للإحرام عدَّة محظوراتٍ يجب على المسلم اجتنابُ فعلها إذا كان مُحرِمًا، ومنها تغطية الرأس للرَّجل، والأصل في ذلك حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أَنَّ رجلًا قال: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَلْبَسُ الْقُمُصَ، وَلَا الْعَمَائِمَ» متفق عليه.
رداً على سؤال جاء فيه: "ما حكم لبس قبعة المظلة الشمسية المثبتة على الرأس للمحرم؟ فقد ذهب رجل لأداء فريضة الحج، واشتد عليه حرُّ الشمس، ولم يجد ما يحتمي به غير ما أعطاه له صديقه من قبعةِ المظلَّة الشمسيَّة القابلة للطَّي، والتي تثبت على الرأس بشريط مطاط، وتبقى مرتفعةً عن الرأس غير ملامسةٍ له، فاستعملها خلال أداء المناسك، فهل ما فعله يوجب عليه الفدية؟"
أوضحت دار الإفتاء بأن العلماء اجمعوا على وجوب امتناع المُحرِم من تغطية رأسه. أم بالنسبة لقُبَّعة المِظلَّة الشمسية -محل السؤال- إنما تستعمل للاستظلال من الشَّمس دون أن تُلامس الرأس، وذلك بأن تثبَّت على الرأسِ بشريطٍ ماسكٍ مَطَّاطٍ محيطٍ بالجبهة والرأس أشبه ما يكون بالسيور والعصابة الصغيرة، وبه أعوادٌ ترفع الشمسية فوق الرأس، مما يغني عن إمساكها باليد، كما هو واردٌ في السؤال ومشاهدٌ في الواقع.
وتشتمل تلك المظلة المثبتة على الرأس على عدَّة أمورٍ يدور حكمها مع حكم التلبس بتلك الأشياء حال الإحرام، وهي: الاستظلال، والتغطية، والشد على الرأس.
والاستظلال من الشمس حال الإحرام: فإن كان بشيءٍ ثابتٍ كالسَّقف والجبل والخيمة والشجر وأمثالها فهو مِن جملة المباحات للمُحرِم بإجماع الفقهاء.
وأمَّا تغطية الرأس: فقد ضبط الفقهاءُ المحظورَ منها حال الإحرام بما يكون مما جرى العرف بتسميته غطاءً كالعمامة والقبَّعة، كما ضبطوه بما كان ملاصقًا للرأس غير متجافٍ عنها، وهو ما لا يتحقَّق التلبس به باستعمال الشمسيَّة المثبتة على الرأس.
والمراد بستر الرأس: تغطيتها بما يُغطى به عادةً كالثوب، احترازًا عن شيءٍ لا يُغطى به عادةً كالعِدل، والطبق، والإِجانة] اهـ.
أما وضع العصابة على الرأس: ممنوع ومحظور على المحرم عند جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز للمُحرِم شرعًا استعمالُ قبعة المظلة الشمسية المثبتة على الرأس بشريطٍ مطاطٍ إذا لم يتيسر له استعمال غيرها مما يصرف عنه حرارة الشمس، باعتبار أنَّ ما فيها من شريطٍ ماسكٍ مثبَّت على الرأس لا يستر من الرأس إلا النزر اليسير الذي لا يصل إلى مقدار ربع الرأس.
ويلزم المُحرِم إذا استعملها يومًا كاملًا إخراج الصَّدقة دون الفدية، وتُقدَّر بكيلو جرام واحد وستمائة وخمسة وعشرين جرامًا من البُر أو قيمة ذلك مالًا، والأَوْلَى له استعمالُ الشمسية المحمولة باليد بدلًا عن تلك المثبتة على الرأس، باعتبار أن الخروج من خلاف الفقهاء مستحب.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل
0 تعليق