- تعاون يتجاوز الشراكة التقليدية
وصل إلى جدة الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو في زيارة رسمية رفيعة المستوى تأتي في سياق تعزيز العلاقات الممتدّة بين الرياض وجاكرتا، وتركّز الزيارة على عدد من الملفات الحيوية، أبرزها الأمن الغذائي والتقنية، والصناعات الجديدة، وشؤون الحج والعمرة.
وأكد نائب رئيس المجلس الاستشاري الشعبي الإندونيسي الدكتور محمد هدايت نور، أن الزيارة الرئاسية تعكس عمق العلاقات الثنائية، وتُترجم الرغبة المشتركة في بناء شراكات إستراتيجية مستدامة بين البلدين.
كما تركّز الزيارة على تعظيم التعاون الاقتصادي الشامل بين البلدين، في مجالات تتصدّرها الأمن الغذائي، والتقنية، والاستثمار الصناعي. وتسعى جاكرتا إلى جذب استثمارات سعودية مباشرة، لزيادة إنتاج السلع الأساسية، لا سيما القمح والذرة والأرز، في ظل حاجة إندونيسيا المتزايدة لتأمين سلاسل الإمداد الغذائي، وتوفير بدائل إستراتيجية محلية.
وتُعد السعودية شريكاً رئيسياً في هذا التوجه، وتُبدي اهتماماً بتوسيع حضورها الاستثماري في آسيا، خصوصاً في القطاعات الزراعية والتصنيعية ذات القيمة المضافة. كما تتطلع إندونيسيا إلى شراكات سعودية في الصناعات الجديدة والتكنولوجيا، بما يشمل التحول الرقمي، والتقنيات الزراعية، والطاقة النظيفة، وهو ما يعكس تقاطع رؤى البلدين نحو اقتصاد متنوع ومستدام.
وتوقعت مصادر حكومية إندونيسية، أن تُفضي الزيارة إلى توقيع عدد من مذكرات التفاهم والاستثمارات المشتركة، تشمل القطاع الغذائي والتكنولوجي، إلى جانب تطوير المبادرات اللوجستية وسلاسل التوريد، التي تربط البلدين بأسواق جنوب شرق آسيا والخليج.
وفي جانب آخر، يتصدر ملف شؤون الحجاج الإندونيسيين أجندة الزيارة، إذ تهدف جاكرتا إلى تطوير تجربة حجاجها في المملكة، بالتنسيق والتعاون مع الجهات المختصة في المملكة.
ورافق الرئيس وفد رسمي من وزارة الشؤون الدينية ومؤسسة الحج، لعقد مباحثات مع نظرائهم السعوديين، وعند وصول الرئيس إلى مقر إقامته بجدة، التقى عددا من أبناء الجالية الإندونيسية، الذين عبّروا عن سعادتهم بالزيارة، وأملهم في أن تسهم في تعزيز أواصر التفاهم والتواصل بين الشعبين الشقيقين.
----
الاستفادة من الخبرات السعودية
----
في حوار سابق مع «عكاظ»، شدّد سفير إندونيسيا في الرياض، عبدالعزيز أحمد، على أن العلاقات السعودية - الإندونيسية تشهد نمواً غير مسبوق على جميع الأصعدة، مشيراً إلى أن البلدين يتقاسمان تطلعات مشتركة في قضايا التنمية، وتمكين الشباب، وتعزيز التعاون بين القطاعين الخاصين.
وأوضح السفير، أن جاكرتا ترى في الرياض شريكاً موثوقاً في الأمن الغذائي وتبادل التكنولوجيا والاستثمار، وأن هناك اهتماماً إندونيسياً، بزيادة الاستفادة من الخبرات السعودية في مجالات الطاقة المتجددة، والبنية التحتية، وإدارة المدن الذكية.
وأضاف أن عدد الحجاج والمعتمرين من إندونيسيا تجاوز في السنوات الأخيرة مليونَي زائر سنوياً، وأن المملكة قدمت تسهيلات لوجستية وتنظيمية كبرى، مثمناً المبادرات النوعية التي أطلقتها وزارة الحج السعودية، لتحسين تجربة ضيوف الرحمن.
كما تأتي الزيارة ضمن سياق انعقاد المجلس التنسيقي الأعلى بين السعودية وإندونيسيا، الذي أُطلق عام 2023، ويهدف إلى تعزيز التعاون في مجالات الطاقة، والمعادن، والتنمية البشرية، والاستثمار، والتعليم، فضلاً عن الأمن الغذائي والتقنيات الحديثة.
زيارة الرئيس برابوو إلى جدة، كما يراها مراقبون، تُعدّ محطة نوعية في مسار العلاقات السعودية - الإندونيسية، وتفتح آفاقاً رحبة لشراكة إستراتيجية تتكامل فيها مصالح البلدين، وتدعم استقرارهما ونموهما في ظل التحديات الإقليمية والدولية.
أخبار ذات صلة
0 تعليق