حسب تقرير "حالة المناخ العالمي" الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، سجّل عام 2024 أعلى درجات حرارة منذ بدء تسجيل بيانات المناخ، في حين يُتوقع أن يحتل صيف 2025 المرتبة الثانية من حيث السخونة.
وإذا كنت تشعر خلال الصيف بالتوتر أو الخمول أو تراجع في الإنتاجية، فأنت لست وحدك. فدراسة بعنوان "تقييم آثار الإجهاد الحراري على الوظيفة الإدراكية بين العاملين في الصناعات الحارة" كشفت عن أن العمل في درجات حرارة مرتفعة يؤثر سلبا على الأداء العقلي، حيث يؤدي إلى تدهور في بعض الوظائف الإدراكية، مثل الذاكرة العاملة، والانتباه، وسرعة الاستجابة، ومعالجة المعلومات
أجسادنا تتأثر بالحرارة وعقولنا أيضا
يحتاج الجسم البشري إلى الحفاظ على درجة حرارة ثابتة تقارب 37 درجة مئوية لضمان سلامة أعضائه الداخلية. وعندما ترتفع درجة حرارة البيئة المحيطة، يبدأ الجسم تلقائيًا بمحاولات لتبريد نفسه، فيتمدد تدفق الدم نحو الجلد ويزداد التعرق لتبديد الحرارة الزائدة.
لكن تأثير الحر لا يتوقف عند الجانب الجسدي فقط، إذ يعتبر الجسم الحرارة المرتفعة تهديدا فسيولوجيا، فيطلق سلسلة من الاستجابات الدفاعية تشمل إفراز هرمونات مثل الكورتيزول والأدرينالين، ما يؤدي إلى زيادة التوتر والعصبية وتراجع التركيز.
كما تستهلك هذه الاستجابات كثيرا من موارد الجسم العصبية والهرمونية، فتقل الطاقة المتاحة للوظائف العقلية مثل الانتباه، وسرعة رد الفعل، والذاكرة قصيرة المدى، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على انخفاض مستوى الإنتاجية في الأجواء الحارة.
ولا يرتبط تأثير الطقس الحار على إنتاجيتك بساعات النهار فقط، إذ إن إحدى أكثر مشاكل الصيف شيوعا هي اضطرابات النوم، حيث يواجه كثيرون صعوبة في الحصول على النوم العميق في الطقس الحار، وهو ما يؤثر على إنتاجيتك في الصباح التالي.
وسواء كنت تعمل في بيئة مكيفة أو لا، فإن الطقس الحار يؤثر عليك، ووفقا لدراسة أجرتها جامعة إكستر بعنوان "الطقس الحار يؤثر على الإنتاجية- حتى في المصانع المكيفة"، تنخفض الإنتاجية بنسبة نحو 0.83% لكل زيادة قدرها 1 درجة مئوية في درجة الحرارة الخارجية. وكانت الأبحاث السابقة قد أظهرت أن الظروف الحارة تقلل الإنتاجية عندما يعمل الأفراد في الخارج، أو في مبان لا تحتوي على مكيف للهواء. لكن هذه الدراسة جاءت لتقدم دليلا إضافيا على التأثيرات الاقتصادية لتغير المناخ، حيث أظهرت تأثير الحرارة على الإنتاجية حتى في المصانع التي يتم التحكم في مناخها عبر استخدام مكيف الهواء.

كيف تتخطى تراجع الإنتاجية في الصيف؟
لمواجهة تأثير الطقس الحار على الإنتاجية يمكنك الاستعانة بالنصائح التالية:
إعلان
العمل عن بُعد قدر الإمكان
أصبحت كثير من أماكن العمل تتيح خيارات العمل من المنزل جزئيًا أو كليًا، بفضل أدوات الاتصال الحديثة التي تمكنك من أداء مهامك من أي مكان وفي أي وقت. هذه المرونة تتيح لك تجنب التعرض المباشر للحر الشديد في أوقات الذروة.
تحسين بيئة العمل المكتبية
إذا كنت مضطرًا للعمل من المكتب، احرص على تشغيل مكيف الهواء والتأكد من كفاءته. فوفقًا لدراسة لجامعة هلسنكي للتكنولوجيا، يكون أداء الموظفين في المكاتب في أفضل حالاته عند درجة حرارة تبلغ حوالي 22 درجة مئوية.
كما يُنصح بوضع نباتات داخلية تساعد على تلطيف الجو وتحسين الأجواء العامة في مكان العمل.

شرب كميات كافية من السوائل
الإصابة بالجفاف قد تؤدي إلى الصداع والإجهاد وتراجع الوظائف الإدراكية. احرص على وضع زجاجة ماء بارد أمامك لتذكير نفسك بشرب الماء بانتظام طوال اليوم.
تناول وجبات خفيفة
تجنّب الوجبات الثقيلة التي قد تُسبب الخمول والكسل في الطقس الحار. اختر وجبات خفيفة غنية بالبروتين، مع الإكثار من الفواكه والخضروات الطازجة للمساعدة في ترطيب الجسم.
أخذ فترات راحة منتظمة
نظّم يومك بحيث تحصل على فترات راحة قصيرة تساعدك في استعادة نشاطك الذهني والبدني. يمكنك استخدام تقنية بومودورو لتنظيم الوقت. استغل وقت الراحة في تناول مشروب بارد أو غسل الوجه بالماء البارد لترطيب الجسم.
ممارسة النشاط البدني
الرياضة تعزز التركيز والإبداع، حتى في الطقس الحار. مارس تمارين خفيفة مثل المشي في أوقات غير الذروة أو بعض الحركات البسيطة داخل المنزل.
إعادة جدولة المهام
تابع توقعات الأرصاد الجوية، ورتّب جدولك بحيث تنجز المهام التي تتطلب تركيزًا وجهدًا أكبر في الأيام الأقل حرارة.

ارتداء ملابس مناسبة
اختر ملابس فضفاضة مصنوعة من أنسجة طبيعية كالقطن أو الكتان، وتجنّب الأقمشة الصناعية مثل البوليستر. إذا كنت تعمل بالخارج، ارتدِ قبعة أو استخدم مظلة للحماية من الشمس.
تنظيم مواعيد النوم
حاول الاستيقاظ مبكرا للاستفادة من برودة الصباح، مما يساعدك على بدء يومك بنشاط وتركيز أعلى.
التهوية الجيدة للمكان
افتح النوافذ في الصباح الباكر أو بعد غروب الشمس لتهوية المكان بالهواء النقي، وأغلقها في أثناء النهار مع استخدام الستائر لحجب أشعة الشمس المباشرة.
0 تعليق