حكم التقشير الكيميائي للجلد للنساء والرجال؟ #دين_وحياة #دار_الافتاء - هرم مصر

الجمهورية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

حُبُّ الزينة والحرصُ على المظهر الحسن والهيئة الجميلة أمرٌ فطريٌّ، وموافقٌ لمراد الشارع الحكيم سبحانه وتعالى الذي خلق الإنسان بجمال الصورة وحسن التقويم، قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: 4]. والأصل في التجمل والتزين: الحِل إلا ما جاء نص على حرمته، قال الله تعالى: ﴿يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: 31].

 

 

وقد يلجأ البعض إلى أساليب الحديثة بحثاً عن التزين، ومنها ما يُعرف بالتقشير الكيميائي للوجه والكفين من أجل التداوي؟ حيث يعتبره البعض حَلًّا علاجيًّا لمشاكل البشرة من نحو إزالة آثار حب الشباب والندبات، ومعالجة التصبغات الشمسية، والكلف والنمش ونحو ذلك. وهل يسري الحكم فيما إذا تم اللجوء إليه للزينة وحسن المظهر من نحو تنقية البشرة وإضفاء مظهر جماليٍّ عليها؟

أوضحت دار الإفتاء المصرية أن "التقشير الكيميائي"، وهو عبارة عن علاج قائم على التخلص من الطبقة العليا من الجلد، ويتنوع التقشير الكيميائي إلى أنواع وفق نوع المادة المستخدمة فيه وعمق التقشير، سواء سطحي أو متوسط أو عميق حسب احتياج الحالة والنتيجة المرادة من قِبَلِ مُريد التقشير وبالاتفاق مع الطبيب المعالج، كما أفاده المتخصصون. واستخدام هذا النوع الكيميائي إما أن يكون سببه العلاج والتداوي، وإما أن يكون للزينة والتجمُّل.

أما الباعث الأول وهو استخدامه حَلًّا علاجيًّا: فالأخذ بالعلاج والتداوي قد طلبه الشرع وندبه وحثَّ عليه؛ فعن أسامةَ بنِ شَرِيكٍ رضي الله عنه قال: "أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُؤُوسِهِمُ الطَّيْرُ، فَسَلَّمْتُ ثُمَّ قَعَدْتُ، فَجَاءَ الأَعْرَابُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَتَدَاوَى؟ فَقَالَ: «تَدَاوَوا؛ فَإنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَواءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ: الهَرَمُ»" (والهَرَمُ: الكِبَر) أخرجه أبو داود والترمذي

ومجالات التقشير الكيميائي العلاجية الشائعة داخلة في أصل مطلوبية العلاج الذي سبق تقريره، ولا يُمنَع منها إلا ما كان ضرره راجحًا، بحيث تكون مفسدة استعمالهِ تفوق مفسدة تركه يقينًا أو بغلبة الظن، فقد تقرر شرعًا: "إِذَا تَعَارَضَتْ مَفْسَدَتَانِ رُوعِيَ أَعْظَمُهُمَا ضَرَرًا بِارْتِكَابِ أَخَفِّهِمَا"؛ كما في "الأشباه والنظائر" للإمام السيوطي (ص: 138، ط. دار الكتب العلمية).

أما الباعث الثاني، وهو استخدامه حَلًّا تجميليًّا: فما يحصل للإنسان -رجلًا كان أو امرأة- من شعور نفسي سلبي بسبب ما قد يطرأ على مظهر الجلد الذي قد يصل ببعض الأشخاص إلى اضطراب نفسي، فيصير من جملة الحرج المعنوي، فضلًا عن الضرر الحسي، كل ذلك يجعله يحتاج إلى عمل التقشير الكيميائي، وقد تقرر في قواعد الشرع الحنيف: "الْحَاجَةُ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الضَّرُورَةِ، عَامَّةً كَانَتْ أَوْ خَاصَّةً"، كما في "الأشباه والنظائر" للإمام السيوطي (ص: 139)، و"الأشباه والنظائر" للإمام زين الدين ابن نجيم (ص: 78، ط. دار الكتب العلمية).

وتقشير الجلد لإزالة ما يطرأ عليه من تغيُّرٍ للون البشرة على اختلاف مسببه، وَرَدَ فعله عن أمهات المؤمنين ونساء الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين؛ حيث كنَّ يتخذن الوَرْس على وجوههنَّ لأجل ذلك. فعن أم المؤمنين السيدة أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أنها قَالَتْ: "كُنَّا نَطْلِي وُجُوهَنَا بِالْوَرْسِ مِنَ الْكَلَفِ" أخرجه أصحاب السنن، والإمام أحمد.

بناءً على ذلك وفي السؤال: فالتقشير الكيميائي للوجه والكفين والرقبة بل لجميع أجزاء الجسم -أمرٌ جائزٌ شرعًا، سواء كان ذلك للتداوي أو لغرض تجميلي، بشرط ألَّا يكون فيه ضرر على الإنسان في الحال أو في المآل، يستوي في ذلك النساء والرجال.

والله سبحانه وتعالى أعلم.


يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق