تمر اليوم الذكرى السادسة لرحيل الفنان الكبير عزت أبو عوف، أحد أبرز رموز الفن في مصر، والذي جمع بين الطب والموسيقى والتمثيل، ليقدم رحلة فنية وإنسانية متفردة حفرت اسمه في قلوب الجمهور، لم يكن مجرد فنان، بل حالة فنية شاملة تميزت بالرقي والثقافة والقدرة على التأثير في وجدان المصريين.
النشأة والبداية
وُلد عزت أبو عوف في 21 أغسطس 1948 بحي الزمالك في القاهرة، لأسرة تنتمي إلى الطبقة المثقفة، فكان والده الموسيقار أحمد شفيق أبو عوف، وهو ما زرع فيه حب الفن منذ الصغر ورغم عشقه للموسيقى، اختار دراسة الطب وتخرج في كلية الطب، تخصص أمراض نساء وتوليد، وعمل طبيبًا لعدة سنوات قبل أن تقوده موهبته إلى عالم الفن.
من الموسيقى إلى النجومية
في سبعينيات القرن الماضي، أسس عزت أبو عوف واحدة من أشهر الفرق الغنائية الشبابية في مصر، وهي فرقة "فور إم" التي ضمت شقيقاته الأربعة: منال، مها، ميرفت، ومنى. قدمت الفرقة لونًا غنائيًا مختلفًا، وكان لها تأثير بارز في المشهد الفني، حيث مزجت بين الأصالة والتجديد، وحققت نجاحًا جماهيريًا كبيرًا استمر حتى منتصف الثمانينيات.
دخول عالم التمثيل
رغم أن بداياته كانت موسيقية، فإن موهبته التمثيلية لفتت الأنظار سريعًا. كانت انطلاقته السينمائية في فيلم "أيس كريم في جليم" عام 1992 أمام عمرو دياب، لتتوالى بعده الأعمال السينمائية والتلفزيونية.
شارك في أكثر من 200 عمل، من أبرزها أفلام: "طيور الظلام"، "عبود على الحدود"، "عمر وسلمى"، "حين ميسرة"، ومسلسلات مثل "هوانم جاردن سيتي"، و"أوبرا عايدة"، و"ظل الرئيس"، و"العمة نور".
وجوه متعددة
لم تقتصر مسيرة عزت أبو عوف على التمثيل والموسيقى فقط، بل قدم أيضًا برامج تلفزيونية ناجحة مثل "القاهرة اليوم" إلى جانب الإعلامي عمرو أديب، و"هرم الأحلام". كما تولى رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لعدة دورات منذ عام 2008، وساهم في تطويره واستضافة عدد من النجوم العالميين، مما جعله علامة مميزة في المشهد الثقافي المصري.
الحياة الشخصية
تزوج عزت أبو عوف من حبيبته فاطيما في سن مبكرة، واستمر زواجهما لأكثر من 37 عامًا حتى رحيلها في 2012، مما سبب له أزمة نفسية حادة دخل بسببها المستشفى عدة مرات. لاحقًا، تزوج من مديرة أعماله "أميرة" لفترة قصيرة قبل أن تتدهور حالته الصحية، ويبتعد تدريجيًا عن الأضواء.
رحلة المرض والوداع الأخير
عانى أبو عوف في سنواته الأخيرة من مشكلات في القلب والكبد، وأُجريت له عملية قلب مفتوح، كما تعرض لأزمات صحية متكررة أثرت على قدرته على العمل. رحل عن عالمنا فجر 1 يوليو 2019 داخل أحد مستشفيات المهندسين، وشيّع جثمانه من مسجد السيدة نفيسة، ودُفن في مقابر العائلة وسط حالة من الحزن في الوسط الفني والجمهور.
ترك عزت أبو عوف خلفه إرثًا فنيًا ضخمًا، وإنجازات لم تقتصر على الشاشة فقط، بل امتدت إلى الموسيقى والإعلام والمهرجانات. عرف بثقافته الواسعة، وتواضعه، وحضوره المحبب لدى الجميع، وظل طوال مشواره رمزًا للرقي والتميز.
0 تعليق