بعد اثني عشر يومًا من المواجهة العسكرية المتبادلة بين إيران وكيان الاحتلال، والتي شملت ضربات صاروخية وهجمات بالطائرات المسيّرة، بالإضافة إلى قصف أمريكي استهدف منشآت نووية إيرانية، دخل وقف إطلاق نار شامل حيّز التنفيذ يوم الثلاثاء.
الهدنة، التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، جاءت عقب وساطة مكثفة لعبت فيها قطر والولايات المتحدة دورًا محوريًا، وسط تصعيد غير مسبوق بين الجانبين.
الأجواء في إيران بعد الهدنة
في طهران وعدد من المدن الإيرانية، بدأت مظاهر الحياة تعود تدريجيًا، وسط حالة من الحذر والترقّب الشعبي.
استؤنفت بعض الأنشطة اليومية، وبدأت المطارات المتضررة تستعيد عملها شيئًا فشيئًا، في حين أعلن موقع "نور نيوز" الإيراني إعادة فتح المجال الجوي الإيراني، وأكدت مصادر أن مطار بن غوريون التابع لكيان الاحتلال عاد للعمل بشكل طبيعي.
ومع ذلك، ما زال الشارع الإيراني يعيش تخوفًا من عودة التصعيد، خصوصًا بعد ليالٍ من القصف المكثف، وتبعات اقتصادية ونفسية لا تزال واضحة على المشهد العام.
وفي هذا السياق، قالت "زهراء"، طالبة دراسات عليا من مدينة أصفهان: "الهدنة خطوة جيدة، لكن هل نثق بكيان الاحتلال؟ لا أظن. هذه ليست نهاية القصة".
كما أُعلن عن رفع تدريجي للقيود على الإنترنت، والتي كانت قد فُرضت مع بدء الحرب، ما يشير إلى محاولة حذرة لإعادة الوضع إلى طبيعته.
ادعاءات "النصر" وتبعات الحرب
كلا الطرفين، إيران وكيان الاحتلال، أعلن تحقيق "نصر" بعد نهاية المواجهة. فقد وصفت القيادة الإيرانية نهاية الحرب بأنها "نصر تاريخي"، فيما تحدّث رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو عن "انتصار سيسجّله التاريخ".
في المقابل، كشفت السلطات الإيرانية عن مقتل 610 أشخاص وإصابة 4,746 آخرين جراء الغارات الإسرائيلية، مؤكدة تمسّكها ببرنامجها النووي باعتباره "مسألة كرامة وسيادة وطنية".
وعقب استهداف منشآت نووية إيرانية، صعّد البرلمان الإيراني من لهجته تجاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبدأت طهران فعليًا بإعادة تقييم علاقتها بها.
هشاشة الهدنة والمخاوف المستقبلية
رغم بدء سريان الهدنة، إلا أن خروقات مبكرة سُجّلت خلال الساعات الأولى، حيث تبادل الطرفان الاتهامات بخرق الاتفاق.
ذكرت تقارير أن إيران أطلقت صاروخًا على فلسطين المحتلة بعد دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، وردّ كيان الاحتلال بقصف أهداف داخل طهران.
هذا التوتر المبكر يعكس هشاشة الاتفاق، ويطرح تساؤلات حول مدى صموده، ما لم تُبذل جهود دبلوماسية متواصلة لتثبيته.
من جهته، يبدو أن جيش الاحتلال يعيد تركيزه نحو غزة، بينما تبقى قوات الحرس الثوري والجيش الإيراني في حالة تأهب، وسط تقييم شامل للأداء القتالي والتنسيق الدفاعي.
ويُجمع مراقبون على أن الضغط الأمريكي بقيادة ترمب كان حاسمًا في الوصول إلى هذه الهدنة، إلا أن استمرارها يرتبط بمتغيرات إقليمية حساسة يصعب التنبؤ بها.
عودة محفوفة بالمخاطر
إن عودة الحياة في إيران بعد هذه المواجهة تمثل عملية معقدة ومحفوفة بالمخاطر، حيث لا يزال المشهد السياسي والعسكري في المنطقة مفتوحًا على جميع الاحتمالات.
ويرى محللون أن هذه الهدنة، رغم أهميتها، لا تعني نهاية الصراع، بل قد تشكّل مجرد استراحة مؤقتة في انتظار جولة جديدة من التصعيد.
0 تعليق