في غزة.. تُهدم البيوت وتُبنى القبور! - هرم مصر

جريدة الايام 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتب خليل الشيخ:


"أعتاش من بناء القبور وتجهيزها لدفن عشرات الشهداء يومياً"، هكذا قال الشاب رأفت ياسين (30 عاماً) الذي توقف عمله في بناء البيوت والمنازل في قطاع غزة، مع بداية العدوان الإسرائيلي، في السابع من تشرين الثاني 2023.
وأضاف: "قبل العدوان كنت من أبرز العاملين في بناء المنازل والأبراج في خان يونس، والآن يبدو أن الشهرة تلاحقني في بناء القبور أيضاً".
ويتلقى ياسين نحو 100 شيكل عن عمله في تجهيز قبور جديدة برفقة مجموعة أخرى من الشبان الباحثين عن مصدر للدخل، في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع غزة.
ويعاني القطاع من أزمة قبور بسبب العدد المتزايد من الشهداء يومياً، في وقت تمنع قوات الاحتلال دفن الشهداء في مقابر تقع بأماكن سيطرت عليها.
ودفعت هذه الأزمة أشخاصاً متطوعين وذوي اختصاص في تحديد مساحات أراضٍ غير مملوكة للمواطنين، لإنشاء مقابر جديدة، لا سيما في منطقة غرب خان يونس.
وتابع ياسين: "كل يوم تُهدم عشرات المنازل ويستشهد عشرات المواطنين وبالمقابل يجب أن نقوم ببناء العشرات من القبور لدفن هؤلاء الشهداء"ـ مشيراً إلى أن "الحياة تتلاشى تدريجياً في غزة، فبدلاً من بناء العمارات والمباني الجميلة نقوم ببناء قبور بأحجار قديمة من ركام ومخلفات المباني المقصوفة"، وعبّر عن حزنه للواقع المأساوي الذي يمر به قطاع غزة.
ويعتبر الوضع شمال القطاع أكثر تعقيداً بسبب صعوبة إنشاء مقابر جديدة في منطقة تكتظ بالركام والنازحين، وتقل المساحات التي يمكن تخصيصها لإنشاء المقابر.
وبيّن نافذ خضر (44 عاماً) أنه واجه مصاعب كبيرة بدفن أقاربه الذين قضوا في قصف إسرائيلي على بلدة جباليا الأسبوع الماضي.
وقال: "المقابر المقامة شمال القطاع تقع في مناطق جباليا وبيت لاهيا، وجميعها تحت سيطرة جيش الاحتلال باستثناء مقبرة "الشيخ رضوان" في مدينة غزة التي لم تعد تتسع للكم الكبير من الشهداء".
وأوضح خضر أنه اضطر لدفع مبلغ تراوح بين 800 و1500 شيكل على كل قبر للمتعهد في المقبرة، مشيراً إلى أن اختلاف المبلغ ارتبط بمدى الجهد والعمل لإنشاء قبر جديد.
ويقوم المتعهد بفتح قبور قديمة ومحاولة إيجاد متسع لمتوفى جديد في نفس القبر. ويحاول ذوو شهداء وميتين دفن موتاهم في أراضٍ خاصة تعود لهم أو لأقاربهم بشكل مؤقت في هذه الفترة التي تشهد سيطرة قوات الاحتلال على معظم مناطق شمال القطاع ومدينة غزة، إلى حين انسحابها.
ولا يزال عدد من الشهداء مدفونين في مساحات منازل وأبنية مدمرة، إلى حين انتهاء الأزمة.
"في كل بقاع الأرض يخطط الناس لمستقبل أبنائهم وذويهم، ولكن في غزة يخططون لبناء القبور الجديدة"، قال المواطن أبو عثمان في الثلاثينيات من عمره، بنبرة من الحزن وفقدان الأمل.
وأضاف: "تخيّل أن الناس كانت تبني المنازل والوحدات السكنية والآن يجتهدون في بناء القبور، وبالكاد يجدون مكاناً لها".
ويواصل مواطنون ومتطوعون بذل جهود كبيرة في التنسيق مع مؤسسات وجمعيات من أجل تمويل مشروع إنشاء مقابر في مناطق مسموح بها ومناسبة، وسط مساحات الدمار والنزوح الشاسعة في قطاع غزة.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق