاء قسري وتضليل للعائلات".
وبيّن أن حالة بيسان ليست فردية، بل نموذج لمعاناة مئات العائلات الفلسطينية، وأن الاحتلال ما زال يحتجز عشرات المعتقلين من غزة دون معرفة مصيرهم.
وطالب المركز المجتمع الدولي والهيئات الحقوقية بالتحرك العاجل للكشف عن مصير جميع المفقودين والمخفيين قسراً، وضمان حقوقهم الإنسانية.
بينما أكدت منظمات حقوقية أن ما تعرضت له الشابة بيسان فياض، وما تكشّف خلال الحرب على غزة، يندرج تحت بند الإخفاء القسري، وهو جريمة منصوص عليها في القانون الدولي الإنساني.
وحسب اتفاقية الأمم المتحدة لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري (2006)، يُعدّ أي اعتقال أو احتجاز يتبعه رفض الاعتراف بمصير الشخص أو مكان وجوده بمثابة انتهاك جسيم، يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية، إذا ما ارتُكب على نحو واسع النطاق.
وفيما يخص جريمة الإخفاء القسري كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن هذه الممارسات تعكس "نهجاً ممنهجاً" من قبل الاحتلال لإخفاء الحقائق، مطالباً بتدخل دولي عاجل لإجبار إسرائيل على الكشف عن مصير جميع المعتقلين والمفقودين من قطاع غزة.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق