مع نهاية المواجهة العسكرية التي استمرت 12 يوما بين إسرائيل وإيران، تتجه الأنظار نحو الداخل الإسرائيلي، حيث فرضت نتائج الحرب واقعا سياسيا جديدا على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يسعى الآن لترسيخ مكاسبه الأمنية في مقابل أزماته الائتلافية والسياسية.
وبينما أعلنت إسرائيل التزامها بوقف إطلاق النار ما دام الجانب الإيراني يلتزم به، تشير التصريحات الرسمية إلى أن بنك الأهداف لم يُغلق بعد، وأن الأولويات بدأت تتحول تدريجياً إلى ملف غزة والرهائن.
حرب غيّرت الحسابات... وفتحت باباً لفرص جديدة
يرى الدبلوماسي الإسرائيلي السابق مائير كوهين أن الضربات ضد إيران "حققت إنجازات استراتيجية لإسرائيل"، وأن المرحلة المقبلة ستكون مختلفة على كل المستويات، مضيفاً: "ما قبل الحرب مع إيران ليس كما بعدها. هناك فصل جديد في العلاقات مع الإدارة الأميركية، وفي ترتيب أولويات الأمن القومي الإسرائيلي".
وأكد كوهين أن الاتصال الهاتفي بين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي دعا فيه الأخير إلى وقف العمليات، شكل نقطة تحول في المسار العسكري والدبلوماسي.
هل أنقذت الحرب حكومة نتنياهو؟
بالرغم من الانتقادات الواسعة التي طالته خلال الحرب على غزة، تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن نتنياهو خرج من المواجهة مع إيران في وضع سياسي أكثر ارتياحا.
وقال كوهين في حديث لسكاي نيوز عربية إن "نتنياهو بات الآن في موقع أقوى سياسيا"، لافتا إلى أن النجاح في إقناع إدارة ترامب بالمشاركة في ضرب المنشآت النووية الإيرانية عزز من صورته داخليا.
لكنه أشار في المقابل إلى أن "اليمين المتطرف لا يزال منقسما حول مدى التزام نتنياهو بفرض شروطه الكاملة في الحرب، سواء في إيران أو في غزة".
التحدي المقبل: غزة والرهائن
رغم إعلان وقف إطلاق النار مع إيران، بقيت جبهة غزة خارج الاتفاق. ويؤكد كوهين أن السبب يعود إلى تعقيدات ملف الرهائن، ورفض حماس الشروط التي طرحتها واشنطن عبر مبعوثها ويتكوف.
وأضاف: "لا يمكن لإسرائيل إنهاء الحرب أو إعادة إعمار غزة دون حل ملف الرهائن، وحماس هي العائق الرئيسي حالياً".
ويرى كوهين أن نتنياهو "ربط مصيره السياسي بمصير هذه الحرب"، مشيراً إلى أن طول أمد المواجهة قد يعزز موقعه في الداخل، لكنه في الوقت ذاته سيزيد الضغط عليه من الإدارة الأميركية المطالِبة بإنهاء الحرب وفتح مسارات دبلوماسية جديدة في المنطقة.
بعد طهران... هل تكرّر واشنطن موقفها في غزة؟
وفي رده على سؤأل عما إذا كان الرئيس الأميركي قد يُكرّر تدخله في حال استمرار الحرب على غزة، كما فعل في إيران. ورد كوهين قائلاً: "ترامب وجّه رسالة واضحة لنتنياهو بضرورة إنهاء الحرب، وفتح الباب أمام السلام مع السعودية وتحقيق إنجاز إقليمي كبير".
وأكد أن هذا المسار يشكل أولوية للرئيس الأميركي الذي يسعى إلى "تتويج ولايته بجائزة نوبل للسلام"، مشيراً إلى أن أي تصعيد جديد قد يصطدم بالرؤية الأميركية الحالية.
مستقبل نتنياهو... في يد غزة والناخب الإسرائيلي
حول مصير رئيس الوزراء، قال كوهين إن نتنياهو نفسه ربط استمراره السياسي بما ستؤول إليه الحرب في غزة. وأضاف:"الانتخابات قادمة، والشارع الإسرائيلي هو من سيحسم مستقبل نتنياهو".
وختم بالقول إن الرهائن المحتجزين في القطاع يظلون العامل الأكثر تأثيراً في الموقف الداخلي، داعياً إلى تسوية عاجلة "تُنهي الأزمة وتعيد الاستقرار".
0 تعليق