هل يبدأ حزب العمال الكردستاني بتسليم سلاحه؟ - هرم مصر

الكورة السعودية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أنقرة- بعد 4 عقود من الصراع الدموي الذي أودى بحياة عشرات الآلاف وأثقل كاهل تركيا والمنطقة، يلوح في الأفق تحول تاريخي قد يطوي صفحة أطول تمرد مسلح في تاريخ الجمهورية.

فمع استجابة حزب العمال الكردستاني لدعوة زعيمه المعتقل عبد الله أوجلان بحل التنظيم والتخلي عن السلاح، تتجه الأنظار إلى إقليم كردستان العراق، حيث يرتقب أن تبدأ خلال أيام أولى خطوات تسليم مقاتلي الحزب أسلحتهم.

وبينما تتسارع وتيرة التطورات على الأرض، تبدو أنقرة منقسمة بين ترحيب حذِر وإصرار على ترجمة التعهدات إلى خطوات عملية، في وقت تواصل فيه قواتها عملياتها العسكرية ضد مواقع الحزب شمال العراق تحسبا لأي إخلال بالاتفاق المرتقب.

الحل والتسليم

مع إعلان حزب العمال الكردستاني في 12 مايو/أيار الماضي حل نفسه رسميا والتخلي عن العمل المسلح، تحول الاهتمام إلى مرحلة تنفيذ نزع السلاح على الأرض، غير أن مسار التطبيق شهد بعض الغموض والتأخير، ما دفع وسائل إعلام تركية ودولية للتساؤل عن أسباب تعثر تحديد موعد وآلية تسليم الأسلحة.

وفي تصريحات لقناة "ستيرك" الكردية في 28 يونيو/حزيران، أعرب أحد مؤسسي الحزب وأبرز قادته الحاليين، مصطفى كاراصو، عن "استعداد الحزب الكامل" للشروع بتنفيذ قرار الحل، لكنه انتقد ما وصفه بـ"تلكؤ الحكومة التركية" باتخاذ خطوات مقابلة.

وعبّرت قيادة الحزب عن تحفظاتها بشأن استمرار عزل زعيمها عبد الله أوجلان في محبسه بجزيرة إمرالي، معتبرة أن أي تأخير بمنحه حرية أكبر للتواصل مع قواعد الحزب يعيق تنفيذ الحل بشكل كامل.

جاء ذلك خلال بيان رسمي نشرته وكالة "فرات نيوز" القريبة من الحزب في 30 يونيو/حزيران الماضي، وأكد البيان أن "القائد أوجلان هو الوحيد القادر على توجيه المقاتلين لتسليم أسلحتهم، ومن الضروري إنهاء العزلة المشددة المفروضة عليه".

وكان موقع "رووداو" الكردي المقرب من حكومة إقليم كردستان في أربيل، قد نقل أن أوجلان يستعد لتوجيه رسالة جديدة خلال الأيام القليلة المقبلة تتعلق بمسار الحل السياسي، تمهيدا لبدء عملية تسليم السلاح.

إعلان

ووفق المصادر، سيقوم 20 إلى 30 مقاتلا بتسليم سلاحهم (في خطوة أولى تتبعها خطوات مماثلة) في مراسم ستقام بمحافظة السليمانية خلال الفترة من 3 إلى 10 يوليو/تموز الجاري، بحضور وسائل الإعلام المحلية والدولية.

من جهتها، كشفت المتحدثة باسم "حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب" عائشة غل دوغان -في بيان صحفي عقب اجتماع للجنة المركزية لحزبها الخميس الماضي- أن "خطوة تاريخية تتعلق بنزع أسلحة العمال الكردستاني ستُتخذ الأسبوع المقبل في كردستان العراق، لكن لم يحدد بعد إن كانت المراسم ستجري في أربيل أم السليمانية"، مضيفة أن أوجلان قد يوجه رسالة جديدة لدعم العملية خلال الأيام المقبلة إذا سمحت الظروف بذلك.

ترحيب حذر

هذه المؤشرات، عزَّزتها زيارة أجراها رئيس جهاز الاستخبارات التركي، إبراهيم قالن، إلى أربيل الثلاثاء الماضي، والتقى رئيس الإقليم نيجيرفان البارزاني ورئيس الحكومة مسرور البارزاني وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، للتنسيق بشأن ترتيبات المراسم المرتقبة.

ونقلت وكالة الأناضول عن مصادر تركية قولها إن قالن شدد خلال اللقاءات على أن "نجاح هذه المرحلة يتطلب التزاما كاملا من الحزب الكردستاني بإلقاء السلاح دون أي مناورة سياسية".

وتبدي أنقرة ترحيبا حذرا بالتطورات، ففي مؤتمر صحفي عقده المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية عمر جليك -الأربعاء الماضي- بأنقرة، قال إن "تركيا تتابع عن كثب التحركات الجارية بشمال العراق، ونحن نرحب مبدئيا بأي خطوة عملية نحو نزع السلاح، لكن عملياتنا العسكرية ستستمر حتى تأكيد تفكيك الهياكل المسلحة للحزب بشكل كامل".

وفي السياق، يرى الأكاديمي والمحلل السياسي علي فؤاد جوكشه، أن أنقرة كانت تشعر بانزعاج كبير بسبب تأخر انطلاق عملية نزع السلاح، وقد كررت دعواتها في الفترة الماضية لقيادة الحزب للإسراع ببدء هذه الخطوة.

وبرأيه، فإن أي عملية لتسليم الأسلحة من شمال العراق ستقابل بترحيب كبير من الحكومة التركية، التي ستشجع استمرارها نحو مراحل أكثر تقدما.

لكن جوكشه حذّر، في حديث للجزيرة نت، من أن نجاح هذه العملية يتوقف على حجمها وجدّيتها. وأكد أن تسليم السلاح يجب ألا يكون خطوة رمزية محدودة، بل ينبغي أن يتم بطريقة مقنعة تُظهر التزام الطرف الآخر بالسلام.

وأضاف "إذا جرت العملية بشكل صوري لا يقنع أنقرة، فإنها لن تعتبر خطوة نزع السلاح واقعية أو قابلة للبناء عليها مستقبلا".

حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب مع عبد الله أوجلان (وسط) (مواقع التواصل)

تحديات وعراقيل

من جهته، يرى المحلل السياسي محمود علوش، أن هذه هي المرة الأولى التي يصل فيها حزب العمال الكردستاني إلى مستوى غير مسبوق من القبول بفكرة السلام والتخلي عن السلاح، معتبرا ذلك مؤشرا على تحولات جوهرية في نظرة الحزب لمشروعه.

ويشير علوش للجزيرة نت، إلى 3 تحديات رئيسية تواجه عملية نزع السلاح أولها:

أن هذه العملية جزء من مسار سلام أشمل يتطلب إجراءات مقابلة من الحكومة التركية. الانقسامات داخل الحزب؛ حيث توجد تيارات لا تؤمن بفكرة السلام، ما قد يهدد بإجهاض العملية برمتها. ارتباط مصير عملية السلام بمستقبل قوات سوريا الديمقراطية، الأمر الذي يعقّد المسار أكثر ويجعل نجاحه مرهونا بتفكيك هذه العقد.

إعلان

ولوجستيا، يلفت علوش إلى صعوبة نزع جميع أسلحة حزب العمال الكردستاني بالكامل، لأنه أسس شبه دولة في شمال العراق ولديه شبكة من الملاجئ والتحصينات، فضلا عن تعدد أجنحته، وهو ما يتطلب تعاونا وثيقا مع الحكومة العراقية لإتمام العملية، لذا -يؤكد علوش- أن عنصر الثقة المتبادلة سيكون أساسيا لإنجاح المسار.

ويرى علوش أن أنقرة معنية بإنجاح عملية السلام لتحقيق هدف "تركيا خالية من الإرهاب"، كما تعتبر هذه الخطوة فرصة لإعادة صياغة علاقتها مع الأكراد سواء في الداخل أو في المنطقة عموما.

لكنه يحذّر -في الوقت ذاته- من أن الطريق إلى السلام ليس مفروشا بالورود، إذ تواجه العملية عراقيل سياسية وأمنية تجعلها تسير على أرض غير مستقرة بالكامل.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق