أرى المشهد الحالي حربا من نوع جديد تندرج تحت حرب سيبرانية وتصعيدًا غير مسبوق بين إيران ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وتصعيداً يعكس احتقانًا تاريخيًا وصراعًا ممتدًا في جوهره سياسي، عسكري، وأيديولوجي.
وهنا يجب أن نفكر هل بات الصراع في المنطقة يمضي على حافة مواجهة شاملة أم أن الحسابات الدولية والإقليمية ستبقيه في إطار الضربات المتبادلة والرسائل المحسوبة؟
المشهد الراهن يؤكد أن الطرفين وصلا إلى مرحلة جديدة من العداء المكشوف فإيران بعد سنوات من الحرب بالوكالة باتت أكثر جرأة في الإفصاح عن دورها الإقليمي سواء عبر دعمها العلني للمقاومة في لبنان أو تدخلاتها في سوريا والعراق واليمن.
وفي المقابل تنتهج دولة الاحتلال سياسة الضربات الاستباقية لا سيما في سوريا ولبنان وتتصرف على قاعدة أنها تخوض "معركة بين الحروب" لاحتواء التمدد الإيراني.
لذلك أرى الجديد في هذا التصعيد أنه تجاوز أدوات الوكالة إلى المواجهة المباشرة سواء عبر استهداف منشآت إيرانية حساسة أو من خلال التهديد المتبادل بالرد العسكري الواسع كما حدث في أبريل 2024 حين وقعت ضربات مباشرة ومعلنة بين الطرفين.
وأرى أن ما يجري بين إيران ودولة الاحتلال ليس صراعًا عابرًا بل هو نتيجة عقود من التراكمات وهو صراع مرشح للاستمرار طالما استمرت جذوره دون معالجة وطالما ظل المجتمع الدولي عاجزًا عن فرض قواعد عادلة تنهي من تصعيد دولة الاحتلال في المنطقة وتحقق العدالة.
ومن واقع ما شاهدنا خلال الأسبوع الحالي يبدو أن إيران قد تخفف من إطلاق الصواريخ للحفاظ على مخزونها
مع وسيلة ضغط لناقلات النفط من الخليج وهي تهديد إيران بغلق مضيق هرمز .
بينما دولة الاحتلال الإسرائيلي تحافظ على الضغط من الجو وتعتمد على "القبة الحديدية" للحماية.
وذلك يبدو أن هناك الحذر من تطوير الصراع لان تلك الدولتين تعلما مدي خطورة وخسائر توسع هذا الصراع وتأثيره سواء أقليما أو دوليًا.
وبالنسبة لموقف الولايات المتحدة الأمريكية أرى من تصريحات ترامب التي دعا فيها إيران إلى "استسلام غير مشروط" وأشار إلى خيارات مشاركة عسكرية أمريكية دعمًا لإسرائيل وإرساله قوات جوية إلى المنطقة بأنه ليس هو الحل بل جعل التوتر أعلى ، وأرى الولايات المتحدة الأمريكية لن تتدخل في الحرب الإ في نهايتها حين الاقتراب من نهايتها للضغط لقبول المفاوضات .
أما على الصعيد الدولي، فقد اختلفت المواقف حيث نجد الصين دعت إلى هدنة وإجلاء رعاياها .
ونجد روسيا حذرت من تدخل أمريكي قد يؤدي إلى زعزعة استقرار أوسع .
تصريحات خارجية كوريا الشمالية هي الأقوى بوصفهم أن الوضع الخطير الحالي الذي يشهده العالم يثبت بوضوح أن إسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة والغرب، كيان سرطاني يهدد السلام في الشرق الأوسط، ومسؤول رئيسي عن تدمير السلام والأمن العالميين .
وتأكيد كوريا الشمالية أن الحرب تعتبر انتهاك غير قانوني لسيادة إيران وجريمة ضد الإنسانية.
إما الدول العربية تدعو إلى التهدئة خشية من اتساع رقعة المواجهة نحو صراع إقليمي أو دولي مباشر .
و هذا السياق لا يمكن تجاهل البعد الفلسطيني كعنصر محوري في هذا الصراع إذ لا تنفصل موجات التوتر بين إيران ودولة الاحتلال لا تنفصل عن حالة الجمود في مسار التسوية ولا عن استمرار العدوان على الشعب الفلسطيني الذي يوظف أحيانًا كورقة ضغط أو مبرر للتصعيد من كلا الطرفين.
لان دولة الاحتلال الإسرائيلي ترى في امتلاك إيران لسلاح نووي تهديدًا استراتيجيًا لأمنها القومي، فيما ترى إيران نفسها مدافعًا عن القضية الفلسطينية وعن أمنها القومي لذلك هناك تعقيدًا في إيقاف هذا الصراع.
لذلك يجب الآن تحرك عربي ودولي فاعل يتجاوز بيانات التهدئة لوقف هذا التصعيد الخطير، وتثبيت الأمن في منطقة الشرق الأوسط التي تعد من أكثر مناطق العالم حساسية وتأثيرًا على الاستقرار العالمي .
0 تعليق