
صالح أبو مسلم
صالح أبو مسلم
بعد مرور ١٢ يومًا من الهجوم الإسرائيلي المباغت والمخادع على إيران، وبعد هذا الدمار الذي لحق بكل من إيران وإسرائيل، وبعد استهداف الموساد الإسرائيلي للكثير من القيادات والعلماء الإيرانيين، بل وبعد قنابل أمريكا التي أصابتِ المنشآت النووية في فوردو ونطنز وأصفهان، خرج المرشد الإيراني علي خامنئي بخطاب متلفز وجَّهه إلى الإيرانيين وإلى بلدان العالم ليعلن انتصاره على أمريكا وإسرائيل، مقللًا من أهمية الضربات الإسرائيلية والأمريكية على المنشآت النووية، ومعبرًا أيضًا عن سعادته بتوحيد الأمة الإيرانية ضد الهجوم الإسرائيلي الأمريكي الغاشم على بلاده، ومع ذلك فقد حمل خطابه رسالة إيجابية يطلب فيها الانخراط في المفاوضات مع وجود ضمانات من أمريكا ودول الغرب، ومع وجود الرئيس الإيراني «مسعود بزشكياني» وحكومته المنفتحة على أمريكا والغرب، يمكن أن تكون المفاوضات أسهل من قبل الحرب، وذلك بسبب معارضة القيادات التي تمت تصفيتها من جانب الموساد الإسرائيلي وأعوانه، والتي وُصفت بالتشدد مع أمريكا والغرب.
وفي المقابل فإن أمريكا تعلن انتصارها أيضًا بعد تمكنها من ضرب المنشآت النووية، كما أن إسرائيل أيضًا تعلن عن طريق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو أنها انتصرت في تلك الحرب، ووفقًا لأحداث تلك الحرب التي طالتِ الكثير من الأهداف الإيرانية، فإن إيران -وفقًا لآراء الخبراء والمحللين- هي مَن طلبت من أمريكا وشركائها الغربيين إيقاف تلك الحرب، ما جعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يستخدم نفوذه لإيقاف القصف الأمريكي والإسرائيلي على إيران. وما يزيد الأمر تعقيدًا بعد هذا التقارب مع أمريكا والغرب، أن إيران أعلنت مؤخرًا عبر برلمانها تعليق التعاون مع وكالة الطاقة الذرية، والأخطر من ذلك هو إعلانها عن نيتها في الخروج من معاهدة حظر الانتشار النووي، وهو الأمر الذي أزعج الأوربيين الذين يشددون على تعاون إيران في الملف النووي، لمعرفة مزيد من التفاصيل حول نسبة اليورانيوم المخصب، وإثبات حسن النوايا من جانب ايران، وهو ما شددت عليه القمة الأوروبية في بروكسل، تلك القمة التي أكدت على عدم السماح لإيران بامتلاك أسلحة نووية أو حتى التخصيب بنسب عالية.
ولربما تكون إيران بعد القصف الذي تعرضت له، وصمودها أمام إسرائيل وأمريكا، قادرة على أن تفرض شروطًا قوية خلال التفاوض المرتقب، فلربما تتعلق شروطها بزيادة نسبة التخصيب، ومطالبة أمريكا والغرب برفع العقوبات الاقتصادية، ومنها حريتها في بيع الغاز والنفط، الأمر الذي يدلل على وجود عواقب كثيرة حول التفاوض، وانتظار كيفية تلك العواقب لإحداث التصالح المطلوب بين إيران من جهة، وأمريكا وإسرائيل من جهة أخرى. ومع المعارضة والحكومة المعتدلة برئاسة مسعود بزشكياني المنفتحة مع أمريكا والغرب، فإن التيار المتشدد في إيران لا يزال قويًّا، مع إمكانية أن يعود إلى الواجهة بموافقة من المرشد الإيراني لإفساد أي توافق إيجابي بين أمريكا والغرب، هذا في الوقت الذي تعلن فيه إيران عن ضعف الضربات الأمريكية، وإمكانية عودتها سريعًا إلي التخصيب الذي قد يضطر معه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للقيام بعمل عسكري مكمل داخل إيران، فهل يتفادى العقلاء في إيران هذا السيناريو الأسوأ؟
0 تعليق