نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
منصات الاستثمار العقاري: تملّك جزئي ميسّر بعوائد ثابتة - هرم مصر, اليوم الخميس 11 سبتمبر 2025 08:06 صباحاً
هرم مصر - في الماضي القريب، كان الاستثمار العقاري امتيازاً لأصحاب الثروات الكبيرة وحدهم. كان شراء أرض أو مبنى أو حتى شقة للتأجير يتطلّب رؤوس أموال ضخمة، وأوراقاً رسمية معقّدة، وإدارة ومتابعة قد تبدآن ولا تنتهيان. لكن، في العقد الأخير من الزمن، قلبت التكنولوجيا المعادلة رأساً على عقب: صار بإمكان المرء، اليوم، أن يمتلك حصة في برج سكنيّ أو مبنى تجاريّ بنقرة على شاشة هاتفه الذكيّ.
جاءت هذه الثورة مع انتشار ما يُعرَف بـ"تطبيقات الاستثمار العقاري"، وهي منصّات رقمية تنقل التجربة العقارية من عالم العقود الورقية والزيارات الميدانية إلى فضاء افتراضي كامل، حيث يستطيع المستثمر – سواء أكان مبتدئاً يتلمّس خطوته الأولى أم محترفاً يبحث عن تنويع محفظته – أن يستعرض الفرص المتاحة ويقارن بينها ويختار منها... بضغطة زر.
هذه التطبيقات، التي انطلقت في الولايات المتحدة في 2012، لتنتشر لاحقاً في أوروبا وآسيا، وأخيراً في الخليج وأميركا اللاتينية، تفتح الباب أمام صفقات عقارية في مجالات متعددة، من المباني السكنية إلى المراكز التجارية والمستودعات الصناعية، وتسمح بدخول السوق بمبالغ صغيرة نسبياً. والأهم أن ذلك يجري من دون الحاجة إلى متابعة تفاصيل الإدارة اليومية للعقار، من صيانة وتأجير وتحصيل، إذ تتولى المنصة أو الجهة المشغلة هذا الدور، وتحوّل الاستثمار إلى تجربة أكثر سلاسة ومرونة.
العالم العربي في قلب هذه الموجة. ففي دولة الإمارات العربية المتحدة، برزت "سمارت كراود" (SmartCrowd) كأول منصة مرخصة من "هيئة دبي للخدمات المالية"، تتيح الاستثمار في عقارات دبي بمبالغ تبدأ من 500 درهم إماراتي (136 دولاراً تقريباً). وفي المملكة العربية السعودية، ظهر تطبيق "ستايك" (Stake) بالشراكة مع جهات تنظيمية سعودية، إضافة إلى منصات جديدة مثل "أرات" (Arat) التي تقدم صيغاً متوافقة مع الشريعة بأدوات مالية مثل الصكوك.
هذه التجارب المحلية تحمل إمكانيات هائلة، ولا سيما في منطقة تشهد نمواً عقارياً متسارعاً مثل الخليج. فهي تمنح المستثمرين الأفراد فرصة الدخول في السوق العقارية الأكثر ديناميكية في المنطقة من دون الحاجة إلى ملايين الريالات أو الدراهم أو غير ذلك.
تقوم الفكرة أساساً على مبدأ "التملّك الجزئيّ". فبدلاً من أن يشتري فرد واحد عقاراً كاملاً، تجمع التطبيقات أموال عشرات أو مئات المستثمرين لتمويل شراء عقار واحد، ثم توزع العوائد بحسب نسب المشاركة. بهذه الطريقة، يمكن أيّ شخص أن يبدأ باستثمار لا يتجاوز الـ 10 دولارات، كما في تطبيق "فاند رايز" (Fundrise)، أو الـ 100 دولار كما في منصّات أخرى مثل "أرايفد" (Arrived)، ليحصل على حصة صغيرة في مشروع كبير.
إلى ذلك، ثمّة منصات تعتمد على صناديق استثمار عقارية (real estate investment trusts أو REITs)، تتيح للمستخدم شراء أسهم تشبه إلى حد بعيد أسهم البورصة، لكنّها مرتبطة مباشرة بعوائد عقارية. وثمة تطبيقات توفر سوقاً ثانوية لبيع الحصص وشرائها، ما يضيف عنصراً من السيولة لطالما افتقده الاستثمار العقاري التقليدي.
يتصدر قائمة التطبيقات الأكثر شهرة تطبيق "فاند رايز"، الذي يستهدف المبتدئين بسهولة الاستخدام وانخفاض الحد الأدنى للاستثمار. أما "ريالتي موغول" (RealtyMogul) فيمنح فرصاً متنوعة بين صناديق عقارية وصفقات فردية، لكنه يتطلب عادةً استثماراً أعلى يبدأ من خمسة آلاف دولار.
أما "غراوند فلور" (Groundfloor) فيُعَد خياراً جذاباً لمن يبحث عن عوائد سريعة، إذ يركز على قروض قريبة الأجل مرتبطة بمشاريع تطوير عقارية، بينما يخاطب "كراود ستريت" (CrowdStreet) و"إكويتي مالتيبل" (EquityMultiple) المستثمرين المعتمدين من ذوي الخبرة والقدرة على ضخ مبالغ تصل إلى 25 ألف دولار وأكثر، في صفقات عقارية تجارية كبيرة. ومن المنصات اللافتة أيضاً "دايفرسي فاند" (DiversyFund)، التي تقدم صندوقاً جماعياً يركز على العقارات السكنية المتعددة الوحدات، و"أرايفد" التي تتيح تملك حصص في منازل للإيجار تبدأ من 100 دولار فقط.
على الرغم من الإغراءات الكبيرة، لا بد من التذكير بأن هذه الاستثمارات ليست خالية من المخاطر. فالعقارات قد تفقد قيمتها إذا شهدت السوق ركوداً أو تراجعاً في الطلب، والعوائد ليست مضمونة مهما كانت المنصة. كذلك، تستهدف بعض التطبيقات "المستثمرين المعتمدين" أي من ذوي الملاءة المالية المرتفعة، ما يقصي شريحة واسعة من الأفراد. في المقابل، تتيح هذه التطبيقات تنويع المحفظة الاستثمارية بأدوات جديدة، وتفتح الباب أمام أجيال شابة لطالما اعتبرت أن العقار حلم بعيد المنال.
وهكذا، تجعل التكنولوجيا العقار في متناول اليد. من الولايات المتحدة إلى الخليج، ترسم منصاتٌ ملامح مستقبلٍ جديد للاستثمار العقاري: استثمارات جزئية، ومبالغ استهلالية متواضعة، وتجربة رقمية كاملة من دون أوراق أو وسطاء. ربما حان الوقت ليتحوّل السؤال من: "هل تستطيع شراء عقار؟" إلى "أي تطبيق ستختار لتبدأ الاستثمار العقاري؟".
0 تعليق