الموضة الرقمية.. تصاميم حديثة تلبي الأذواق بخيوط «بلوك تشين» - هرم مصر

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تشهد الموضة تحولاً جذرياً يتجاوز مجرد إدخال التقنيات الجديدة، بل يدفعها تحول ثقافي أعمق، يتحدى أسس إدراكنا للهوية والملكية والتعبير. ومع إعادة المنصات الرقمية رسم طريقة تواصلنا حول العالم، نشهد تلاقياً بين التكنولوجيا الناشئة والإبداع ووعياً عالمياً متزايداً، يعيد تصور ماهية الموضة، ومن يُعرّفها، وكيف تتقاطع مع حياتنا اليومية.

لم نعد في هذا العصر نتحدث عن الملابس المادية فحسب، بل أصبحت الموضة اليوم تُعرّف بالرموز والبكسلات والأصول غير الملموسة. ومع صعود الموضة الرقمية، بدءاً من رموز غير قابلة للاستبدال يمكن ارتداؤها في عالم الميتافيرس، إلى تصميم الصور الرمزية، مروراً بخزائن الملابس في البيئات الافتراضية، يبرز أمامنا نموذج جديد.. نموذجٌ يتجاوز حدود العالم المادي، مقدماً طريقة جديدة كلياً للتعبير عن الهوية الشخصية والثقافية، وخلق مساحات تتيح فيها سلاسة الصور الرمزية الرقمية، والتصاميم المتطورة باستمرار، وإمكانيات التخصيص اللامحدودة للأفراد استكشاف أسلوبهم وإبرازه دون قيود الموضة التقليدية.

علامات الأزياء الفاخرة

يُعدّ التداخل المتزايد بين الموضة الفاخرة والعالم الرقمي أحد العوامل المحورية وراء هذا التحول. وأوضحت شراكات، مثل تلك الحاصلة بين «بالنسياغا»، دار الأزياء الإسبانية الفاخرة، و«فورتنايت»، أن الأمر أكثر من مجرد تقاطع بين الموضة والألعاب، بل إعادة تفكير شاملة في معنى الفخامة في العصر الرقمي. ومن خلال تقديم الجلود والأقمشة الرقمية كقطع أزياء مرغوبة في عالم افتراضي، طرحت بالنسياغا فكرة جريئة مفادها أن الفضاء الرقمي ليس مجرد اتجاه، بل جزء أساسي من التفاعل الثقافي المستقبلي. وقد حوّلت هذه الشراكة، وغيرها، الموضة الافتراضية من شيء على الهامش إلى رمز قوي للمكانة والحصرية، جاعلةً هذا التريند شكلاً جديداً من الفخامة، يجذب جمهوراً جديداً تماماً، جيلاً شاباً، متمكناً ورقمياً لأبعد حد يُشكّل مستقبل الأناقة.

وأطلق عدد من علامات الأزياء الراقية، على غرار «بالمان» و«بربري» و«لوي فيتون» و«دولشي أند غابانا» و«هوغو بوس» و«غوتشي» مبادرات رقمية، كما انضم لاعبون جدد في مجال تصميم الأزياء إلى فعاليات الموضة السنوية في باريس ونيويورك، حيث عرضوا تصاميم مادية مع التعبيرات الرقمية لإبداعاتهم.

بالإضافة إلى ذلك، ساهم تعاون «RTFKT» مع «نايكي»، والذي انتهى في وقت سابق من هذا العام بعد أربع سنوات على انطلاقه، في تطوير مفهوم التجارية الافتراضية للأحذية الرياضية والأزياء من خلال دمج تقنية «بلوكتشين» للمصادقة على الأحذية الرياضية الرقمية وتداولها. ومن خلال ربط الأصول الرقمية بالمنتجات المادية، قدمت «RTFKT» مفهوم «فيجتال فاشون» (phygital fashion)، حيث يندمج العالمان الرقمي والمادي بسلاسة، ولم يُغير هذا مفهوم الملكية فحسب، بل أعاد أيضاً صياغة طريقة تفكيرنا في قيمة الموضة.

نماذج ملكية

مثل صعود الأجهزة الرقمية القابلة للارتداء، ضمن النظم البيئية القائمة على تقنيات «بلوكتشين» نموذجاً جديداً كلياً للإيرادات، حيث يحتفظ المبدعون بملكية أعمالهم، من خلال العقود الذكية وأطر الملكية المشتركة، ما يُمكّنهم بشكل أكبر من تحقيق الدخل من تصاميمهم بطرق مبتكرة وشفافة.

ولأن الموضة أصبحت الآن نظاماً بيئياً ديناميكياً ومتعدد الأوجه، تُضفي فيه الأدوات الرقمية طابعاً ديمقراطياً على التصميم، فتحت هذه المنصات آفاقاً إبداعية للمصممين من جميع الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، مقدمةً أعمالاً ربما لم تكن معروضةً من قبل. وقد أحدثت تقنياتٌ، مثل برامج التصميم ثلاثي الأبعاد «CLO»، نقلةً نوعيةً، إذ أتاحت للمصممين إنشاء مجموعاتٍ كاملة رقمياً حتى قبل إنتاج عينةٍ مادية، ما سرّع بشكل كبير من وتيرة تكرار التصميم، وحسّن عمليات اتخاذ القرار، وقلّل من النفايات البيئية الناتجة عن إنتاج العينات، ويمكن للمصممين التجربة والتعاون وصقل المفاهيم في مساحةٍ افتراضية، تقود إلى منظومة أزياءٍ أكثر مرونةً وكفاءةً.

لم تعد الأزياء في العالم الرقمي مرتبطةً بقيود الإنتاج المادي، بل أصبحت تُمثل بديلاً منخفض التأثير، مبتكراً ومسؤولاً في آنٍ واحد، ويمكن للملابس الافتراضية أن تتطور آنياً، فتتكيف مع المستخدم، وتدعوه للتفاعل، وتشجعه على الإبداع المشترك. إنها تمثل تحولاً من الاستهلاك السلبي إلى تجارب ديناميكية وشخصية.

مستقبل الموضة

يمثل التحول نحو الموضة الرقمية أكثر من مجرد توجه عابر، بل قد يكون بمثابة المخطط الاستراتيجي لمستقبل صناعة الأزياء. فهو يقدم نموذجاً جديداً قائماً على الشمولية، والأهمية الثقافية، والابتكار المستدام. ومع تزايد اعتماد الموضة على سرد القصص والتجربة، فإنها تتجاوز سطحية الجماليات، لتجسّد قيماً تلقى صدى لدى جمهور عالمي مترابط.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق