غالبا ما توصف غابات الأمازون بأنها أحد أكثر أنظمة تنظيم الكربون فعالية على كوكب الأرض. إلا أن البيانات الحديثة تُشير إلى أن قدرتها على امتصاص الكربون تراجعت، كما باتت تتركز بشكل متزايد في أماكن محددة.
ويوضح تقرير، استند إلى بيانات الأقمار الصناعية، أنه بين عامي 2013 و2022 لم يكن امتصاص الكربون الصافي للغابات تقريبا من المنطقة الإحيائية بأكملها، بل من نصفها الخاضع للحماية أو رعاية السكان الأصليين.
وفقا للتقرير الصادر عن منظمة "أمازون كونسيرفيشن" (Amazon Conservation) استند إلى بيانات الأقمار الصناعية من "بلانيت" (Planet)، فقد امتصت هذه المناطق 257 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون، مما عوض انبعاثات 255 مليون طن من بقية الغابة.
وحللت البيانات في التقرير كيفية تغير مستويات الكربون فوق الأرض في 6 آلاف منطقة محمية وأراضي السكان الأصليين في جميع أنحاء الأمازون بين عامي 2013 و2022. وتغطي المناطق المحمية في الأمازون وأراضي السكان الأصليين حاليا ما يقرب من النصف (49.5%)، في حين تشمل المناطق غير المحمية الباقي، أي 424 مليون هكتار.
وبشكل عام، تُبرز النتائج عدم التناسق الهيكلي في استخدام أراضي الأمازون. فالمناطق المحمية وأراضي السكان الأصليين، التي تغطي أقل من نصف المنطقة الأحيائية، تخزن حوالي 60% من الكربون السطحي.
إعلان
وقال مات فينر، المؤلف الرئيسي للتقرير ومدير مشروع مراقبة الأمازون التابع لمنظمة الحفاظ على البيئة، لموقع مونغاباي "إن المناطق المحمية والأراضي الأصلية تمثل تقريبا تعويضا عن الانبعاثات المتزايدة في الخارج".
وحسب التقرير، تتركز بعض أعلى المخزونات في شمال غرب الأمازون، وخاصة في كولومبيا والبرازيل وسورينام وغويانا الفرنسية. ورغم أن العديد من هذه المناطق لا تواجه ضغطا مباشرا من إزالة الغابات، فإنها تعمل بهدوء كمصارف أساسية للكربون.
مع ذلك، نادرا ما يُدرج دور المناطق المحمية في نماذج تمويل المناخ، حسب التقرير، إذ تُركز آليات تعويض الكربون عادة على ما تسمى "الانبعاثات المُتجنبة"، أي الكربون المُوفر من خلال منع التدمير.
مخاطر التجاهل
وتعدّ هذه الآليات المناطق غير المُهددة غير مؤهلة للتمويل، رغم وظيفتها المستمرة في عزل الكربون، وهذا يترك الغابات السليمة، مهما كانت فعّالة في امتصاص الكربون، خارج نطاق أسواق الكربون الحالية إلى حد كبير.
كما يبرز التقرير أن بعض المناطق المحمية ليست جميعها أحواضا أو مخازن لانبعاثات الكربون، مثل "ألتو بوروس" في بيرو، الذي يُظهر خسائر في الكربون مرتبطة على الأرجح بأسباب طبيعية. في حين شكّلت مناطق أخرى، وخاصة في بوليفيا وفنزويلا، مصادر صافية لانبعاثات الكربون.
وتخسر غابات الأمازون مناطق واسعة سنويا، إذ أظهر تحقيق حديث أن التوسع الزراعي بين عامي 2013 و2023 في ولايتين برازيليتين فقط أدى إلى إزالة 27 مليون هكتار، وهي مساحة بحجم المملكة المتحدة.
وتشير تقارير وتحقيقات إلى أنه يتم إشعال العديد من الحرائق عمدا لإخلاء الأراضي للمزارع والمنتجات الزراعية، خاصة فول الصويا وكذلك تربية الماشية، وذلك خدمة للأعمال التجارية لشركات اللحوم والأغذية المحلية والمتعددة الجنسيات.
إعلان
ويخلص تقرير "أمازون كونفرسيشن" بناء على تحليلاته إلى أن جهود الحفاظ على البيئة القائمة على الإدارة الرشيدة، لا مجرد تجنب التهديدات، قد تكون من أكثر الطرق موثوقية للحفاظ على مرونة المناخ.
ويؤكد أنه إذا استمرت أطر التمويل الحالية في تجاهل غابات الأمازون المحمية، فقد يُهمل جزءا حيويا من البنية التحتية الطبيعية للكربون على كوكب الأرض، بما يشكله ذلك من مخاطر كبيرة.
0 تعليق