05 يوليو 2025, 10:46 صباحاً
تبرز منطقة نجران بوصفها إحدى المناطق الزراعية الواعدة في المملكة، بفضل خصائصها المناخية المتميزة التي تجمع بين الاعتدال الحراري والارتفاع الجغرافي، الذي يتجاوز 1200 متر عن سطح البحر، وتوفر هذه البيئة مناخًا مثاليًا لزراعة محاصيل الفاكهة والخضراوات على مدار العام، بجودة عالية وإنتاجية مستقرة.
وتتنوع الأساليب الزراعية في منطقة نجران، ومنها الزراعة المحمية بوصفها من أكثر الأساليب الزراعية نجاحًا، وتتيح هذه التقنية إنتاج محاصيل مثل الطماطم والخيار والفلفل والفاصوليا طوال العام، مع تقليل استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 70% موازنة بالزراعة المكشوفة، وتشكل خيارًا استثماريًا مجديًا، في ظل الدعم الحكومي الموجه نحو المشاريع التي تسهم في الاستدامة الزراعية وحماية الموارد الطبيعية.
وأوضح مدير عام فرع البيئة والمياه والزراعة بنجران المهندس مريح الشهراني، أن منطقة نجران تضم أكثر من (5,000) مزرعة موزعة على مساحة زراعية تتجاوز (27,000) هكتار، وفي إطار دعم التنوع الزراعي، شهدت مؤخرًا توسعًا لافتًا في زراعة البُن، وقفز عدد الأشجار المزروعة من (4.000) شجرة في عام 2022 إلى أكثر من (116,209) شجرة في الوقت الراهن، موزعة على (111) مزرعة، لتتحول المنطقة إلى واحدة من أبرز مناطق إنتاج البُن المختص في المملكة، ذو جودة عالية، وشاركت مؤخرًا في فعاليات دولية متخصصة مثل مهرجان كوبنهاغن 2024 للقهوة المختصة.
وأشار إلى أن زراعة العنب تُعد إحدى المقومات الزراعية النوعية في نجران، وتسجل الأصناف المزروعة في المنطقة نضجًا مبكرًا يصل إلى عشرة أيام مقارنة بمناطق أخرى داخل المملكة، ما يمنحها ميزة تسويقية عالية في السوق المحلي، وتحتضن أصنافًا متعددة من الفاكهة كالتين والفراولة، وأشجار الحمضيات، ونجحت في استزراع أنواع جديدة من النباتات كالسمسم، والفول، والاستيفيا، وغيرها من الأنواع الجديدة.
وعلى مستوى التقنيات الزراعية المتقدمة، يجري اعتماد الزراعة بدون تربة خيارًا إستراتيجيًا لمواجهة محدودية الموارد المائية، وتشمل هذه التقنيات الزراعة المائية (الهيدروبونيك)، والزراعة في الأوساط الخاملة مثل (البيتموس)، ونشارة الخشب، والصوف الصخري، وهي حلول فعالة تسهم في رفع كفاءة استخدام المياه بنسبة كبيرة، وتمكن من الزراعة في بيئات غير تقليدية، وتشير التجارب الميدانية إلى نجاح هذه النماذج في تحقيق إنتاجية مرتفعة في محاصيل الورقيات والخضراوات ذات العائد الاقتصادي المجزي.
وتبرز مبادرات الاستفادة من المخلفات الزراعية بصفتها أحد محاور الاستدامة البيئية، ويتم تحويل المخلفات النباتية والحيوانية إلى سماد عضوي أو أعلاف، مما يعزز خصوبة التربة، ويقلل من التلوث الناتج عن الحرق أو الرمي العشوائي، ويسهم في خفض التكاليف الزراعية.
وفي سياق دعم الاستثمار النوعي، يعمل فرع مركز استدامة في نجران من خلال بنكه الوراثي للحفاظ على أصناف وأصول الحمضيات، إلى جانب المحافظة على أصناف نخيل نجران النادرة والمميزة من تمور المواكيل والبياض من الاندثار، والعمل على إدخال أصناف من المانجو، وبعض المحاصيل الواعدة، وذلك من خلال التجارب والدراسة الحقلية، مما يمهد الطريق أمام دخول المستثمرين في مجالات إنتاج الفاكهة ذات القيمة السوقية العالية والقدرة على التكيف مع مناخ المنطقة، وتمكن المركز من إنتاج أكثر من 1.7 مليون شتلة مطعمة في السنوات الأخيرة، تشمل أصناف مقاومة للجفاف والملوحة، من أصناف الحمضيات الملاءمة للظروف البيئية والمناخية، مما يعزز استقرار الإنتاج الزراعي ويقلل من المخاطر المرتبطة بتقلبات المناخ.
يذكر أن منطقة نجران تمثل اليوم نموذجًا للفرص الزراعية المستدامة في المملكة، وتتكامل عوامل المناخ والموقع والدعم الفني مع التوجه نحو الابتكار الزراعي، ما يجعلها بيئة خصبة وجاذبة للاستثمارات المحلية والدولية الراغبة في دخول قطاع زراعي عالي القيمة والأثر الاقتصادي.
0 تعليق