مشهد من غزة.. أبٌ ينزف ويرفض العلاج لينقذ ابنته - هرم مصر

جريدة الايام 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

غزة - وكالات: داخل المستشفى الميداني الذي يفتقر لأبسط مقومات الحياة الصحية، وقف رجل خمسيني مغطى بالدماء، مثقل بالجراح، وجهه المرهق كان ناطقاً بكل ما عجزت الكلمات عن قوله، لكنه ثابت لا يطلب شيئاً لنفسه، رغم إصابته البالغة، كان يحمل كيس محلول بيده المرتجفة، يرفعه فوق رأس ابنته المصابة الممددة أمامه تنزف بصمت.
هذا المشهد المؤلم لم يكن عابراً، هذا الأب، الملطّخ بدمه، رفض أن يتلقى أي علاج قبل أن يطمئن على ابنته، مردداً كلماته التي هزّت مشاعر من حوله: "ما بدي أتعالج... بس خلّوا بنتي تعيش!".
كما أن هذه الصورة، التي وثّقتها العدسة في مدينة غزة التي تتعرض هذه الأيام لأبشع المجازر وأقوى الضربات، تختصر واقعاً يفوق التصوّر؛ واقعاً يقف فيه الأب بين الحياة والموت، لا من أجل النجاة، بل لأجل استمرار حياة ابنته.
في غزة، لا يملك الآباء ترف الألم، ولا الأمهات وقتاً للبكاء، كما أن الجراح تُؤجل، والمشاعر تُقمع، فكل ما يهمّ هو أن ينجو الأبناء من هذه المقتلة المتواصلة منذ أكثر من 20 شهراً.
الصورة المؤلمة، التي تُظهر أباً غارقاً بدمائه، أثارت موجةً عارمة من التفاعل والتضامن على منصات التواصل الاجتماعي، بعد أن نقلت للعالم جانباً جديداً من المعاناة اليومية التي يعيشها المواطنون في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل.
وتفاعل عشرات الآلاف من رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع الصورة، معبّرين عن صدمتهم من حجم الألم الإنساني الذي بات جزءاً من حياة العائلات الفلسطينية، فيما دعا مغردون إلى إعادة نشر الصورة على أوسع نطاق للضغط على الجهات الدولية والمؤسسات الحقوقية لكسر حالة الصمت والتجاهل.
كما تفاعل عدد من الفنانين والناشطين مع الصورة، بينهم رسامون رقميّون حوّلوا المشهد إلى لوحة فنية، ورسائل تضامن من كتاب وشعراء وصفوا المشهد بأنه "أيقونة الألم الإنساني في زمن العجز".
ونشر الصحافي الفلسطيني، عبد ماجد، الصورة عبر حسابه على "إنستغرام" وعلّق بالقول: "مُلطّخ بالدماء ومنهك يقف فوق وجعه.. من حوله الجرحى على الأرض بين الحياة والموت.. الأطباء منشغلون بالأعداد الكبيرة من الجرحى.. ولا دواء، ولا سرير، ولا وطن يحميهم، فقط الأمل في وجه الله.. هذه البنت الجريحة ممددة تنزف بصمت والأب يقف فوق وجعه وكأنه يقول: لا أريد أن أتعالج لكن أريد لابنتي أن تعيش".
كما علّق رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبدو، على الصورة بالقول: "جرحي وجرحك يا حبيبتي لا يهدآن، قلبي وقلبك يا حبيبتي توأمان.. هنا غزة حيث تذبح الإنسانية على مرأى العالم أجمع".
الصحافي ضياء أبو عون، كتب على صفحته بموقع "فيسبوك" تعليقاً على الصورة المؤلمة: "الأب مُلطّخٌ بدمائه منهك متماسكٌ فوق وجعه، وابنته المصابة ممددة أمامه تنزف بصمت ويقول: ما بدي أتعالج بس خلّوا بنتي تعيش..!".
"رحماء بينهم".. هكذا علّق الناشط واليوتيوبر الفلسطيني معتصم زقوت على الصورة المؤثرة، وقال: "لم تترك غزة شيئاً من الخيالات إلا وصدّرته لنا".
كما علّق الناشط الفلسطيني عمر نبهان بالقول: "هذه ليست مجرد صور، إنها حياة بشرية. لنرفع صوتنا من أجل العدالة والسلام في كل مكان".
وعلّق حساب "صور من التاريخ" على منصة التواصل الاجتماعي "إكس": "لا شيء يتغير.. غزة تنزف، والدم يبلل الأرض، والعالم ما زال يراقب ويصوّر ويوثّق.. ثم يعود لينام".
وقالت الفلسطينية آية حسونة، معلّقةً على الصورة: "جريحٌ يسعف جريحاً وكل يفدي الثاني بدمه، ويا لعنة الله على من آذاهم، يا جرحنا الأبدي يا غزة".
الفلسطيني شادي صبح علّق أيضاً: حب وأذى وموت وخوف، صورة تلخص هذه النظرة، إنها غزه بكل ما فيها".
الصورة لم تكن مجرد توثيق للحظة، بل تحوّلت إلى رمز أبوي وإنساني يعكس قدرة الإنسان على التضحية وسط الكارثة، هذا المشهد للأب الغزي الذي لم يطلب دواءً لنفسه، بل الحياة ابنته، هل سيجعل العالم يقف للحظة ويعيد النظر في إنسانيته؟

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق