ماذا يعني اتفاق ترامب التجاري مع فيتنام بالنسبة لـ "آبل"؟ - هرم مصر

سكاي نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في خطوة تثير تساؤلات واسعة حول مستقبل العلاقات التجارية الأميركية الآسيوية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن اتفاق تجاري جديد مع فيتنام، وهو الاتفاق الذي أثار تفاعلات متفاوتة في الأسواق، لا سيما في ظل توقيته الذي يتزامن مع تصاعد التوترات الاقتصادية مع الصين، ومحاولات أميركية حثيثة لإعادة رسم خارطة سلاسل التوريد العالمية.

اللافت أن هذا الاتفاق لا يمر مرور الكرام على كبرى شركات التكنولوجيا الأميركية، وعلى رأسها شركة "آبل"، التي كانت قد بدأت بالفعل خلال السنوات الأخيرة في نقل جزء من عملياتها التصنيعية خارج الصين نحو دول بديلة مثل فيتنام والهند.

تفاصيل الاتفاق

أعلن الرئيس دونالد ترامب على "تروث سوشيال" أن الولايات المتحدة قد توصلت إلى اتفاقية تجارية مع فيتنام. بموجب تلك الاتفاقية، سيتم تخفيض التعريفة الجمركية على الواردات الفيتنامية إلى الولايات المتحدة إلى 20 بالمئة، بانخفاض عن الرسوم البالغة 46 بالمئة التي تم الإعلان عنها في "يوم التحرير"، ثم توقفت مؤقتًا بعد أسبوع. تتأثر صناعات التجزئة والملابس بشكل كبير بهذه الأخبار؛ لأن البلاد هي ثاني أكبر مورد للأحذية والملابس والإكسسوارات المباعة في الولايات المتحدة، وفق تقرير لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية. في حين يبدو هذا تطوراً إيجابياً، إلا أن المعدل الجديد لا يزال أعلى من التعريفة الجمركية "التبادلية" البالغة 10 بالمئة الممنوحة لمعظم الدول - باستثناء الصين - لمدة 90 يوماً خلال المفاوضات التجارية. بالإضافة إلى ذلك، ستفرض الولايات المتحدة تعريفة جمركية بنسبة 40 بالمئة على البضائع المعاد شحنها - وهي سلع منتجة أصلاً في مكان آخر ولكن تم توجيهها عبر فيتنام لتجاوز الرسوم الجمركية الأعلى. يُنظر إلى فيتنام على أنها نقطة إعادة شحن رئيسية للمصدرين الصينيين. في المقابل، قال ترامب إن فيتنام وافقت على إلغاء جميع التعريفات الجمركية على الواردات الأميركية.

فرص وتحديات

وبموجب بنود ذلك الاتفاق ومع بقاء الرسوم مرتفعة مقارنة بمستوياتها الحالية، يشير تقرير لـ Barrons إلى أنه من المتوقع أن تتسبب الرسوم الجمركية الأميركية على فيتنام، والتي فرضت بموجب اتفاق التجارة الذي كشف عنه الرئيس دونالد ترامب يوم الأربعاء، في أضرار ضئيلة نسبيا على هوامش آبل، على الرغم من أن الشركة تنقل إنتاج العديد من الأجهزة إلى هناك..

لكن المستشار الأكاديمي في جامعة "سان خوسيه" الحكومية في كاليفورنيا، أحمد بانافع، يقول لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":

مع توقيع اتفاقية التجارة الجديدة بين الولايات المتحدة وفيتنام، تبرز شركة آبل كأحد أكبر المستفيدين المحتملين من هذا التقارب الاقتصادي، في ظل سعيها المستمر لتنويع سلاسل التوريد وتقليل الاعتماد على الصين. على مدار السنوات الأخيرة، بدأت آبل في نقل جزء من عمليات التصنيع إلى فيتنام، خاصةً إنتاج أجهزة مثل AirPods وApple Watch، وأجزاء من أجهزة iPad وMacBook. تأتي هذه الخطوة كاستجابة للتوترات التجارية مع بكين، إضافة إلى الرغبة في تقليل المخاطر الجيوسياسية المرتبطة بالتصنيع في الصين.

ويضيف: الاتفاقية الجديدة توفر بيئة تجارية أكثر استقراراً (حتى وإن كانت الرسوم أعلى)، وتعزز الحوافز للاستثمار (مع وضوح الرؤية وتبدد حالة عدم اليقين السابقة)، خصوصاً من خلال تحسين حماية الملكية الفكرية، وتسهيل حركة السلع والمكونات، وهو ما يتماشى مع متطلبات آبل كشركة تكنولوجية تعتمد على سلاسل توريد معقدة ودقيقة.

ووفق بانافع، فإن فيتنام بدورها تقدم مزايا تنافسية؛ أبرزها انخفاض تكاليف الأيدي العاملة مقارنة بالصين، إضافة إلى موقعها الجغرافي الاستراتيجي في جنوب شرق آسيا. وهذه العوامل تجعل منها خياراً جذاباً لتوسيع خطوط إنتاج آبل، خاصة مع تحسن البنية التحتية تدريجيًا بدعم من الاستثمارات الأجنبية.

لكن رغم الفرص، لا تزال هناك تحديات، أبرزها محدودية القدرات التصنيعية المتقدمة، ونقص في الكفاءات المتخصصة مقارنة بالصين.

كما أن الاعتماد المفرط على فيتنام قد يؤدي لاحقًا إلى اختناقات تشغيلية إذا لم يتم تنويع التصنيع في دول أخرى مثل الهند.

لكنه يعتقد في المجمل بأن الاتفاقية تُعد بمثابة دفعة قوية لخطط آبل في نقل أجزاء من سلسلة التوريد إلى خارج الصين، وتمنحها مزيدًا من المرونة لمواجهة التغيرات العالمية في سوق التصنيع.

سلسلة التوريد

ويشير تقرير لـ "يو بي إس" في مذكرة للعملاء، إلى أن ما يقرب من 5 بالمئة فقط من بصمة سلسلة التوريد الخاصة بشركة "آبل"  موجودة في فيتنام.

وقال استراتيجيو يو بي إس إنهم يتوقعون أن يكون تأثير الاتفاق على مالية آبل "محدودا"، مشيرين إلى أن عملاق التكنولوجيا يعتمد بشكل كبير على المصادر من البلاد مقارنة بأنشطته في الصين.

وقال المحللون "على الرغم من أن فيتنام كانت منطقة رئيسية للاستثمار في سلسلة التوريد، فإن حجم ونطاق العروض في البلاد مقارنة بالصين صغير"، مضيفين أن الصين القارية لا تزال تمثل حوالي 35٪ من إجمالي المواقع المنفصلة في سلسلة توريد آبل.

وأشاروا أيضًا إلى أن هاتف آيفون الرائد من شركة آبل يتم تجميعه عادةً في الصين والهند، في حين أن العناصر الأقل شعبية مثل أجهزة iPad وMacBooks يمكن إرجاع بعض إنتاجها إلى فيتنام.

وكتب محللو يو بي إس: "نظراً للبصمة المادية الصغيرة نسبياً والتركيز على المنتجات المساعدة، فإن فرض رسوم جمركية بنسبة 20 بالمئة على الواردات إلى الولايات المتحدة سيكون له تأثير ضئيل على هوامش آبل في رأينا". ومنح بنك UBS سهم Apple تصنيفًا "محايداً" لمدة 12 شهراً، وسعراً مستهدفاً قدره 210 دولارات.

قوة صناعية

من جانبه يقول  أستاذ علم الحاسوب وخبير الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات في السيليكون فالي كاليفورنيا، حسين العمري؛

مع تصاعد التوترات التجارية بين واشنطن وبكين، تتجه الأنظار نحو فيتنام كقوة صناعية صاعدة وبديل استراتيجي للصين في سلاسل التوريد العالمية. في هذا السياق، أعربت هانوي عن تفاؤلها بعد توقيع اتفاق تجاري جديد مع الولايات المتحدة، يقضي بخفض الرسوم الجمركية على صادراتها إلى 20 بالمئة مع فرض 40 بالمئة على السلع المعاد شحنها من دول ثالثة. وأكدت وزارة المالية الفيتنامية أن الاتفاق يشكل "بارقة أمل" للمؤسسات التجارية، في ظل تنسيق مستمر مع الجانب الأميركي لوضع التفاصيل النهائية. من أبرز الشركات المتأثرة بهذه الاتفاقية شركة آبل، التي سارعت إلى توسيع وجودها في فيتنام (..). وخلال زيارته الأخيرة لهانوي في أبريل الماضي، شدد الرئيس التنفيذي للشركة، تيم كوك، على التزام آبل بتعزيز الاستثمار المحلي، ودعم الموردين، وإطلاق مبادرات مجتمعية وبيئية جديدة.

ويضيف: تمثل هذه الاتفاقية نقطة تحول استراتيجية لآبل، التي لطالما اعتمدت على الصين كمركز أساسي للإنتاج. لكنها، ومع تصاعد التوترات الجيوسياسية، بدأت بإعادة توزيع قدراتها التصنيعية، واضعة فيتنام في موقع متقدم ضمن خططها المستقبلية.

ويوضح أنه بموجب الاتفاقيات التجارية الجديدة، تستفيد آبل من بيئة أكثر مرونة، وإعفاءات جمركية، وسلاسة أكبر في سلاسل التوريد. وقد نقلت بالفعل جزءًا من إنتاج أجهزة iPhone وسماعات AirPods وساعات Apple Watch إلى مصانع فيتنامية تديرها شركات شريكة مثل Foxconn وLuxshare.

مع ذلك، يواجه هذا التوجه تحديات حقيقية، أبرزها محدودية البنية التحتية في بعض القطاعات الحيوية، مثل الطاقة والنقل والموانئ. إلا أن الدعم الأميركي المتزايد لفيتنام يشير إلى مسار تصاعدي يجعل منها مركزًا صناعيًا بديلًا في قلب جنوب شرق آسيا، وفق العمري.

ويختتم حديثه بقوله: تبقى شركة آبل نموذجًا على قدرة كبرى شركات التكنولوجيا على التكيّف مع المتغيرات العالمية، في سبيل تقليل المخاطر، وضمان الاستقرار، ومواصلة الإنتاج في بيئة جيوسياسية متقلبة.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق