نكهات قاتلة خلف ستار الفواكه.. الفيب يغزو المراهقين ويهدد حياة جيلاً كاملاً - هرم مصر

رؤيه نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تُعد النكهات الجذابة أداة التسويق الأقوى لهذه المنتجات

في مشهد بات مألوفاً في المقاهي الحديثة ومحيط المدارس والجامعات، تنتشر أجهزة صغيرة أنيقة تنفث بخاراً كثيفاً تفوح منه روائح الحلوى والفواكه الاستوائية.

هذه الأجهزة ليست مجرد "موضة عابرة" أو بديل آمن للسجائر التقليدية، بل بوابة خطرة إلى عالم الإدمان والأمراض، خاصة بين فئة المراهقين والشباب.

وراء هذا البخار "المغرِ"، تكمن حقيقة مرّة تكشفها الدراسات الطبية: السجائر الإلكترونية، أو ما يُعرف بـ"الفيب"، تمثل تهديداً صامتاً يتسلل إلى الأجساد والعقول تحت غطاء الحداثة والتسويق المضلل.

الفخ الحلو

تُعد النكهات الجذابة أداة التسويق الأقوى لهذه المنتجات. من "التوت الأزرق" و"المانجو" إلى "غزل البنات" و"النعناع المثلج"، لم تُصمَّم هذه النكهات لمساعدة المدخنين البالغين على الإقلاع، بل لجذب فئة الشباب والمراهقين الذين لم يسبق لهم التدخين من قبل.


وتؤكد منظمة الصحة العالمية أن هذه النكهات تُخفي الطعم اللاذع للنيكوتين والمواد الكيميائية، مما يُسهل تجربة التدخين الأولى ويُسهم في ترسيخ الإدمان مبكراً.

تفكيك البخار

يظن كثيرون أن بخار السيجارة الإلكترونية مجرد "ماء ونكهة"، لكن الحقيقة صادمة: إنه هباء جوي محمّل بمواد كيميائية خطيرة، أبرزها:

النيكوتين: المادة المسببة للإدمان، وتصل تركيزاتها في بعض أنواع "الفيب" إلى ما يعادل علبة سجائر كاملة (20 سيجارة)، وفقاً لمراكز مكافحة الأمراض الأمريكية (CDC).

مواد مسرطنة: عند تسخين السائل الإلكتروني، تُنتج مركّبات مثل الفورمالديهايد والأسيتالديهايد، المعروفة علمياً بكونها مسرطنة.

مواد سامة للرئة: يحتوي البخار على مادة "الأكرولين" المستخدمة كمبيد للأعشاب، والتي يمكن أن تُلحق ضرراً دائماً بالرئتين. كما توجد مادة "الداي أسيتيل" المرتبطة بمرض "رئة الفشار".

معادن ثقيلة: كشفت دراسات عن وجود جزيئات من النيكل والقصدير والرصاص، التي تصل إلى أعماق الرئة عند الاستنشاق.

فاتورة الجسد

يبدأ تأثير "الفيب" فور دخوله الجسم، وتظهر الأضرار تدريجياً:

الدماغ: النيكوتين يؤثر على أدمغة المراهقين التي لا تزال في طور النمو حتى سن 25، مما يؤثر سلباً على الانتباه، التعلم، المزاج، ويزيد من احتمالات الإدمان على مواد أخرى لاحقاً.

أمراض الرئة (EVALI): سُجلت آلاف الحالات عالمياً لإصابات رئوية حادة ارتبطت مباشرة باستخدام السجائر الإلكترونية، بعضها كان قاتلاً.

أمراض القلب: يرفع النيكوتين ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، مما يزيد من خطر الإصابة بأزمات قلبية وسكتات دماغية على المدى الطويل.

وباء صامت يتغلغل بين الشباب في الأردن

في الأردن، لم تعد الظاهرة مستترة. تنتشر متاجر بيع السجائر الإلكترونية ومستلزماتها في المدن الكبرى، ويزداد الإقبال عليها من فئة الشباب، خصوصاً في ظل غياب رقابة فعالة.

ورغم وجود قوانين تحظر بيع هذه المنتجات لمن هم دون 18 عاماً، إلا أن الوصول إليها لا يزال سهلاً، سواء عبر محلات البيع أو من خلال الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.

ويُحذر أطباء أردنيون من أن ما يحدث هو "وباء صامت"، قد لا تُدرك آثاره الكارثية إلا بعد سنوات، مطالبين بتحرك عاجل من الجهات الرسمية والمجتمعية لوقف انتشاره.

ما المطلوب؟ خطوات حاسمة لمواجهة الظاهرة في الأردن
يرى خبراء الصحة العامة أن التصدي لانتشار السجائر الإلكترونية يتطلب إجراءات متكاملة، من أبرزها:

على الصعيد الرسمي:

حظر النكهات الجاذبة: باستثناء نكهة التبغ، لقطع الطريق على جذب المراهقين.

رفع الضرائب: فرض رسوم مرتفعة لجعلها أقل قدرة على الوصول لفئة الشباب.

رقابة مشددة: تغليظ العقوبات على من يبيعها للقُصّر ومنع بيعها عبر الإنترنت.

تحذيرات صحية واضحة: إلزام المنتجين بوضع تحذيرات صريحة على العبوات.

على الصعيد المجتمعي:

توعية مدرسية وجامعية: من خلال برامج تفاعلية تُظهر الحقائق العلمية والتجارب الواقعية.

دور الأهل: إرشاد أولياء الأمور للتعرف على هذه المنتجات وأشكالها المختلفة، وفتح حوار صريح مع الأبناء.

حملات إعلامية وطنية: لإزالة الفكرة الخاطئة بأنها "بديل آمن"، وتسليط الضوء على الأضرار عبر قصص واقعية.

قبل أن يتحول الدخان إلى نار يصعب إخمادها

ما يبدو اليوم كأداة ترفيهية صغيرة بنكهة الفواكه، قد يكون بوابة إلى أمراض مستعصية وإدمان طويل الأمد. المعركة ضد السجائر الإلكترونية ليست ترفاً، بل واجب وطني لحماية جيل كامل من الوقوع في فخ "السم المغلف بالحلوى".
والسؤال الذي يجب أن يُطرح الآن: هل نتحرك اليوم قبل فوات الأوان؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق