ما الذي يعنيه ترامب بتبادل أراضي بين الطرفين لإنهاء الحرب؟ - هرم مصر

الكورة السعودية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبيل قمة ألاسكا التي جمعته الجمعة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين أن المحادثات حول سبل إنهاء الحرب في أوكرانيا ستُبنى على أساس "تبادل أراض" بين الطرفين، لكنه لم يحدد طبيعة الأراضي التي يعنيها.

وكانت روسيا قدا استعادت في شهر مارس/آذار الماضي إقليم كورسك الذي سيطرت عليه القوات الأوكرانية خلال الحرب مما يعني أن أوكرانيا لم تعد تحتل أي أراض روسية.

وناقش مراقبون ما يقصده ترامب بتبادل أراض بين الطرفين، فهل الأمر تبادل أراض أوكرانية بأراض أوكرانية وبعبارة أخرى تنازل أوكرانيا عن بعض أراضيها من أجل السلام؟ وهل يمثل ذلك انتصارا لروسيا على الغرب عموما بما في ذلك الولايات المتحدة؟ وهل ستكتفي روسيا بالأراضي أم أن لديها شروطا أخرى؟

U.S. President Trump meets with Russian President Putin in Alaska U.S. President Donald Trump and Russian President Vladimir Putin hold a press conference following their meeting to negotiate an end to the war in Ukraine, at Joint Base Elmendorf-Richardson in Anchorage, Alaska, U.S., August 15, 2025. REUTERS/Jeenah Moon DATE 16/08/2025 SIZE 3500 x 2333 Country UNITED STATES SOURCE REUTERS/Jeenah Moon
ترامب تحدث عن تبادل للأراضي بين روسيا وأوكرانيا كحل لوقف الحرب دون توضيحات أكثر (رويترز)

ما الذي يعنيه تبادل الأراضي؟

أثارت تصريحات ترامب في مقابلة مع فوكس نيوز قبيل قمة ألاسكا جدلا واسعا بعد حديثه بأن التسوية المحتملة للحرب في أوكرانيا ستشمل ما أسماه تبادلا للأراضي والحدود بين روسيا وأوكرانيا.

وبعيد القمة، كشفت مصادر دبلوماسية أن ترامب أبلغ زيلنسكي والقادة الأوروبيين خلال حديث هاتفي بأن الرئيس الروسي قدم عرضا بإنهاء الحرب مقابل الحصول على أقاليم شرق أوكرانيا، ولم تتحدث تلك المصادر عن أراض ستنسحب منها روسيا في المقابل.

وتنبئ المؤشرات المبدئية إلى تبني إدارة ترامب مبدأين جديدين يختلفان جذريا عن مواقف واشنطن السابقة، الأول يتعلق بالموافقة على فكرة تبادل الأراضي بين روسيا وأوكرانيا، والثاني يرتبط بتوفير ضمانات أمنية أميركية لأوكرانيا بما يغريها لقبول خسارة جزء من أراضيها لصالح روسيا.

وفي حديث تلفزيوني مع شبكة "سي إن إن"، قال المبعوث الرئاسي الخاص ستيف ويتكوف إن تبادل الأراضي بين روسيا وأوكرانيا سيكون نقطة النقاش الرئيسية عندما ينضم زيلينسكي والقادة الأوروبيون إلى الرئيس ترامب في أول اجتماع لهم بعد قمة ألاسكا.

إعلان

وقال ويتكوف، الذي شارك إلى جوار وزير الخارجية ماركو روبيو في قمة ترامب بوتين بألاسكا يوم الجمعة الماضي، إنه تم التوصل إلى "ضمانات أمنية قوية" خلال القمة التاريخية، لكن الولايات المتحدة كانت تعمل "كوسيط" لأوكرانيا ولا يمكنها إحراز تقدم في قضايا مثل تبادل الأراضي دون التحدث أولا إلى الأوكرانيين.

لكن تقريرا لمراسل الغارديان في شرق أوكرانيا، شون ووكر، أورد أن بوتين طرح فكرة تخلي أوكرانيا عن أجزاء من منطقتي دونيتسك ولوغانسك، مقابل انسحاب روسيا من أجزاء صغيرة من منطقتي خاركيف وسومي، وشرح المراسل أن الأمر لا يعدو كونه مبادلة أراضٍ أوكرانية بأراضٍ أوكرانية أخرى.

وفي حين استبعد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، فكرة انسحاب قواته من أراض أوكرانية وترك سكانها للحكم الروسي، وصف ترامب الفكرة بالجيدة، مشيرا إلى أن تبادل الأراضي يمثل حلاً سهلًا وعادلاً.

"ترويس" شرق أوكرانيا

يسيطر الجيش الروسي حاليا على نحو 20% من مساحة أوكرانيا، تشمل كامل منطقة لوغانسك شرق البلاد، وأجزاء واسعة من دونيتسك المجاورة، وبلدات عديدة في زابوريجيا وخيرسون جنوبا، إضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في 2014.

واعتبر تقرير الغارديان أن كثيرين في مناطق شرق أوكرانيا يرفضون -رغم جحيم الحرب التي يعيشونها- فكرة التنازل عن الأراضي لروسيا لأن ذلك يعني بالنسبة لهم الاعتقالات والاختفاءات ومحو أي شيء أوكراني.

وأكدت أن موسكو تتحرك بسرعة لـ"ترويس" الأراضي المحتلة بطرد أو اعتقال أعضاء أوكرانيين فاعلين في المجتمع، ونشر وسائل إعلام جديدة للدعاية لها واعتماد مناهج دراسية روسية مكثفة، لذا فإن بضع سنوات من السيطرة الروسية ستجعل من شبه المستحيل على أوكرانيا استعادة هذه الأراضي لاحقًا.

وأوضح مراسل الغارديان أن حوالي خمس من يعيشون في زابوريزهيا نازحون داخليًا من أماكن أقرب إلى خط المواجهة يسكنون المدينة في انتظار أن يتمكنوا من العودة إلى ديارهم.

لكن المراسل نقل عن بعض هؤلاء النازحين قولهم إن أملهم الوحيد في العودة هو أن تستعيدها أوكرانيا، وإلا فلن يعودوا إلى ديارهم أبدًا.

أقاليم وأراض أوكرانية تحتلها روسيا أو تحتل أجزاء منها (الجزيرة)

ترامب مختلف بعد القمة

حسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز نشرته السبت بعنوان "ترامب يدعم خطة التنازل عن الأرض مقابل السلام في أوكرانيا"، فإن الرئيس الأميركي أبلغ القادة الأوروبيين أنه يُفضّل الآن التنازل عن الأراضي التي تسيطر عليها أوكرانيا لروسيا من أجل إنهاء القتال.

واعتبرت الصحيفة أن ترامب اتخذ بعد قمته مع بوتين موقفا مغايرا لموقف أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين، فبعد أن كان قبل القمة يطالب روسيا بوقف عاجل لإطلاق النار ويهددها بالعقوبات إن لم تفعل، صار الآن يضغط على أوكرانيا للتنازل لروسيا عن بعض أراضيها مقابل إنهاء الحرب.

ولفتت نيويورك تايمز إلى أن هذا الموقف من ترامب يخالف إستراتيجية كان قد اتفق عليها ترامب وحلفاؤه الأوروبيون قبل القمة للضغط من أجل وقف فوري لإطلاق النار.

وقد أبلغ ترامب القادة الأوروبيين بأنه يعتقد إمكانية التفاوض على اتفاق سلام سريع إذا وافق زيلينسكي على تسليم بقية منطقة دونباس لروسيا، بما في ذلك تلك الأجزاء التي لا تحتلها القوات الروسية، وفقًا لمسؤولين أوروبيين كبيرين مُطلعين على المكالمة.

إعلان

وفي المقابل، عرض بوتين وقف إطلاق النار في بقية أنحاء أوكرانيا على خطوط القتال الحالية، ووعدًا مكتوبًا بعدم مهاجمة أوكرانيا أو أي دولة أوروبية مرة أخرى، وفقًا للمسؤولين الكبار. وحسب تقرير الصحيفة فقد سبق لبوتين أن نكث عهودا مماثلة.

وحسب التقرير، فقد لقيت مواقف الرئيس الأميركي بعد القمة استقبالًا فاترًا في أوروبا، حيث شهد القادة مرارًا وتكرارًا تراجع ترامب عن مواقفه بشأن أوكرانيا بعد حديثه مع بوتين.

وقد أصدر القادة الأوروبيون بياناً لم يرد فيه ما نقل على لسان ترامب، كما هددوا بزيادة العقوبات الاقتصادية على روسيا "طالما استمر القتال في أوكرانيا".

وقال زيلينسكي، الذي استُبعد من قمة ألاسكا، في بيان إنه وترامب سيناقشان يوم الاثنين "جميع التفاصيل المتعلقة بإنهاء القتل والحرب".

ونقلت الصحيفة عن مسؤول مُطلع على مكالمة ترامب وزيلينسكي قوله إن كييف لا تفهم سبب تراجع الرئيس الأميركي فجأة عن مطلب وقف إطلاق النار قبل المفاوضات.

هل رضخ ترامب لبوتين؟

في تقرير لمركز المجلس الأطلسي ضم آراء خبراء حول نتائج قمة ألاسكا بين ترامب وبوتين، اعتبر مدير قسم أوراسيا بالمجلس والسفير الأميركي السابق لدى أوكرانيا جون هيربست، أن بوتين يعود إلى موسكو بابتسامة على وجهه بعد أن حقّق هدفه التكتيكي المتمثل في تجنّب "عواقب وخيمة" من الولايات المتحدة لرفضه وقف إطلاق النار في أوكرانيا.

واتفق عدد من خبراء المجلس الأطلسي بمن فيهم السفير الأميركي السابق في بولندا دانيال فريديس أن ترامب يخاطر بالظهور بمظهر الضعيف تجاه بوتين الذي تمكن من تحقيق نتائج من قمة أنكوريج يُمكنه اعتبارها انتصارًا لروسيا.

ويرى الخبير الآخر في المجلس، إدوارد فيرونا، أن النتيجة الأمثل بالنسبة لبوتين كانت قبول نظيره الأميركي لمطلب روسيا بتنازلات إقليمية في أوكرانيا.

وفي تحليل إخباري نشره السبت بعنوان "ترامب يرضخ لنهج بوتين بشأن أوكرانيا"، ذكر المدير السابق لمكتب صحيفة واشنطن بوست في موسكو، بيتر بيكر، أن الرئيس ترامب أعلن أثناء توجهه إلى ألاسكا أنه إذا لم يُحقق وقف إطلاق النار في أوكرانيا خلال محادثاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، "لن يكون سعيدًا"، وستكون هناك "عواقب وخيمة".

لكن المفارقة أنه بعد ساعات قليلة غادر ترامب على متن طائرة الرئاسة ألاسكا دون التوصل إلى وقف إطلاق النار، ومع ذلك لم يفرض أي عقوبات، وأكثر من ذلك أعلن عن سعادته البالغة بسير الأمور مع بوتين لدرجة أنه قال "كان الاجتماع رائعًا".

ورأى بيكر أن النتيجة النهائية لقمة ألاسكا منح بوتين تصريحًا مجانيًا لمواصلة حربه ضد جارته إلى أجل غير مسمى دون أي عقوبات إضافية، وفي انتظار مفاوضات ستستغرق وقتًا طويلاً للتوصل إلى اتفاق أكثر شمولاً ويبدو بعيد المنال في أحسن الأحوال.

ونقل بيكر عن سفير الولايات المتحدة لدى حلف شمال الأطلسي (الناتو) في عهد الرئيس باراك أوباما إيفو دالدر قوله "لقد تم التلاعب بترامب مرة أخرى، فرغم كل وعود وقف إطلاق النار، ووعيد العواقب الاقتصادية الوخيمة، وخيبات الأمل، لم يستغرق الأمر سوى دقائق مع بوتين ليتبخر كل ذلك، يا له من مشهد محزن!".

وذكر بيكر بأن وقف إطلاق النار الذي تخلى عنه ترامب في ألاسكا كان بالغ الأهمية بالنسبة له الشهر الماضي لدرجة أنه هدد بفرض عقوبات اقتصادية صارمة جديدة على روسيا وداعميها إذا لم تُوقف الحرب في غضون 50 يومًا، ثم قلص الموعد النهائي إلى 10 أيام انتهت الجمعة قبل الماضي، لكن الآن لا يوجد وقف لإطلاق النار، ولا موعد نهائي، ولاعقوبات.

ترامب أبلغ زيلنسكي والقادة الأوروبيين بأن بوتين عرض إنهاء الحرب مقابل الحصول على أقاليم شرق أوكرانيا (الجزيرة)

ما شروط روسيا للحل؟

أعلن بوتين في المؤتمر الصحفي مع ترامب بعد قمتهما في ألاسكا أن أي حل للحرب في أوكرانيا يجب أن يُعالج أسبابها الجذرية.

إعلان

وفي تقرير لنيويورك تايمز، يعتبر الصحفي مايكل شويرتز أن عبارة "الأسباب الجذرية للحرب" باتت عبارة مألوفة لدى بوتين فقد استخدمها في أول مكالمة هاتفية له مع ترامب بعد عودته إلى الرئاسة وباتت تمثل اختصارًا لرؤية الرئيس الروسي الراسخة لمستقبل أوكرانيا.

ويضيف شويرتز أن "الأسباب الجذرية" تشير إلى سردية روسيا بشأن مبرراتها لغزو أوكرانيا المتمثلة في مزيج من الشكاوى بشأن خيارات أوكرانيا السياسية والتاريخية التي يصعب فهمها، لكن جوهرها يكمن في هاجس بوتين من توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) بعد انتهاء الحرب الباردة ليشمل ما يعتقد أنه ينبغي أن يكون مجال نفوذ روسيا، ورغبته في وجود حكومة مرنة موالية لروسيا في كييف.

ويوضح شويرتز أن أقرب ما وصل إليه بوتين في تحديد هذه "الأسباب الجذرية" كان في يونيو/حزيران 2024، عندما حدد شروطا لإبرام روسيا اتفاق وقف إطلاق النار مع أوكرانيا. وشملت هذه الشروط الانسحاب الأوكراني من أربع مناطق أوكرانية أعلنها بوتين رسميًا جزءًا من روسيا في سبتمبر/أيلول 2022، على الرغم من أن قواته لا تسيطر على جميعها.

وقال آنذاك إنه يجب على أوكرانيا أيضًا التخلي عن طموحاتها المعلنة منذ فترة طويلة بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وعلى الغرب رفع جميع العقوبات المفروضة على روسيا.

وفي ذات السياق، يورد المدير السابق لمكتب واشنطن بوست في موسكو ستيف بيكر في تحليله أن بوتين أصر سابقا على أن أي اتفاقية سلام شاملة تتطلب من حلف الناتو سحب قواته إلى حدوده قبل التوسع عام 1997، وإلزام كييف ليس فقط بالتخلي عن أراضٍ في الشرق، بل وتقليص حجم جيشها أيضًا.

ويرى بيكر أن هدف بوتين هو إعادة ترسيخ نفوذ موسكو في أراضي الاتحاد السوفيتي السابق.

وفي نهاية المطاف، يبقى مجهولاً ما إذا كان ترامب قد حصل على أي تنازلات غير مُعلنة من بوتين خلف الكواليس من شأنها أن تُمهّد الطريق نحو اتفاق سلام في الأيام القادمة، فقد تحدث ترامب عن "اتفاق" على عدد من النقاط غير المحددة، بينما أشار بوتين بشكل غامض إلى "تفاهم" بينهما.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق